لقد اعتنى الإسلام بالأيتام عناية كبيرة وما تلك الآيات العديدة في كتاب الله وذلك الحث المتوالي من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا دليل على هذه العناية ولقد ترجمت القرون الأولى هذه التوجيهات عمليا وتعاملت معها أمرا واقعا فمن يتتبع التاريخ الإسلامي يرى بوضوح مقدار الحرص على رعاية اليتيم وكفالته بحثا عن الأجر ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم. ولئن كانت الدولة معنية وجوبا برعاية اليتيم ومن في حكمه بتربيته والعناية به إذا لم يوجد من يرعاه، فإن الفرد المسلم عليه جزء من واجب الرعاية لليتيم ومن في حكمه من اللقطاء أو مجهولي النسب ويكون ذلك بكفالته وأخذه ليتربى في أحد بيوت المسلمين بين أحضان أسرة طبيعية ليعيش حياة هنيئة وفق سنة الله في تكوين المجتمعات، ومما لاشك فيه أن رعاية اليتيم في كنف أسرة من أسر المجتمع المسلم هو الوضع الطبيعي، أما مؤسسات الرعاية أو دور تربية الأيتام التي وضعتها الدولة وفقها الله فهي وضع بديل لمن لم يجد أسرة تقوم برعايته والعناية به، ورغم قيام الدولة بتوفير كامل أوجه الرعاية لهؤلاء الأيتام في المؤسسات الاجتماعية إلا أن الشيء الذي لا يمكن توفيره مهما بلغت الإمكانات المادية، هو الحنان الأسري الطبيعي أو شبه الطبيعي فهذا الحنان لا يتيسر لليتيم أو من في حكمه بشكل مناسب إلا في حالة قيام أحد الأسر المسلمة بكفالته وجعله يعيش في أحضانها محتسبة الأجر في ذلك من الله الجواد الكريم. وتأتي مشاركة المؤسسة الخيرية لرعاية الايتام في هذا اليوم بإقامة الجميع من البرامج الرياضية والثقافية والزيارات الميدانية وغيرها من البرامج المفيدة والمحببة لهم. وفي هذه المناسبة ننتهز هذه الفرصة لتسليط الضوء بإيجاز عن برامج المؤسسة: برنامج التوعية والتوجيه: يهدف الى اكساب اليتيم قدراً من المعلومات الاجتماعية والحياتية التي تساهم في استقرار حياته واندماجها في المجتمع . برنامج مواصلة التعليم: يهدف الى تيسير التعليم للابناء غير المتعلمين من الايتام . برنامج المساعدات المالية: يهدف الى تقديم المساعدات المالية للايتام المحتاجين سداً لعوزهم وحاجتهم . برنامج المساعدات العينية: مساعدة الايتام أسراً وأفراداً بسد حاجاتهم من المواد العينية على اختلافها. برنامج الحج الاسري: تمكين أسر الايتام من أداء فريضة الحج خاصة لعدم المقتدرين منهم . برنامج هدية المولود: مشاركة الوالدين فرحتهما بمولودهما الجديد بما ينسيهما مرارة اليتم. برنامج صلة: تحقيق صلة الرحم التي يحث عليها ديننا الحنيف برنامج الرعاية الاسرية: تقديم الدعم النفسي للزوجين وتهيئتهما للحياة الاسرية . برنامج الاسكان: توفير المسكن الملائم حديثي الزواج وتجهيز المسكن وتأثيثه بالكامل. برنامج التدريب والتوظيف: صقل مواهب وقدرات الايتام وتنمية مهاراتهم في المجالات التقنية وبرامج التطوير الذاتي . والمؤسسة تعتمد في مواردها على ما يقدمه أهل الخير والبذل والعطاء . ويعد اليوم العربي لليتيم الذي جاءت ولادته ضمن اجتماع مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب والذي تمخض عن توصيات عدة من ضمنها إقامة يوم عربي لليتيم – يهدف إلى التعريف بواقع اليتيم وحاجته للرعاية والاهتمام، ولا شك أن العمل الخيري في بلادنا -ولله الحمد- وفي أوجهه المختلفة يعد نموذجاً من النماذج التي يحتذى بها ولعل منها خدمة ورعاية الأيتام حيث تعد المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام ضمن المؤسسات والجهات الخيرية لرعاية الأيتام التي تمثل الواجهة الأهلية في العمل في مجال رعاية الأيتام ومن في حكمهم والتي تعتمد في مواردها على دعم أهل الخير، ولقد أنشئت هذه المؤسسة بموافقة مجلس الوزراء الموقر رقم 14 المؤرخ في 14/1/1424ه وتتولى رعاية الأيتام ذوي الظروف الخاصة (مجهولي الابوين) من البنين والبنات، وذلك انطلاقاً من التوجيه الإلهي الكريم برعاية اليتيم والقيام بشؤونه.. حيث تقوم المؤسسة بتقديم المعونات والمساعدات النقدية والعينية لهؤلاء الأيتام لسد عوزهم وحاجاتهم وتمتد الرعاية لتشمل النواحي التأهيلية والتدريبية والسكن والتأثيث والتوظيف والتزويج وغيرها. إن كان ثمة كلمة يجب أن توجه، فهي كلمة شكر وتقدير لكل من ساهم بجهده أو ماله سعياً لإنجاح برامج المؤسسة وخدمة أبنائنا الأيتام، ونسأل الله القدير أن يجعل ما يقدمونه في موازين أعمالهم وأن يعلي به منازلهم، والمجتمع السعودي ولله الفضل والمنة لا يحتاج إلى وعظ وتذكير بفعل الخير فهو مجبول على ذلك، بل يكفيه الإرشاد والدلالة على ميادين الخير فقط. وفي نهاية هذه الكلمة أتقدم بالشكر الجزيل لصحيفة «الرياض» على تفاعلها. * مدير عام المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام .