كتاب البداية والنهاية لابن كثير، والمستطرف للأبشيهي، وربيع الأبرار للزمخشري، ومروج الذهب للمسعودي - وكثير غيرها - تضمنت أوصافا غريبة لأقوام (ليسوا ببشر) وبشر (ليسوا من بني آدم) وأناس يشبهوننا (ولكنهم يختلفون عنا في الضخامة والطول) .. فقد جاء مثلا في كتاب تحفة الألباب على لسان مؤلفه الشيخ عبد الله : ... "كما رأيت في بلاد البلغار رجلا طوله سبع وعشرون ذراعا يسمى دنقي كان يأخذ الفرس تحت إبطه ويحمل شجرة البلوط كأنها عصا وكان إذا لقيني يرحب بي ولم يصل رأسي الى ركبتيه"... أما الثعالبي فيتحدث - في عرائس المجالس - عن ضخامة بني عاد : "وكان رأس أحدهم كالقبة العظيمة وكانت عين ومناخير الميت منهم تفرخ فيها السباع والطيور"!!. والغريب أكثر أن مثل هذه الروايات تجدها في الأساطير اليونانية والهندية والصينية وتراث بني إسرائيل .. وحين أقرؤها لا أستطيع منع نفسي من التساؤل إن كانت تعود لأقوام سبقونا في العيش على كوكب الأرض ولم يعد لهم وجود هذه الأيام (كون كثير من الأساطير تُبنى على نواة الحقيقة)! .. وفي كل مرة ينتهي بحثي إلى (نعم) لوجود شواهد نقلية وعقلية تؤيد هذه الفرضية .. فمن وجهة نظر إسلامية كانت الأرض عامرة بالحياة - قبل نزول آدم بدليل أن الله حين أخبر ملائكته بأنني (جاعل في الأرض خليفة) قالوا عن سابق تجربة (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء).. وعن هذه الآية قال بعض المفسرين : لم يكونوا من الجن بل كانوا بشرا من لحم ودم بدليل قولهم (يسفك الدماء) .. كما استدلوا على تكرار الأجناس والمخلوقات بقوله تعالى (كما بدأنا أول خلق نعيده)حيث يقول المسعودي "خلق الله قبل آدم ثماني وعشرين أمة على خلق مختلفة".. أما في عصرنا الحالي فيفرق الدكتور عبد الصبور شاهين بين كلمتي (بشر) و(إنسان) في كتابه "أبينا آدم" ويستشهد بآيات كثيرة تثبت ان (البشر) لفظ عام اطلقه القرآن على كل مخلوق عاقل يسير على قدمين في حين أن (الإنسان) لفظ خاص بالمكلفين من سلالة آدم عليه السلام!! .. أما من وجهة نظر علمية فلا ننسى أن عمر الأرض يتجاوز 4بلايين عام مقابل 450ألف عام للإنسان الحديث أو الهوموسبين (في حين لا يزيد تاريخنا المكتوب عن 5آلاف عام فقط) .. وهذا الفرق الشاسع يجعلنا لا نستبعد ظهور أجناس بشرية كثيرة سبقتنا على كوكب الأرض وسفكت دماء بعضها البعض قبل أن تنقرض تماما .. وهذا الاحتمال تسانده حقيقة أن 98% من مجمل المخلوقات الأرضية ظهرت وانقرضت قبل ظهور الإنسان الحديث (كالديناصورات التي اختفت قبل ظهورنا بستين مليون عام كاملة) .. وفي حين يصعب العثور على بقايا بشرية تعود لملايين السنين إلا أن هناك - على الأقل - جنساً بشرياً واحداً مختلفاً أثبتت الحفريات وجوده قبلنا .. وهذا الجنس يدعى إنسان النياندرتال (سبق وكتبت عنه بالتفصيل) ولم ينقرض إلا من 35الف عام فقط .. وهذا الرقم يعني أنهم عاشوا جنبا لجنب مع أجدادنا (بني آدم) لمدة 400ألف عام على الأقل قبل أن يختفوا ونبقى نحن .. وكانوا أذكياء يشبهونا من الخارج (كما يتضح من هياكلهم العظمية) إلا أنهم يختلفون عنا لدرجة أن تزاوجهم مع بني آدم لم يتسبب بظهور جنس ثالث هجين .. ورغم اكتشاف بقاياهم في مواقع كثيرة حول العالم إلا أن كهوف جبل الكرمل في فلسطين تعد مميزة بسبب استعمالها كمقابر لكلا الجنسين دون اكتشاف أي هياكل هجينة أو مختلطة تثبت نجاح التزاوج بينهما.. - كل هذه الحقائق تقودنا للتساؤل عن مصيرنا في المستقبل وإن كان هناك جنس بشري جديد سيخلفنا (ويهتف باسم ذاتك بعدنا) !؟