القاسم المشترك في حديث المجالس هذه الأيام.. هو ارتفاع أسعار الأراضي السكنية.. هل يعقل أن تصل أسعار بعض أحياء شمالي الرياض إلى 3 آلاف ريال؛ إذا كان شراء الأرض بقصد البناء الشخصي فما هي مميزات هذا المخطط (العظيم)؛ وإذا كان بقصد البناء ومن ثم البيع فكم ستكون قيمة الوحدة السكنية.. إذاً.. هذا هو واقع الحال.. فما الحل؟ لا يمكن أبداً أن تخرج جهة واحدة بحل؛ ولن يكون الحل بخفض الأسعار لأن ذلك مستحيل.. إذاً ليكن الحل هو البحث عن خيار أفضل.. سآتي عليه؛ لكن لماذا وصلت الأسعار إلى هذه الأرقام وستزيد.. المتتبع لأصول تداول الأراضي يعلم أنها تمر بسلسة طويلة.. تبدأ بمنح الأراضي الكبرى (الخام) إلى أشخاص أو جهات؛ يجري البيع والشراء عليها عدة مرات.. وبالطبع في كل مرة يتحصل البائع على ربح مناسب – وهذا حق مكتسب لا جدال فيه – يلي هذا التدوير؛ تملك أحد المطورين للأرض والشروع في تقسيمها إلى أراض سكنية وتجارية.. ومن ثم بيعها بالمزاد العلني؛ وأكثر من 90% من عمليات البيع هنا تكون ب(البلك)؛ التي يشتريها صغار العقاريين؛ وأصحاب مكاتب وشركات المضاربة؛ الذين يباشرون البيع كقطع سكنية فيما بعد.. ؛ كثير منا يشتري تلك الأراضي بقصد (الادخار)؛ أو البناء؛ ففي الحالة الأولى تستمر سلسلة المضاربة على الأراضي.. . ترى من خلق هذا التسلسل (المضاربي) وإن شئت (الادخاري)؛ .. انه الطلب الفردي؛ بتحفيز وتشجيع من صندوق التنمية الذي ضخ منذ تأسيسه أكثر من 600 ألف وحدة سكنية.. وبالتأكيد ان لذلك خلفية اجتماعية؛ ذلك اننا مجتمع لا يقتنع إلا بالبناء والعيش والسكن وفق (ما يعجبه).. ليتحول كل منا إلى مقاول.. . حسنا.. الحل المقترح هو أن لا تمر الأراضي بهذه السلسة.. من خلال الحد من هذا التداول بتحويل الأراضي الخام إلى قرى سكنية يمول شراؤها (بدعم) حكومي. على الرغم من أن المملكة تخطط لإطلاق العنان لقطاع العقار في البلاد خلال العام الحالي 2010، ليكون علامة فارقة في قطاعي الإسكان والتمويل، من خلال مجموعة من القرارات التي بدأت بإصدارها منذ بداية العام، إلا أن بعض العقاريين متخوفون من حدوث فقاعة عقارية بسبب عدم وعي المواطنين بهذه الإجراءات، وتأخر مشاريع المخططات الحكومية بسبب تزاحمها مع مشاريع أخرى. وشهد السوق العقاري خلال الفترة الماضية تقسيم الأراضي ذات المساحات الكبيرة إلى صغيرة من قبل ملاك الأراضي، تتراوح مساحاتها مابين 280 إلى 380 متراً مربعاً نظراً لما تجده من رواج كبير بين أوساط المستهلكين. في الوقت ذاته تعاني المملكة من عجز في الوحدات السكنية يبلغ مليون وحدة ويتزايد بواقع 200 ألف وحدة سنوياً، وإن نسبة ملاك المساكن بالمملكة تعادل 30% وتعد الأدنى بين دول الخليج العربية. وأرجع خبراء، التوجه إلى تجزئة الأراضي السكنية، إلى ضعف القوة الشرائية لدى أغلب الباحثين عن مسكن بسبب شح آليات التمويل في السوق المحلي والتي على رأسها طول فترة الانتظار لقرض صندوق التنمية العقاري، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأراضي الخاصة المطورة والتي قد تصل إلى 50 % من تكلفة المبنى إضافة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء والعمالة، معتبرين عملية تجزئة قطع الأراضي السكنية وسيلة في تيسير تكلفة المسكن من خلال التوفير في سعر الأرض الخام لكل وحدة، والذي يشكل عادة ثلث تكلفة المسكن الإجمالية. ويرجع الارتفاع الحاصل إلى الأراضي المستهدفة للبناء وحيويتها وندرتها، إضافة إلى السبب الجوهري الذي يتمثل في الزيادة المطردة في الطلب على المساكن مع قلة المعروض، وتركيز الاستثمارات نحو العقار، باعتباره الملاذ الآمن استثمارياً، مع وجود بعض الأسباب الأخرى كالهجرة الداخلية نحو المدن الكبيرة. ويبحث المستثمرون العقاريون عن حلول لذوي الدخل المحدود والشباب الداخلين الجدد للحياة الزوجية للحصول على الأراضي والمساكن على أن تكون بأقل الأسعار، مع الوضع في الاعتبار أن المستثمر يريد الربح في النهاية. وبدأت بوادر الطفرة العقارية تظهر ملامحها من خلال الارتفاع المستمر في أسعار مختلف المنتجات العقارية في المملكة، نتيجة الطلب المتزايد على الأراضي السكنية الاستثمارية، الذي جاء بعد انحسار الترقب والركود الذي استمر على مدى السنوات الخمس الماضية. وتحتاج الطفرة المتوقعة خلال العام الحالي إلى استعداد جيد، كونها ستدر ربحاً على المستثمرين وأصحاب العقارات، لكنها تنعكس على أصحاب الدخل المحدود؛ وتتطلب مواجهة الأزمة الإسكانية بناء وحدات سكنية تفي بالغرض المطلوب. ودعا كبار العقاريين إلى التوسع في إنشاء الشركات العقارية، التي تستثمر في بناء الوحدات السكنية والتجارية وبأسعار مناسبة لذوي الدخل المحدود. في جدة رفعت تداعيات كارثة السيول التي ضربت المحافظة نهاية العام الماضي 2009 الطلب على الوحدات السكنية إلى 500 ألف وحدة وسجلت المخططات ارتفاعاً بأسعار المتر أراضي أحياء المحافظة البعيدة عن موقع الكارثة. وتوقع عقاريون أن يرفع مشروع تطوير العشوائيات الطلب على الوحدات السكنية نظرا لوجود نحو 1.2 مليون نسمة في أحياء جدة العشوائية، مشيرين إلى أن هناك نحو 250 ألف نسمة يعيشون في مناطق مخططة لا يملكون مساكن، ويقدر أنهم بحاجة إلى 80 ألف وحدة سكنية منخفضة التكاليف لإسكانهم. وجمد قرار أمانة جدة المتضمن إيقاف تقديم الخدمات ل 79 مخططا شمال وشرق جدة أسعار الأراضي والعقارات بنحو 30% من المخططات وتوقفت عمليات الشراء في تلك المواقع حتى الانتهاء من كامل مخططات مجاري السيول والأودية ووضع الرؤية لمستقبل المنطقة. وأطلقت الحكومة أخيراً مجموعة برامج لتوفير الخدمات الأساسية في مخططات المنح الحكومية من خلال تكليف وزارة الشؤون البلدية والقروية بحصر المخططات في المناطق كافة، وتشكيل لجنة من ست جهات تحدد معايير وأسس تحديد الأولويات على أن تطبق بشكل واضح على جميع المخططات. وفي الدمام الكثير من المخططات السكانية الجديدة، وأهمها ضاحية الملك فهد التي رصدت لها الأمانة نحو ملياري ريال منذ نحو 5 سنوات لتطويرها واستكمال البنية التحتية فيها، وهي تستوعب أكثر من 25 ألف قطعة أرض، إضافة إلى مخططات جديدة تنتشر على طريق الملك فهد المؤدي إلى المطار. وحددت دراسة أعدتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مساحة الأراضي السكنية المطلوبة للمساكنالجديدة بالهكتار في كل منطقة إدارية في كل فترة خمسية، وتؤكد زيادة المساحة السكنية المطلوبة في كل فترة عن الفترة التي سبقتها، وذلك بسبب الزيادة في عدد السكان. وأعلى المناطق التي تحتاج إلى أراض سكنية هي مكةالمكرمة تليها الرياض، وأقلها منطقة الحدود الشمالية ثم نجران والجوف. وأوضح عقاريون أن هناك طلباً متزايداً على قطع الأراضي التي تقع داخل النطاق العمراني، مبينا ان هذه التغيرات التي يشهدها السوق العقاري أمر متوقع لأسباب عديدة منها ارتفاع أسعار الأراضي مما يجعل في تقسيمها إلى أراضٍ متوسطة المساحات أمراً لا محال عنه لتعويض ارتفاع شراء قيمة الأرض، والسبب الثاني كثرة الطلب من قبل الباحثين عن المسكن، والسبب الثالث وهو الأبرز والذي يكمن في قلة التمويل المعطى للباحثين عن المسكن من قبل البنوك والشركات التمويلية. ويشير عقاريون إلى أن ملاك الأراضي الخام اتجهوا إلى التحالف مع مطورين عقاريين لتطوير أراضيهم بدلاً من بيعها، ما قلل حجم العرض، وفي الجانب الآخر أسهم ضعف تمويل المستثمرين العقاريين في تقليص حجم الطلب على الأراضي الخام. وتوقعوا أن يشهد العام الحالي 2010 طلباً قوياً على الأراضي السكنية نتيجة مؤشرات تشير إلى أن شركات التطوير تستعد لشراء أراض خام لإقامة مشاريع في منتجات مستهدفة. وتختلف نظرة المطورين العقاريين تجاه الأراضي الخام، فمنهم من يشتريها لغرض المضاربة وبيعها بسعر أعلى، ومنهم من يقوم بإيصال الخدمات إليها وبيعها كقطع سكنية واستثمارية وصناعية، ويرى آخرون في التطوير الشامل بإقامة مشاريع متكاملة المرافق والخدمات وتقديم منتج نهائي هو الأداء الصحيح الذي يجب أن تقوم به شركات التطوير العقاري.