تُطلق مفردة السوق في العرف العام على المكان الذي يجتمع فيه الناس للبيع والشراء من غير تعيين بضاعة ولا تخصيص زمان . وليس الفرق بين ( فوار ) FOIRE ، وبين ( مارشيه ) MARCHE بالفرنسية كبيرا ، لأن ( فورام ) باللاتينية يراد به محل اجتماع الناس . ولو دققنا فى مفردة ( السوق ) بالعربية لوجدناها يُراد بها هذا المعنى ( مارشيه ) من ( مارش ) الإنجليزية ومعناه الزحف أو الخطو . وقالت بعض المعاجم العربية ذلك لأن الناس ( تُساق ) أو تزحف إلى هناك على " سوق " أى سيقان الأرجل . ذلك كان قديما . سوق الشيوخ وسوق الغرب . وعلى هذا المفهوم جاءت كلمة السوق لتُطلق على أمكنة ونواح جغرافية وعلى أيام الأسبوع مثل سوق الخميس وسوق الأربعاء إلى آخره . ووجدنا أن الإنجليزية لم تُغفل " الركض " أو العدْو نحو السوق فحوّرت كلمة ( مارشيه ) إلى ( ماركيت ) . وحسب بعض التفاسير المعجمية فقد كانت الناس تعدو أو تزحف أو تنساق ( مارش ) إلى سوق المدينة أو القرية للتزود بالغذاء والسلع . آتي الآن إلى الموضوع . فالمؤلم أن المطويّات والإعلانات التي نراها عند اقتراب الإجازات الصيفية ، والتي تُعلن عنها شركات السياحة ووكالات السفر، تتحدّث عن زيارات عواصم السياحة " للتسوّق " وكأن هموم الناس أصبحت في ماذا يُشترى من جديد الموضة . كأن مصاعب العيش زالت كلها ولم يبق إلاّ اختيار نوع الملابس والعطور وأدوات الزينة . تظهر فواتير المشتريات عند العودة إلى الوطن وقد خلت من العقل والحكمة ، لأننا اشترينا ما لا يلزمنا على حساب ما يلزمنا ، ولو تفحص العقلاء الفواتير تلك لأقرّوا حماقة من اشتراها بأسعار عواصم السياحة وهى موجودة فى بلادنا دون شدّ الرّحال وإعطاء الربح والمنفعة إلى تلك البلدان وتشجيع الضرائب المضافة . لا بأس أن يسافر المرء وأهله للترفيه والفرجة والاستمتاع والراحة والتجوال والاطلاع على المعالم ضمن برامج ثرية وحيّة . كما يفعل الغربيّ إذا اختار الرحلة السياحية . لا أعرف لماذا نقرن مُتعتنا بالتسوّق . مع أنها ( أي التسوّق ) ، قد حصر الشاعر متعة السفر بقوله : - تفرّج همّ واكتسابُ معيشةٍ * وعلم وآداب وصحبة ماجِدِ