كتبتُ مقالات كثيرة عن فكرة وجود أجناس إنسانية سبقتنا في العيش والفناء على كوكب الأرض .. وتواجد هذه الأجناس (قبلنا) حقيقة تثبتها رفاتهم المكتشفة في مناطق كثيرة من العالم ، كما يرجحها المفهوم الاسلامي للخلق وحقيقة أن الأرض كانت عامرة بالحياة قبل نزول آدم عليه السلام .. فقبل مائة الف عام مثلا كان هناك (انسان اريكتس) الذي وجدت آثاره في اندونوسيا والصين و(انسان النندرتالز) الذي عاش في أوروبا وفلسطين ناهيك عن أجناس غريبة اكتشفت عظامها في البيرو وأفريقيا وشرق الصين .. وحين أخبر الله ملائكته بأنني (جاعل في الأرض خليفة) قالوا عن سابق تجربة (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) وقال بعض العلماء : كان قبل الجن بشر من لحم ودم واستدلوا على ذلك بقوله (يسفك الدماء) وقال المسعودي "ان الله سبحانه خلق في الأرض قبل آدم ثمانيا وعشرين أمة مختلفة " .. ورغم ان بعض هذه الأجناس استمرت لفترة طويلة إلا ان آخرها (انسان النندرتالز الذي عاصر أجدادنا) انقرض قبل 25 ألف عام ولم يبق بالتالي غيرنا ؟ والسؤال هو لماذا انقرضوا وبقينا ؟ وهل سيواجه جنسنا مستقبلا نفس المصير ؟ وهل يدخل هذا ضمن آيات قرآنية كثيرة تتحدث عن بدء الخلق وإعادته بصفة دورية مثل قوله تعالى (وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده ) !؟ ... وكنت قد انتهيت قبل أيام من قراءة كتاب يدعى (الأجناس التي انقرضت : لماذا مات انسان النندرتالز وبقينا نحن) . وهو من تأليف عالم انسانيات يدعى كليف فاينلايسون يفترض فيه أن بقاء جنسنا الحالي (وانقراض إنسان النندرتالز الذي سبقنا على الأرض قبل أن يختفي منذ 25 ألف عام) ليس أكثر من مصادفة جغرافية ومناخية .. فإنسان النندرتالز لم يكن أقل ذكاء ولا قدرة على التحمل ولكن هجرته الى شمال أوربا وعدم قدرته على التكيف مع العصر الجليدي الأخير ساهما في انقراضه بالتدريج في الوقت الذي تمتع فيه معظم جنسنا بالدفء والخصوبة في وسط أفريقيا!؟ ... والعجيب فعلا أن كافة الانقراضات البشرية المحتملة حدثت في هامش الأربعة ملايين عاما الماضية (أو هذا ما توصلنا إليه حتى الآن) . وفي المقابل لا يقارن هذا الرقم بعمر الأرض الطويل ( الذي يساوي على أقل تقدير 4,6 بلايين عام) وحقيقة أن آخر انقراض عظيم حدث قبل 65 مليون عام (حيث اختفى 90% من مخلوقات الأرض من بينها الديناصورات العظيمة) ... وكان العلماء حتى سنوات قليلة مضت ينظرون لحوادث الانقراض العظيمة (والشاملة) كحوادث منفصلة ومعزولة قد تحدث بسبب نيزك شارد أو بركان طارئ أو طوفان مفاجئ . غير أن اكتشاف نمط زمني مكرر بين الموجات الكبيرة جعلهم يقتنعون أكثر بفكرة حدوثها بشكل دوري منتظم .. واليوم أصبح واضحا أننا كلما عدنا الى الخلف أكثر اكتشفنا مواسم فناء دورية حدثت ضمن مضاعفات العدد 62 مليون عام (تغير الأرض على إثره مابين 90% الى 95% من مخلوقاتها وتعوضهم بكائنات ومخلوقات جديدة تماما) .... وبما أن آخر موجة انقراض عظيمة حدثت قبل 65 مليون عام يحق لنا إضافة السؤال التالي لأسئلتنا السابقة: هل فات موعد انقراض البشر ، أم أننا تأخرنا فقط ضمن هامش العمر الطويل لكوكب الأرض!؟