سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حجم صناعة الصلب محليا لا يتناسب مع اقتصاد المملكة البالغ إنتاجه ثلاثة أعشار في المائة من الطاقة العالمية دعا لمراقبة الأسواق المحلية وتطبيق نظام المنافسة ومكافحة الاحتكار..الشثري ل«الرياض»:
اضطربت أسواق الحديد في المملكة الأسبوع الماضي ولجأ التجار إلى الامتناع عن بيع الحديد ورغب المواطنون والمقاولون في شراء كميات كبيرة من الحديد تكفي لتنفيذ كامل مشاريعهم نتيجة الفهم الخاطئ للأنباء الواردة عن ارتفاع خام الحديد بنسبة تزيد عن 50% اعتقادا منهم أن أسعار الحديد سترتفع لمستوياتها القياسية التي بلغتها قبل عامين. "الرياض"التقت مع المهندس الاستشاري منصور بن عبدالله الشثري لمعرفة حقيقة أوضاع سوق الحديد في الفترة المقبلة فإلى نص الحوار: العقود الصينية: "الرياض"ترددت أنباء عن زيادة مرتقبة في أسعار الحديد تزيد عن 50% فما مدى صحة تلك الإنباء؟ الشثري: لقد صدرت تصاريح عن كبرى مصانع الحديد الصينية تفيد باحتمال زيادة أسعار مكورات الحديد (خام طبيعي مستخرج من المناجم) بنسبة 50% لعقود العام الحالي 2010م، حيث إن اتحاد مصانع الحديد الصينية تتعاقد بعقد موحد سنوي لتلبية احتياجاتها من مكورات الحديد (الخام الطبيعي) وقد تعاقدت بعقد سنوي لعام 2009 م مع مناجم الحديد البرازيلية والاسترالية بسعر (62) دولارا للطن وعند التفاوض على عقد الشراء لعام 2010م طلبت مناجم الحديد زيادة في السعر تزيد عن 50% لكي تقترب من أسعار البيع الفورية لبقية الدول التي تبلغ حاليا مايقرب (130) دولارا للطن وهذا حقيقة ماتردد من أنباء في الفترة الماضية أي الأنباء التي ترددت تتحدث عن أسعار خام الحديد الطبيعي المستخرج من المناجم وليس عن أسعار منتجات الحديد الصناعي وللمعلومية إنتاج طن حديد يستلزم طنا ونصف من مكورات الحديد الطبيعي. الزيادة المتوقعة: "الرياض" كم مقدار الزيادة في أسعار منتجات الحديد المتوقعة خلال هذا العام؟ الشثري: أغلب خبراء الصناعة يتفقون على أن الزيادة المتوقعة في تكلفة مدخلات الصناعة من المواد الأولية ستكون في حدود من مائة إلى مائة وخمسين دولارا عن أسعارها في عام 2009م، إلا أن أسعار منتجات الحديد تتأثر بشكل اكبر بعوامل العرض والطلب حيث إن ذلك كان السبب الرئيس في زيادة الأسعار التي حدث قبل عامين (وليس بسبب ارتفاع تكلفة المواد الأولية) إلا أن الوضع اختلف كليا الآن حيث يتوقع خبراء الصناعة أن تواجه المصانع صعوبات كبيرة في تسويق منتجاتها في حال رفعت الأسعار في عام 2010م (المتوقع أن لا تزيد عن 20% عن أسعارها في عام 2009 م) حيث إن الطلب عالميا مازال ضعيفا مقارنة بمستويات عام 2007 م حيث انخفض الإنتاج العالمي من الحديد بنسبة ثمانية في المائة من مليون وثلاثمائة وثلاثون ألف طن في عام 2008م إلى مليون ومائتين وعشرين ألف طن في عام 2009م حيث تنتج الصين منه (568) مليون طن بنسبة (47%) من الإنتاج العالمي وقد انخفض الإنتاج في اغلب دول العالم ماعدا الصين والهند والسعودية مما يدل على وجود طاقة إنتاجية فائضة في اغلب دول العالم قادرة على تلبية النمو فى الطلب خلال العام الحالي. العوامل المؤثرة على أسعار الحديد: "الرياض"ما هي العوامل التي تؤثر على أسعار الحديد؟ الشثري: لتوضيح العوامل المؤثرة في سعر الحديد لابد أولا من معرفة مراحل إنتاج الحديد وتعريفها: مواد طبيعية مستخرجة من المناجم، مثل: مكورات خام الحديد وفحم الكوك. منتجات حديد أساسية: وهي أولى مراحل الإنتاج في المصانع مثل الحديد الاسفنجي المنتج بواسطة الاختزال المباشر وكذلك الحديد الغفل المنتج بواسطة الفرن العالي. منتجات نصف نهائية: وهي مسطحات الصلب ومنتجات الحديد الطويلة وكتل الصلب منتجات نهائية: وهي التي تنتج بواسطة وحدات الدرفلة مثل حديد التسليح والمواسير والزوايا والمنتجات التجارية. أما العوامل المؤثرة في أسعار الحديد فهي: – سعر مكورات الحديد: ويتواجد معظمه في البرازيل واستراليا والهند وتتحكم في ثلاثة أرباع تجارته عالميا ثلاث شركات مناجم وهي شركة فالي البرازيلية (أكبر مصدر في العالم) وشركة ريوتنتو وبي اتش بي الاستراليتين (ثاني وثالث اكبر مصدر) حيث إن أسعار مكورات الحديد يتم تسعيرها بعقود سنوية يتفق عليها بين مندوبي هذه الثلاث شركات واتحاد منتجي الحديد الصينيين (حيث تستهلك الصين مايقارب نصف الإنتاج العالمي) وينتج عن هذا الاتفاق أسعار معيارية لمكورات الحديد تحدد سعره لبقية الدول والآن بدأ التوجه لتحويلها من عقود سنوية إلى ربع سنوية وبدأت بعض الشركات تتعامل بالأسعار الفورية مما سيجعل أسعارها تتأرجح سريعا صعودا وهبوطا. – فحم الكوك: وقد ارتفع سعره في بداية السنة ويستخدم لإنتاج الحديد الغفل المستخدم في الأفران العالية ولا تستخدم هذه الطريقة القديمة في المملكة رغم أنها الطريقة الشائعة في العالم حيث ينتج الحديد الاسفنجي بالاختزال المباشر في المملكة اي أن سعر فحم الكوك لايؤثر في تكلفة أسعار الحديد المنتج في المملكة. – أسعار الخردة (السكراب): تلعب أسعار الخردة دورا مؤثرا في أسعار الحديد حيث يستهلك سنويا 500 مليون طن من الخردة في مصانع الحديد. – أسعار الطاقة: صناعة الحديد من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة وتتأثر تكلفة تصنيعها بأسعار الطاقة مثل الكهرباء أو الغاز أو الفحم. – أسعار كتل الصلب (البليت): وهي منتج نصف نهائي تتأثر به غالبا أسعار حديد التسليح حيث انه متداول في بورصة المعادن بلندن وأسعاره تتأرجح سريعا متأثرة بالعوامل السابقة وعوامل العرض والطلب حيث أن وحدات الدرفلة تشتري البليت لتحويله إلى حديد تسليح. – أسعار الشحن البحري. مناجم الحديد: "الرياض"هل يوجد مناجم لخام الحديد في المملكة؟ الشثري: يتواجد خام الحديد (مكورات الحديد) في المملكة في وادي الصواوين على بعد 60كم شمال محافظة ضباء حيث حصلت على امتيازه الشركة السعودية البريطانية للتعدين لاستخراج وإنتاج 12 مليون طن سنويا ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج في عام 2012 م ونأمل أن يتم تخصيص إنتاجه للاستهلاك المحلي ويمنع من التصدير حيث عند بدء إنتاجه سيكون من الممكن وجود صناعة حديد في المملكة بأسعار تكلفة ثابتة لاتتأثر بأي متغيرات عالمية. "الرياض"ماذا عن إنتاج الحديد في المنطقة وخصوصا في المملكة؟ الشثري: منطقة الشرق الأوسط تنتج أقل من نصف احتياجاتها من الحديد مما جعلها أكثر المناطق في العالم استيرادا للحديد حيث أصبحت الوجهة الرئيسية لمصدري الحديد في العالم واكبر الدول المصدرة إلى المنطقة هي تركيا ثم أوكرانيا وروسيا والاتحاد الاوروبي وكوريا الجنوبية حيث يتضح أن حجم صناعة الصلب في المملكة صغير جدا ولا يتناسب مع حجم اقتصاد المملكة أو كونها بلد مصدر للطاقة حيث لايزيد إنتاجها عن ثلاثة أعشار في المائة من الإنتاج العالمي ويزداد الوضع سوءا مع مرور الزمن حيث تزداد الفجوة بين الإنتاج والطلب فالمملكة استوردت عام 2004م ما يقارب 3 ملايين طن ليزداد حجم الاستيراد في 2008م ليصل إلى ما يزيد عن ستة ملايين طن، فرغم إنشاء شركة سابك - حديد منذ ما يقارب الثلاثين عام إلا أنها لم تحقق الاكتفاء الذاتي من هذا المنتج في المملكة ولم تحقق الاكتفاء الذاتي لمصانع الدرفلة المملوكة لها حيث تقوم باستيراد كتل الصلب لها حتى الآن رغم الدعم الحكومي الكبير لها. لذا يجب على وزارة التجارة والصناعة في ضل الأوضاع الحالية السعي نحو تحقيق هدف الاكتفاء الذاتي من إنتاج الحديد لأنه صناعة إستراتيجية ترتبط بها العديد من الصناعات الثانوية وكذلك تشجيع المستثمرين في هذا القطاع وحل مشاكلهم وخصوصا توفير الطاقة الكهربائية الكافية لمصانعهم ومراقبة الأسواق وتطبيق نظام المنافسة ومكافحة الاحتكار وإعادة إعفاء المنتجات الحديدية من الرسوم الجمركية لحين بلوغ المملكة الاكتفاء الذاتي من إنتاج الحديد.