" أنا وْخِلّي كل دار وطنّا " وهو يسمع هذه الأغنية لمحمد عبده ، قال : " وَنا وخلي كل وقت زمنّا". عاد إلى زمن الطفولة ، كانت كل القرية بيته، الأمهات أمهاته ، والآباء آباؤه ،يعرف تفاصيل البيوت من الباب الأرضي إلى الباب الذي يأخذه إلى السماء ، له في كل بيت حكاية ، له في كل بيت أهل ووطن , في كل حكاية ملجأ ، وكلّما ضاقت الأرض اتسعت له الحكايات ، يبتني من كل " سالفة " وطنا أكثر سعة من العالم ، وعندما سمع " أنا وخلي كل دار وطنّا " . صاح بأعلى صوته في شوارع الرياض ، ناداها ، دعاها باسمها ، كان على يقين أنها سمعته ، وفعلا ، جاء هاتفها في تلك اللحظة ليتحول صوتها إلى وطن لاحدود له ، كان قلبه يخفق ، والشارع كله يخفق ، وما من سائق بجانبه إلا وتحوّل إلى خفقان ، لم يدهشه أبدا أن يتجمع هذا العالم الذي يضم كل الجنسيات والمهن والثقافات في حالة خفقان لا مثيل لها ، عاد إلى زمن الطفولة ، ابتكر عالما لا يتوقف عن الخفقان ، عالما يليق بقلب حبيبته ، بصوتها ، بيديها . وعندما عاد إلى الشارع ، كان الخفقان قد ملأ الكون ، أصبح لكل سائق وطن و حبيبة ، زمن وحبيبة ، تحول الشارع إلى سيفمونية حب . تناول قليلا من عطر حبيبته ، رشّه على هذا المشهد العظيم ، هاتفته حبيبته من جديد , قال : كوني الشِعر كي أكون القصيدة . ضمته بصوتها وهي تردد معه . أنا وْ خلي كل يوم زمنّا .