تنوع اللهجات بين المناطق والمدن والقرى أمر مشهور على مستوى العالم وليس على المستوى المحلي أو العربي فحسب، وعلاوة على ذلك فكثير من مفردات اللهجات وقواعدها ليست من تكوينات جيل اليوم، ولكن كثيرا منها مستخدم منذ سنوات طويلة جداً ولا زالت مستخدمة حتى اليوم، وعلى الرغم من الانفتاح في هذا العصر وتقارب اللهجات، إلا أن هناك الكثير من المفردات المحلية وأساليب النطق التي احتفظ بها السكان لتبقى علامة مميزة لهم، ويعود تراجع اللهجات بين المناطق والقرى إلى عوامل منها اختلاط الناس في المدن والقرى وتطور وسائل الإعلام والاتصال حتى أصبح العالم كالقرية الواحدة إضافة إلى ارتفاع مستوى التعليم الذي ساهم في تراجع اللهجات المحلية، وفي هذا الموضوع نتحدث عن أحد هذه اللهجات المشهورة والتي لا تزال منتشرة ومستخدمة حتى اليوم وهي إبدال كاف المخاطب للمؤنث شينا، وهذا الاستعمال مستخدم في كثير من مناطق المملكة خاصة أجزاء من المنطقة الجنوبية واليمن ودول الخليج والعراق وبوادي الشام، ولهذا الاستعمال ذكر في كتب التراث العربي، وقد جاء في كتاب شرح ابن الناظم ص 812 ما يلي: الوقف عبارة عن حرف الشين يجعله بعض العرب بدلا من كاف المؤنث في حالة الوقف، حرصا على البيان، لأن الكسرة الدالة على التأنيث تختفي في الوقف فأبدلوها شينا نحو قولهم: عليش: في عليك ، ومنش: في منك، ومررت بش: في مررت بك ومنها قول الشاعر: فعيناشِ عيناها وجيدُشِ جيدها سوى أن عظم الساق منشِ دقيق وذكر القرطبي في الجامع لأحكام القرآن الجزء الأول قوله:لا يجوز أن يقرأ القرآن بها، مثل كشكشة قيس وتمتمة تميم فأما كشكشة قيس فإنهم يجعلون كاف المؤنث شينا، فيقولون في "جعل ربك تحتك سريا" [مريم: 24]: جعل ربش تحتش سريا وأما تمتمة تميم فيقولون في الناس: النات، وفي أكياس: أكيات. قالوا: وهذه لغات يرغب عن القرآن بها، ولا يحفظ عن السلف فيها شيء، انتهى، وقد وردت أسماء عدة قبائل عربية قديمة كانت تستخدم هذا الاستعمال لمخاطبة المؤنث من أشهرها قبيلة تميم وهي قبيلة عربية عريقة، وربما في بني ربيعة أيضا قال ذلك ابن أبي شيبة في المصنف ج7 ص158. وابن منظور في لسان العرب ج6 ص342. وفي الصحاح لبني أسد، يجعلون الشين مكان الكاف، وذلك في المؤنث خاصة، فيقولون: عليش ومنش، وبش، ويقابل الكشكشة قديما وحديثا ما يسمى بالكسكسة وهو إبدال كاف الخطاب للمؤنث سينا وهي مستعملة أيضا في كثير من مناطق المملكة وتستعملها أيضا بعض القبائل العربية منذ القدم سواء بدمج الكاف والسين للمؤنث أو إبدال الكاف سيناً، والكسكسة التي كانت عند العرب قديماً تتنوع في صورها فإما أن تكون : ..كما في قولهم (رأيتكِ) (رأيتكِس)، فتأتي بعد كاف المخاطبة سين والحالة الأخرى أن تفرد السين وحدها من دون اقتران بالكاف (رأيتسِ). ومن الشعر الشعبي الحديث باستخدام الكشكشة المنتشرة في جنوب المملكة قصيدة الشاعر الشعبي ضيدان بن قضعان حيث يقول: يا مرحبا ترحيبة كلهالش تكسيش من راسش إلى حد ما طاش من قلب مهيوم بحبة صفالش يلعبة الغربي إلى سمع طرياش يفرح الى من قلتله كيف حالش ولولا غلاش وحشمتش كان ما جاش وان قلتي انه غايتش شف بالش كنه ملك يعرب من الطاش للطاش