أخلت مصانع الحديد بعقودها المبرمة ورفعت أسعارها بنسبة كبيرة حيث اشتكى مقاولون من عدم التزام المصانع بعقودها الموقعة معهم على الرغم من استلامهم الدفعات المقدمة منذ فترة طويلة لتزويدهم بالكميات الحديدية المتعاقد عليها وطلبهم زيادة عن الأسعار المتفق عليها سلفاً مما سوف يعرض المقاولين لخسائر كبيرة نتيجة عدم التزام المصانع بعقودها. وأفاد العديد من موزعي الحديد إن المصانع ستبدأ في توريد حديد التسليح ابتداء من غد السبت بعد أن تم إعلان الأسعار الجديدة المرتفعة إلا أنهم قالوا إن المصانع ستزودهم بربع كميات الحصص الشهرية المخصصة لهم مما سيؤدي إلى استمرار شح الحديد في الأسواق حيث تشير مصادر في صناعة الحديد إلى إن المصانع لن تورد كامل كميات الحصص الشهرية للموزعين إلا بعد الوصول بالأسعار بشكل تدريجي إلى السعر المستهدف والمتوقع أن يكون في حدود 3500 ريال للطن. وفي الأسواق الدولية استقرت أسعار حديد التسليح بسعر 700 دولار للطن حيث كانت في شهر يناير الماضي 480 دولاراً للطن. وقال ل"الرياض "المهندس الاستشاري منصور عبدالله الشثري إن الإحصاءات التي تم نشرها موخرا عن حجم صناعة الحديد في المملكة تعبر عن حديد التسليح المنتج من وحدات الدرفلة وهذا لا يعتبر إنتاجا للحديد بل هو درفلة حديد . مضيفا إلى انه لا يوجد في المملكة سوى مصنع حديد سابك والباقي مصانع درفلة حديد والتي تكون أسعار منتجاتها خاضعة بشكل كامل إما لتجار حديد السكراب أو مصدري كتل الحديد فمثلا حينما يتم استخراج خام مكورات الحديد من مناجم البرازيل يتم تصديره لتركيا ليتم تصنيع كتل الحديد ثم تصدير تلك الكتل إلى المملكة حيث تقوم مصانع الدرفلة بتحويلها إلى حديد تسليح أو أي منتجات حديد أخرى . وحذر من استمرار قيام المصانع التركية باستغلال تنامي الطلب على الحديد في المملكة والدول المجاورة وقيامهم برفع أسعار كتل الحديد بشكل كبير يزيد عن ضعف الزيادة التي تمت موخرا في تكلفة المواد الأولية حيث إن مصانع الدرفلة الوطنية مضطرة لشرائه بالأسعار العالية لتواكب الطلب محليا. وعن إمكانية تحقيق المملكة الاكتفاء الذاتي من منتجات الحديد في المملكة قال الشثري انه على الرغم من إن المملكة بلد مصدر للطاقة والتي يعتمد عليها إنتاج الحديد بشكل كبير إلا أن الوضع الحالي لكميات إنتاج الحديد ضعيف في المملكة مقارنة بحجم اقتصادها ولا يغطي إلا اقل من نصف احتياجاتها من منتجات الحديد المختلفة . مطالبا بأن تكون هناك خطة وطنية لتحقيق ذلك الهدف ومنها سرعة دعم مصانع الدرفلة لتحويلها لمصانع حديد متكاملة قادرة على تحويل خام الحديد المستخرج من المناجم إلى منتجات حديد طويلة ومسطحة وكذلك قيام وزارة البترول بسرعة تخصيص الغاز لها وتزويدها من شركة الكهرباء بالطاقة الكهربائية الكافية لمصانعها وقيام وزارة التجارة بضبط تجارة سكراب الحديد ومنع تخزينه وتخصيصه لمصانع الحديد وتخصيص كامل إنتاج منجم الحديد المتوقع إنتاجه بعد عامين في منطقة تبوك لمصانع الحديد الوطنية. وأشار إن من شأن قيام صناعة حديد وطنية متكاملة أن يحافظ ذلك على استقرار أسعار المنتجات الحديدية في المملكة حيث إن مصانع الحديد المتكاملة تقل فيها التكلفة كثيرا عن مصانع درفلة الحديد. وعن الزيادة الحالية في أسعار الحديد وهل تعكس الزيادة الناتجة في تكلفة المواد الأولية قال المهندس منصور الشثري إن المواد الأولية المستخدمة في إنتاج الحديد ارتفعت لتزيد تكلفة تصنيع الحديد بما يقارب مائة وخمسين دولاراً للطن وذلك زيادة عن أسعار العام الماضي وأي زيادة عن ذلك ستكون أرباحاً إضافية لمصانع الحديد وهذا ما شاهدناه في الربع الثاني من عام 2008 م حين ارتفعت أسعار الحديد بشكل كبير وفسرت شركة سابك ذلك بأنه زيادة عالمية لنفاجأ حين صدور ميزانية الشركة بتحقيق مصنع حديد سابك أرباح تاريخية حيث بلغت إرباحه لمدة ثلاثة أشهر فقط مايزيد عن مليارين وثلاثمائة مليون ريال (بنسبة 47% من حجم المبيعات البالغ 4900 مليون ريال) وهي أرباح كبيرة جدا وتعادل تكلفة إنشاء مصنع حديد ضخم جدا . وعن حجم استيراد الحديد في المملكة قال الشثري إن إحصاءات اتحاد الحديد العالمي تشير إلى أن المملكة قد قامت باستيراد مايزيد عن ستة ملايين طن عام 2008 م من منتجات الحديد بقيمة تزيد عن خمسة عشر مليار ريال كان من الممكن تجنيب الاقتصاد الوطني هذا المبلغ لو كانت لدينا صناعة حديد وطنية قادرة على تلبية كافة الاحتياجات المحلية.