أوضح الأستاذ فهد بن عبدالله الراجح مدير عام المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام أن المؤسسة مثل الجمعيات الخيرية الأخرى ولها جهود جبارة في ميدان العمل الخيري النبيل من خلال رعاية الأيتام مشيراً إلى أنه لا فرق بينها وبين الجمعيات الخيرية الأخرى من حيث الرسالة والخدمات، وأضاف الراجح أن الجمعية ذات صفة اعتبارية برئيس مجلس إدارتها وزير الشؤون الاجتماعية وتحظى بالدعم المتواصل من الوزارة، كاشفاً عن العديد من البرامج الجديدة التي ستقدم للأيتام والتي من أهمها برنامج التدريب والتوظيف والمساعدات المالية والعينية وبرنامج التوعية والتثقيف وبرنامج هدية المولود وبرنامج صلة. جاء ذلك في حوار ل "الرياض" بمناسبة ابتداء حملتهم الإعلامية خلال هذا الشهر تحت شعار "بدعمكم نرعاهم" والتي ترعاها "الرياض" إعلامياً. @ المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام تعمل في مجال العمل الخيري، ما الحاجة التي كانت تدعو إلى إنشاء مثل هذه المؤسسة، وما هي رسالتها؟ - إن فعل الخير بأشكاله كافة طبع متأصل - ولله الحمد - في نفس كل مؤمن على هذه الأرض المباركة، وتتعدد ميادينه، ويتأكد تطبيقه متى ما دعت الحاجة الملحة إليه، ولم يكن إنشاء المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام إلا تطبيقاً عملياً لهذه القناعة، حيث لاحظنا معاناة العديد من الأيتام ومن في حكمهم جراء عجزهم عن تلبية متطلبات العيش الكريم بسبب انتهاء مدة اقامتهم في مؤسسات ودور التربية الاجتماعية للأيتام، ولأهمية الوقوف معهم، ومساعدتهم لتجاوز أي ظرف طارئ يعترض مسيرة حياتهم، وكذلك لحاحة بعض الفئات التي ترعاها وزارة الشؤون الاجتماعية أو تشرف على تربيتها، أو رعايتها، فقد تقدمت وزارة الشؤون الاجتماعية بمقترح في ذلك الوقت لمجلس الوزراء لتأسيس مؤسسة خيرية تحت اسم (المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام)، لتساهم مع الدولة أيدها الله في جهودها المباركة التي تبذلها في مجال رعاية الأيتام ومن في حكمهم، ولتكمل الخدمات الرعائية التي تقوم بها وزارة الشؤون الاجتماعية، كما أنها امتداد لسياسة ولاة الأمر - وفقهم الله - لفتح المجال للجهود الأهلية والخاصة لتقديم تلك الخدمات، وقد صدرت موافقة مجلس الوزراء الموقر بقراره رقم 14في 1424/1/14ه على إنشاء المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام. وتنطلق الرسالة السامية للمؤسسة من الإيمان بقول الله تعالى (ويسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير وأن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعتنكم إن الله عزيز حكيم) وتنطلق كذلك من الإيمان بالبشارة النبوية التي جاءت في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئاً) البخاري. وتتلخص رسالة المؤسسة في أن هؤلاء الأيتام ممن نشأوا منذ نعومة أظفارهم أيتاماً لم يتهيأ لهم ما تهيأ لأقرانهم العيش في كنف أسرة تمنحهم الأشباع العاطفي والأمن الاجتماعي والنفسي، ورغم ظروفهم تلك استطاعوا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ثم بقوة عزيمتهم وإصرارهم وتصميمهم على مواصلة تعليمهم أن يكونوا متميزين سلوكياً وعلمياً ووظيفياً، مما أدى إلى مكافأتهم من قبل المؤسسة وهي تمثل المجتمع السعودي في مسعى لأشعارهم أن هذا المجتمع المبارك يمثل أسرة كبرى تحوط جميع أفرادها المودة والرحمة على اختلاف مواقعهم ومناصبهم. @ وما الأهداف التي تسعى الجمعية لتحقيقها؟ - أهداف المؤسسة تتمثل في السعي لتطوير منهجية الرعاية اللاحقة المقدمة للأيتام ومن في حكمهم، بما يكفل لهم - بإذن الله - تحقيق القدر المناسب من الإشباع العاطفي والأمن النفسي والاجتماعي، ومن ثم قدرتهم على تحمل مسؤوليتهم بأنفسهم، والاسهام في بناء مجتمعهم، معتمدين في ذلك - بعد الله سبحانه وتعالى - على سماحة الدين الإسلامي في الجوانب التي تعنى بشؤون الأيتام والرأفة بهم وتناول شؤون حياتهم كافة، مع تقديم المساعدات النقدية والعينية للمحتاجين إليها، إضافة إلى تأهيل الحالات التي يرى ملاءمتها لذلك، وتدريبهم على أي مهنة يطلبها سوق العمل، ويكون هذا التدريب منتهياً بتوظيفهم من قبل جهة التدريب، أو أي جهة أخرى، كذلك تقديم الرعاية المناسبة للحالات التي تتطلب حصولها على الخدمة المطلوبة عينياً، فضلاً عن تقديم القروض الميسرة لهم لمساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم بعد الله تعالى في ترتيب شؤون حياته، وأي خدمات أخرى يتم الاحتياج إليها في هذا السياق مع توفير السكن المناسب للفتيان والشباب، يراعي فيه الابتعاد عما يظن به تقويض استقامتهم، كذلك تتويج استقامة الأيتام ومن في حكمهم وتعميق شعورهم بالمسؤولية من خلال السعي لتزويجهم متى ما توافرت الشروط المعتبرة شرعاً، وتقديم العون اللازم لهم، وتحقيق هذا المطلب الشريف، ومن ثم مساندتهم عند وجود خلافات بين الزوجين. @ هل تنحصر خدمة الأيتام في منطقة الرياض فقط أم إلى مناطق أخرى؟ - لا حدود جغرافية لعمل المؤسسة داخل هذه البلاد المباركة، فخدمات المؤسسة تمتد إلى مناطق المملكة ومدنها كافة لتصل إلى كل يتيم ومن في حكمه، وهذا يتسق مع الحاجة التي دعت إلى إنشاء المؤسسة وهي استكمال الخدمات الرعائية اللاحقة التي تقوم بها وزارة الشؤون الاجتماعية، وتحقيقاً لرغبة المعنيين بهذا الأمر بعد تدارسهم لواقع الحال، ولمساعدة الموسرين والقادرين من أهل الخير على توجيه أموالهم وجهودهم إلى جهة تحقق لهم ما يأملون في كفالة الأيتام ورعايتهم وتلمس حاجاتهم في أرجاء الوطن. @ ما مدى اسهام وزارة الشؤون الاجتماعية في دعم برامج المؤسسة؟ - المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام مثل الجمعيات الخيرية الأخرى تحظى بالاهتمام والدعم المتواصل من وزارة الشؤون الاجتماعية، وتجد منها أنواع الدعم كافة سواء كانت مادية أم معنوية تتمثل بالاستشارة والدعم الفني، ولم يكن للمؤسسة أن ترى النور وتمارس مهماتها بمعزل عن دعم وزارة الشؤون الاجتماعية. @ ما الفرق بينكم والجمعية الخيرية لرعاية الأيتام وبقية الجمعيات الخيرية الأخرى من حيث الرسالة والخدمات، وهل سيكون هناك تعاون وتنسيق بين المؤسسة وتلك الجمعيات؟ - الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام سباقة في مجال رعاية الأيتام، ولهم جهود جبارة في هذا الميدان، ويقوم عليها رجال أكفاء نذروا أنفسهم لخدمة أبنائهم وأبنائنا الأيتام، ولا فرق بين المؤسسة والجمعية في هذا الصدد وإن كان ثمة فرق فهو أن جهود المؤسسة تمتد إلى كافة أرجاء الوطن، وجهودها قد تكون مقتصرة على الفئات التي كانت ترعاها وزارة الشؤون الاجتماعية، ولا شك أن هناك تعاوناً سابقاً بين المؤسسة والجمعية ولا زلنا على تواصل معهم وسنعمق هذا التواصل لتحقيق التفاعل المطلوب والذي سيصب في مصلحة أبنائنا الأيتام، وسيون التعاون والتنسيق بيننا هو السبيل الأمثل للتحقيق أهداف كلا الجهتين، أما الجمعيات الأخرى فلا يمكن بحال التقليل من شأنها، غير أن جهودها تفتقد للتخصص في مجال واحد، لذا تجد أن رعاية الأيتام تعد أحد مجالاتها مما قد يقلل من توجيه اهتمامها بشكل متخصص لتلك الفئة، رغم أن جهودها تظل وسام فخر لأبناء هذا البلد المبارك، وعطاؤهم السخي للفئات المحتاجة، والتعاون معها سيكون موجوداً من شأنه تحقيق تكامل الخدمات وضمان عدم ازدواجيتها. @ المؤسسة في جعبتها الكثير من البرامج والمشروعات الخيرية، هل لكم أن تلقوا الضوء على أبرز تلك المشروعات، وهل تم تنفيذ شيء منها؟ - لقد أفاء الله سبحانه وتعالى على هذه المؤسسة من فضله الكثير، وقد قدمت هذه المؤسسة العديد من البرامج والمشروعات لصالح الأيتام منذ إنشائها، الأمر الذي نحسبه يزيد من مسؤوليتنا تجاه أبنائنا الأيتام، إضافة إلى أن ثقة الكثيرين من أبناء هذا البلد تحدونا لأن نكون عند حسن ظنهم بنا، لذا فإننا بصدد تنفيذ عدد من البرامج التي منها ما تم تفعيله وأصبح واقعاً ملموساً ومنها ما هو طور التفعيل والتطوير ومنها: الحج الأسري، وهو برنامج يمنح الأيتام ومن في حكمهم وزوجاتهم فرصة أداء الحج لهذا العام، مع تهيئة كافة الظروف الملائمة لهم مادياً ومعنوياً لكي يتحقق لهم أداء هذا الفرض بكل طمأنينة وراحة بال. وهناك أيضاً برنامج الاسكان، يتمثل في دعم الأيتام في استئجار مساكن لهم تتوافر فيها مقومات السكن الملائم لمن طوي قيدهم من الدور التابعة لوكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية، أو ممن تخلت عنهم الأسرة البديلة، أو المراجعين من خارج مدينة الرياض لأي أمر يتطلب مكوثهم في الرياض، أو ممن ليسوا مستقرين في حياة زوجية أو وظيفية، ويكون السن فيه مؤقتاً وليس دائماً، لايماننا، بأن المكان الطبيعي للشباب هو في بيته مع زوجته وأبنائه تحت إشراف فريق متابعة ميدانية تتألف من المشرفين الاجتماعيين، ومن الأهداف الهامة لهذه المساكن، حماية أبنائنا الأيتام من الضياع أو المكوث في أماكن يظن بها تعريضهم للانحراف أو الشبهة به، أو ما يعرضهم لأي مخاطر، والتأكد من أنهم يأوون إلى مكان موثوق بعيداً عن الاختلاط برفقاء السوء.وبرنامج التدريب والتوظيف الذي يهدف لمواصلة التعليم وصقل مواهب وقدرات الأيتام وتنمية مهاراتهم في المجالات التقنية وبرامج التطوير الذاتي، وإعداد اليتيم وتهيئته للالتحاق بسوق العمل وفسح المجال أمام المؤسسات والشركات الوطنية للاسهام في تدريب وتوظيف الإيتام كواجب وطني وإيجاد فرص عمل للأيتام تساعدهم على الاستقلال الذاتي وبناء شخصياتهم وسد حاجاتهم. وكذلك برنامج صلة الذي يهدف إلى تحقيق صلة الرحم التي يحث عليها ديننا الحنيف والإشباع العاطفي للأبناء الأيتام الذين قدر لهم أن يفقدوا أمهاتهم وتنقطع صلتهم بهم لوقت طويل وتوفير الاستقرار النفسي لليتيم باقترابه من والدته ومعرفته بها والتواصل معها إضافة إلى بناء الثقة في نفس اليتيم من خلال شعوره بأنه لا يختلف عن بقية أفراد المجتمع. وبرنامج هدية المولود الذي تقدمه الجمعية لمشاركة الوالدين فرحتهم بمولودهما الجديد وبما ينسيهما مرارة اليتم وتعزيز وترسيخ ثقة الوالدين في أن المجتمع ما زال يحيطهما بالحب ويشاركهما مشاعرهما وكذلك دعم الوالدين في توفير احتياجات المولود الجديد ومستلزماته والمشاركة في تغطية نفقات ومصاريف الولادة. ومن برامج المؤسسة أيضاً برنامج المساعدات للأيتام، وهو ثمرة التعاون بين المؤسسة ووكالة وزارة الشؤون الاجتماعية للرعاية والتنمية الاجتماعية سعياً لتوفير سبل العيش الكريم للأيتام ومن في حكمهم ليشقوا طريقهم في الحياة بيسر وسهولة مما يجعلهم أعضاء فاعلين في المجتمع معتمدين بعد الله على أنفسهم، قادرين على التعامل مع ما قد يمر بهم من صعوبات في الحياة، وحيث يلزم الأمر أحياناً حصولهم على فرص لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والمادي، فإن هذا التعاون المثمر بين الوكالة والمؤسسة، وانطلاقاً من واجبات الطرفين تجاه هذه الفئة يتيح المساعدات لكل حالة حسب ظروفها وبما يتماشى مع الضوابط العامة وما يحقق فاعلية البرامج اللاحقة بصورتها العملية التي تحقق أهداف الأطراف المتعاونة فيحصل اليتيم على المساعدة اللازمة لتأمين احتياجاته من مركبة أو سكن وخلافه، وتحقق الوكالة والمؤسسة ما قصد من أهداف تربوية. ومن برامج المؤسسة كذلك برنامج رعاية الحالات الخاصة ويقصد بها هي فئة من الأيتام ومن في حكمهم يشتكون نقصاً في قدراتهم (الجسمية أو العقلية) لا يمكنهم من خدمة أنفسهم أو التعايش مع المجتمع أو التواصل معه بشكل متوافق سليم كأقرانهم الأسوياء، والمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام انشئت لتخدم الأيتام ومن في حكمهم كافة (الذكر والانثى - الصغير والكبير - الصحيح والسقيم)، لذا فإن الأيتام ومن في حكمهم ممن يشتكون علة أو بهم سقم كعاهة جسمية أو عقلية يندرجون ضمن الفئات التي تعنى بهم المؤسسة وسيتظللون بظلها وينعمون بخدماتها، وهم المقصودون بالحالات الخاصة، واتساقاً مع مبادئ الرسالة السامية التي تؤديها المؤسسة ومقتضياتها، فإنها لم تترك الاهتمام بهؤلاء الأيتام إلى حين النظر إلى غيرهم، بل تنظر إلى جميع الأيتام على أنهم أبناء لها كل له الحق ذاته في الخدمة، لا إفراط ولا تفريط، وهي تراعي عند تقديم خدماتها نوعية المستهدفين واختلاف حاجاتهم، وتنوع متطلباتهم، إضافة إلى برامج التدريب والتوظيف والتزويج وتأثيث المساكن والتوعية والتثقيف والتأهيل وغيرها التي تصب في مصلحة الأبناء. @ هل لكم أن تتحدثوا عن تفاعل المجتمع مع البرامج، ومدى استجابة أفراده ومؤسساته نحو التبرع مادياً ومعنوياً لدعم تلك البرامج؟ - كما يعلم الجميع أن المجتمع السعودي المسلم مجبول على حب الخير والاسهام فيه، وهو بهذه الصفة لا يقول ما لا يعمل، بل هو سباق لفعل الخير أينما كان، وقد حظيت المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام بتفاعل المجتمع بفئاته وشرائحه مع برامجها، وتلقت إعانات نقدية وعينية تفوق ما كنا نتوقع ولله الحمد، خاصة وأن المؤسسة حديثة الإنشاء، إضافة إلى من تطوع بجهده وخبرته دعماً للمؤسسة ونهوضاً بخدماته، فللجميع منا الشكر والتقدير والعرفان، ونسأل الله تعالى أن لا يحرمهم الأجر والمثوبة على ما يقدمونه ويبذلونه. @ ربما ترغبون بتوجيه كلمة أخيرة؟ - نعم ثمة كلمة يجب أن توجه، فهي كلمة شكر وتقدير لكل من ساهم بجهده أو ماله سعياً لانجاح برامج المؤسسة وخدمة ابنائنا الأيتام، ونسأل الله القدير أن يجعل ما يقدمونه في موازين أعمالهم وأن يعلي به منازلهم. وتعد رعاية الأيتام ومن في حكمهم وتلمس حاجاتهم والأخذ بيدهم إلى ما يكفل لهم بإذن الله حياة كريمة لهو أفضل تلك الميادين وأعظمها أجراً عند الله، وقد جاء في كتاب الله عز وجل الحث على رعاية اليتامى وإصلاح لهم في ثلاثة وعشرين موضعاً، وكذا في عديد من الأحاديث النبوية المطهرة، وأنا على يقين بأن من وصلته رسال المؤسسة فلن يبخل ما يقدر عليه من جهد أو مال أو كلمة طيبة تعين على الخير. وفي نهاية الحوار أتقدم بالشكر الجزيل لصحيفة "الرياض" على تفاعلها ورعايتها للحملة الإعلامية للمؤسسة والذي يعد دعماً منها لهذا العمل الخيري والذي ليس بمستغرب على صحيفتنا صحيفة الإنسانية في مملكة الإنسانية.