لعلكم تذكرون ذلك المشهد التاريخي في مسرحية عادل إمام وهو يشرب مشروبا غازيا ويحاول أن يستفز ويماطل موظف المحكمة الذي بجانبه حيث يلوح بالزجاجة يمينا ويسارا موهما الرجل المسكين أنه انتهى منها! ماعلق في ذاكرتي من ذلك المشهد هو جملة" إمسك..... أعصابك" على ما أظن! أرجو أن لا تكون الجملة من فيلم أو مسرحية أخرى وأنا أخطأت في النقل، لكن لو أخطأت فإن جهلي الفني يكفي كعذر! ولعكم سمعتم كثيراً عبارة "إمسك أعصابك" الملحقة ب "روق يا أخي، وش تستفيد من العصبية؟ أو إهدأ لا ينفجر عرق فيك، أو يا أخي حاسب على السكر والضغط" وغير ذلك من الجمل التي يحاول أصحابها من أن يهدئوك أو أن يسكتوك عن إزعاجهم خاصة حين يكثر تشكيكك المبالغ فيه وحين لا تتوقف عن التذمر والتأفف والتهديد والوعيد العنتري الذي لا ينفذ والذي يبدأ بكلمة "بأوريهم...". ولكل منا لحظاته التي يفقد فيها السيطرة على أعصابه، ليتراجع بعدها ويهدأ وقد يكتشف أن غضبه زاده حماقه أو أن "تعصيبه" أو انفعاله أخل بتوازنه اللفظي. ومن تجربة "غاضب ومتأفف سابق" يمكنني أن أقول إنني كنت أجيد تغييب حماقات غضبي وإخفائها في مكان معتم من الذاكرة حتى لا أصاب بالندم أو لا أشعر بالخجل، وأحيانا كنت أبحث عمن يؤيد تصرفاتي وماأكثر هؤلاء الذين يتجملون ويقولون لك "معاك حق" قد يكونوا صادقين أحيانا وقد يكونوا مبالغين في المجاملة في أحيان أخرى. ستكشتف بعد فترة أن قوانين الحياة لا تعير بالاً للغضب، وأن غضبك لن يغير من الموقف شيئاً، وقد تكتشف بعد فترة أن غضبك كان سببه سوء تفاهم تافه، أو استعجال في غير محله، وقد تنبه نفسك وتذكرها بأن عليك أن تتصرف بطريقة مختلفة في المرة القادمة، وقد تنسى ذلك وتعيد الكرة وتعيد وعدك لنفسك وتعيد التذكير! قد تقولون:" ومن منا لا يستفزه مثل هذا الموقف؟" في حالة دفاع عن أنفسكم حين يلاحقكم بعض العتب وما أكثر المواقف المستفزة. هل الغضب محاولة تنفيس؟ هل هو طريقة للدفاع عن النفس؟ هل هو طريقة للتعبير عن استيائنا؟ لا أعرف، لكنه شعور نعيشه بكل درجاته! سؤالي، كم مرة قادكم الغضب والانفعال إلى النجاح وكم مرة قلتم بصوت هامس "أخ ليتني مسكت أعصابي"!