صدر عن المجلس الاقتصادي الأعلى بالأمس منع وضع "تحديد للأسعار" وهو ما طالبت به بمقالتين سابقتين تحت عنوان "السوق السوداء للحديد من أوجدها" ومقالة تالية بعدها تحمل عنوان "وزارة التجارة تدعم موزعي الحديد فقط" يومي 30 مارس والأول من أبريل الماضي, قرارات جدا ممتازة ولكن السؤال لماذا وصلنا لمستوى تدخل أعلى سلطة اقتصادية في الدولة وهو "المجلس الاقتصادي الأعلى" الذي من مهامة وضع الخطط الإستراتيجية وتوجه الدولة الاقتصادي وليس متابعة سعر "الحديد" أو "الأسمنت" وإدراك مدى أهمية ضبط الأسعار والمراقبة والتفاعل والردود ووضع الأسعار والكميات بإطارها الصحيح, ولكن أين إذا دور وزارة التجارة لدينا؟ إننا نهدر وقتا كبيرا بتكرار الأزمات، وأكرر هنا تكرار الأزمات فالحديد ظهرت أزمته قبل سنتين والأسمنت قبل خمس سنوات, والآن تظهر من جديد أزمة الحديد والعمل على حلها, والأسمنت والبحص والبلك الآن تتصاعد أسعاره, ولن أتفاجأ بأي تصاعد للأسعار لأي منتجات لدينا في ظل عدم وجود عمل منهجي مؤسسي ثابت وحازم لدينا, فنحن نتعامل مع الأزمة بوقتها لا بحلول من جذورها, والدليل تكرار الأزمة كل مرة, كما هي تحدث لدينا أزمة أسعار الأعلاف والشعير والمياه والكهرباء, نبحث عن حلول آنيه سريعة لكي نقفل المشكلة وننتهي هنا. لا بد من حلول توضع وأنظمة وقوانين وضوابط تحكم ضبط العرض والطلب, ولماذا تتدخل الدولة بكل تفاصيل ذلك وأقصد به كل جهات الدولة, فنجد وزارة التجارة لا تحسم الحلول ونحن نشاهد كل يوم أزمة أسعار وشح معروض واتهامات متبادلة لا تنتهي, حين يغيب التنظيم والقانون والعقوبات والمحاسبة وإيجاد منهجية واضحة ثابتة راسخة للتعامل مع الأزمات أو كل متغيرات فلن نجد مخرجا من هذه الأزمات التي أشغلت الرأي العام والمجتمع في كل مرة, حين نجد عقوبات واضحة ومعلنة لكل متجاوز بتخزين الحديد "مثلا" أو متجاوز للأسعار أو مصدر بطريقة غير شرعية, أو أي مخالفات أيا كانت لا نجد عقوبات وقانونا يحكم ذلك, فإننا لن نخرج من أزماتنا, فمن يمنع بائع الشعير من البيع بسعر 40 ريالا والسعر المحدد 28 ريالا؟ فلا يجد رقابة ولا متابعة ولا عقوبة ولا أي من يسأل هذا المخالف لماذا يفعل ذلك؟ إذا نحن نعاني من خلل تنظيمي وأداء عمل على أكمل وجه من وزارة التجارة, وإن كانت الوزارة لا تستطيع السيطرة على السوق بالرقابة وتطبيق القانون يجب أن يعلن ذلك بوضوح, حتى يكون هناك تصعيد لحل المشكلة أو المشكلات لدينا من جذورها لا أن تقول الوزارة إن الوضع "مستتب" والأسعار عادلة وصحيحة وتوفر كميات والحقيقة هي عكس ذلك, لا نحتاج لممارسة "التخدير" من قبل الوزارة لكي تقول إن كل شيء "على ما يرام" وهنا المسؤولية على وزارة التجارة بكاملها لا غيرها. ان كانت تستطيع الضبط يجب أن تعمل على ذلك بلا هوادة وتطبيق نهاية للأزمات لا أن تحل اليوم وتظهر اليوم التالي, وأنها عاجزة عن ذلك يجب أيضا أن يعلن, لأن اللوم والمسؤولية الآن تقع على وزارة التجارة لا غيرها.