ما أثارته المحاولة الإرهابية الفاشلة لتفجير طائرة ركاب مدنية أمريكية من قبل الإرهابي النيجيري (عمر الفاروق عبدالمطلب) عشية أعياد الميلاد فوق مدينة (ديترويت) الأمريكية، وإسراع السلطات الأمنية الأمريكية بعد المحاولة بساعات قليلة للإعلان عما قالت عنه دلائل مثبتة تؤكد أن الإرهابي الانتحاري جرى استقطابه وتسليحه وتدريبه من قبل (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) التنظيم الإرهابي الدولي الذي يبحث عن الضجة والإثارة الإعلامية والسياسية، وبالذات تلك التي من شأنها أن تضخم من حقيقة وجوده وقوة فعله الإرهابي وخطره على الأمن الدولي، هذه الإثارة الكبيرة على المستويين الإقليمي والدولي جذبت الاهتمام ولفتت الأنظار نحو اليمن بما حملته من مبالغات وتهويل، كما أنها جعلت هذا التنظيم يستغل هذه الأحداث والإثارات والانسياق الإعلامي الدولي الموجه نحو اليمن وتوظيف ذلك بما يتفق مع مصالحه ويخدم أهدافه، وربما لأسباب تتعلق بأمنه وتمويه خططه ومشاريعه الإرهابية في الحاضر والمستقبل.. والتي يحتمل انه يعد لتنفيذها في مناطق أخرى من العالم، كما أن هذا التنظيم من خلال فرعه في جزيرة العرب استثمر التصريحات الإعلامية والرسمية الأمريكية وسارع في إعلان مسؤوليته عن هذا العمل الإرهابي، وأكد ذلك التوظيف التسجيل الصوتي المزعوم لزعيم تنظيم القاعدة (أسامة بن لادن) عبر شبكة الانترنت وما تبعه من تصريحات منسوبة للإرهابي (سعيد الشهري) اللذين أرادا من خلال تصريحيهما استغلال الدعاية الإعلامية المرتبطة به في محاولة لتعظيم حقيقة عناصر القاعدة شبه الأميين والمطاردين من قبل أجهزة الأمن اليمنية والعائشين في عزلة شبه تامة عن العالم.. متنقلين بين كهوف الجبال النائية باحثين عن ملاذ آمن.. وإظهارهم أمام الرأي العام قوة ضاربة وقادرة على أن يطالوا بعملهم الإرهابي أبعد نقطة على سطح الكرة الأرضية، متباهين بما يعتبرونه انجازاً وانتصاراً تاريخياً لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، والسعي إلى تقديم أولئك الإرهابيين للرأي العام العالمي وكأنهم علماء ومختصون في البحث العلمي في أرقى المختبرات المجهزة بتقنية علمية عالية، ومتفرغين لوضع المعادلات الكيميائية والتجارب التطبيقية لصنع مثل هكذا أنواع من الأسلحة والمتفجرات الخطيرة وتهريبها من مختبراتها داخل كهوف اليمن عبر رحلة طويلة لتستقر داخل الطائرة الأمريكية في مطار (امستردام) متجاوزة كل الاحتياطات والأجهزة الأمنية والاستخبارية وتقنياتهما العالية. وقبل أن تتضح وتتكشف الكثير من تفاصيل وحقائق هذه العملية الإرهابية وكيفية استقطاب منفذها لتنظيم القاعدة وسيرة حياته وارتباطاته بمكوناتها المتعددة في أكثر من بلد.. ابتداءً (بنيجيريا) و(بريطانيا) و(أمريكا) نفسها، ودون أي اعتبار لتصريحات المدعي العام الهولندي التي أكدت أن المتفجرات التي كانت بحوزته حملها من (نيجيريا)، حيث تم الترتيب والإعداد لهذه العملية.. قبل أن تتكشف الكثير من المعلومات والحقائق الموضوعية عن نشاطات منفذ هذا العمل الإرهابي التي كشفتها الاستخبارات البريطانية، ووالد الإرهابي نفسه، وجهات كثيرة متعددة، كانت وسائل الإعلام الأمريكية بمختلف أشكالها ووسائلها ومعها بعض وسائل الإعلام الأوروبية وبالذات البريطانية التي انساقت خلفها بعض وسائل الإعلام العربية قد شرعت في القيام بتنفيذ أكبر حملة إعلامية سياسية دعائية منظمة وموجهة، من حيث سماتها وحيثياتها ودوافعها الظاهرية، أعادت إلى الذهن العربي المعطيات والمخاوف التي ولدتها تلك الحملة الإعلامية التي تبنتها هذه الجهات السياسية عشية غزو (العراق)، وكان هذا سبباً كافياً لتخوف الكثير من اليمنيين والعرب وتنامي شكوكهم وريبتهم في الغايات والأهداف الحقيقية التي ترتكز عليها هذه الحملة الإعلامية السياسية، لاسيما وأنها تتوحد مع سابقاتها في (العراق) و(أفغانستان) و(باكستان) في أسبابها وأهدافها التي يتم اختزالها في الغالب العام تحت شعار "الحرب على الإرهاب". منذ ال25 من ديسمبر الماضي وجدنا أنفسنا في (اليمن) شعباً وحكومة، أمام وضع خطير ومقلق للغاية، لاسيما بعد أن أضحت (اليمن) وأكثر من أي وقت مضى في بؤرة الاهتمام الإعلامي والسياسي والأمني الدولي، وشكلت في آن مادة وهدفاً لحملة سياسية إعلامية موجهة ومنظمة وجدتها غالبية السكان غير بريئة في أهدافها، وجعلت من العملية الإرهابية الفاشلة ومنفذها المواطن النيجيري منطلقاً لها، وخلال فترة وجيزة جداً نجحت هذه الحملة في إحداث واحدة من أكبر عمليات التشويش الفكري حول هذه القضية، وإعادة تشكيل قناعات الرأي العام ومحاولة إقناعه "بأن اليمن ونظراً للوجود القوي والفاعل لعناصر القاعدة فيها أضحت تشكل احد أكبر مصادر الإرهاب العالمي والخطر المهدد للأمن والسلام الدوليين" وهذا الأمر أرضى أصحاب المصالح من هذه الحملة الإعلامية الذين سارعوا إلى التصريح بجعل الأوضاع في اليمن ضمن أولوياتهم العملية القيادية، والسياسية والأمنية، وسارعت القيادات الرسمية في هذه الدول باختلاف مواقعها ومسؤولياتها إلى توزيع مختلف أنواع التصريحات الرسمية التي من شأنها إضفاء أبعاد سياسية وأمنية دولية على هذه الحملة الإعلامية وتمهد لإجراءات عملية كانت هذه الدول تعتزم الإقدام عليها. تتجلى أبرز ملامح خطر الحملة الإعلامية التي تعرضت لها اليمن من خلال المعطيات والحقائق التالية: الريادة الإعلامية الأمريكية التي تضافرت وتكاملت معها بعض وسائل الإعلام الأوروبية وجميعها تمتلك من الإمكانات والخبرات والوسائل والتأثير الجامح على الرأي العام العالمي وتشكيل مواقفه وتزييف قناعاته، وتتميز بالهيمنة المطلقة والاحتكار لكل المصادر المعلوماتية والمعرفية في مختلف القطاعات المؤثرة في الوعي السياسي وصناعة وتوجيه الأحداث العالمية وتسخيرها لخدمة أجندتها السياسية ومصالحها الدولية، وأول مصادر الخطر والقلق يتمثل في الدور الحاسم للإعلام الأمريكي في توجيه وصناعة القرار السياسي الرسمي وبالذات الخارجي، ودوره التأريخي في حشد وإقناع الرأي العام وبالذات الأمريكي والى حد ما الأوروبي، بأن العالم بجميع مناطقه ودوله تمثل مناطق نفوذ ومصالح أمريكية مفتوحة، وأن من يقف ضد سياستها الخاطئة أو التوسعية.. أو من يحاول الدفاع عن سيادته الوطنية وعن مصالحه القطرية أو الإقليمية وحمايتها من أثر ومد النفوذ والسيطرة الأمريكية المباشرة أو يعترض مصالحها ويقف ضد إرادتها هو إرهابي أو دولة مارقة، فالعالم في وجهة نظر السياسة والإعلام الأمريكي منقسم إلى معسكرين "معها أو ضدها". الإعلام الأمريكي الذي أجاد تضخيم وإشاعة الرعب والخوف في الوعي الجمعي للشعب الأمريكي مما يسميه أو يصنفه بالإرهاب أو الخطر الإرهابي القادم من (جزيرة العرب)، نجح في الوقت ذاته في توظيف هذا المفهوم الهلامي في خدمة التطلعات التوسعية والهيمنة الامبريالية "السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والعسكرية، والأمنية" التي يتبناها صقور الإدارة الأمريكية واللوبي الصهيوني فيها. هذه الإدارة والآلية الإعلامية سارعت إلى الجزم بأن "الإرهابي (عمر الفاروق) تم استقطابه وتجنيده وإعداده من قبل جماعة القاعدة في (اليمن) التي أرسلته لتنفيذ جريمته الإرهابية في (أمريكا)".. دون أن تتأنى وتتأكد أين تم استقطابه بالفعل. وبسبب التهويل الإعلامي الأمريكي - الأوروبي هرع العشرات من الصحفيين من مختلف وسائل الإعلام الدولية من أمريكا وأوربا وكندا وغيرها، واكتظت صنعاء بالمئات من مراسلي القنوات الفضائية الكبرى والصحف ووسائل الإعلام الدولية الأخرى في سابقة لم تشهدها اليمن في أي حدث؛ وأغلب هؤلاء جاءوا وهم يحملون وهم الاعتقاد بأن (اليمن) تعيش نفس أجواء (أفغانستان) أو (الصومال) أو حتى أوضاع (بلاد القبائل) في (باكستان) وأن القتال وأجواء الإرهاب والرعب في كل مناطق اليمن.. مدنها وريفها.. جبالها وسهولها، ولكنهم تفاجأوا بحقيقة الأوضاع المستقرة والهادئة.. وتكشفت لهم الأضاليل التي روجت لها تلك الوسائل الإعلامية، والتي أكد خطأها الصحفي والكاتب الأمريكي المشهور (توماس فريدمان) في صحيفة (نيويورك تايمز) يوم الأحد 7 فبراير بعد زيارة قام بها إلى اليمن حين وجد بأن (صنعاء) ليست (كابول) وأن (اليمن) ليست (أفغانستان) ضمن مقالة بعنوان: "بطاقة مرسلة من اليمن". الضجيج السياسي الإعلامي حول (اليمن) انتهج أسلوب المبالغة والتضخيم المتعمد لحجم ونوعية عناصر الإرهاب القاعدي في (اليمن) والتهويل من إمكاناتها وخطرها الواقعي على حاضر ومستقبل (اليمن)، وعلى الأمن الإقليمي والدولي، وتحت شعار (التعاون الأمني مع اليمن) حاول أصحاب هذه الحملة الإعلامية تجنيد وحشد الرأي العام والموقف الإقليمي والدولي بشقيه الرسمي والشعبي، وصفّ الجميع خلف الإدارة الأمريكية والبريطانية في معركة واحدة هي معركتها مع القاعدة في جبهة جديدة ثالثة هي (اليمن)، وتجاهل متعمد غير بريء لجذور وأسباب الإشكالات الأمنية والاجتماعية في (اليمن) والمتمثلة بالفقر المزمن وشيوع الجهل والبطالة والانفجار السكاني في مجتمع محدود الموارد ويعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر المدقع. هذا التجاهل المتعمد للوضع في (اليمن) أصبح أكثر خطراً على سمعة ومكانة (اليمن) ووضعها الداخلي حين عمد هذا الإعلام إلى استثمار الأوضاع اليمنية الراهنة وما تشهده بعض المحافظات من حوادث أمنية متفرقة لإثبات مصداقيته أمام الرأي العام وإقناعه بكل ما يسوّق إليه من قناعات وتوجهات وأهداف سياسية وأمنية يراد بلوغها، لقد استند هذا الخطاب الإعلامي السياسي على حقيقة الفقر والوضع الاقتصادي الصعب.. والإشكالات والأزمات الاجتماعية والسياسية والأمنية المتناسلة عنه، ليجعل منها وسيلة لتقمص الحقائق ومنطلقاً لرسم صورة سوداوية غير واقعية لليمن في ذهن المتلقي... الخ من الادعاءات المكرسة لتشويه حقائق الواقع اليمني واختزال كافة أزماته وإشكالاته في نشاط عناصر القاعدة، وتصوير (اليمن) للرأي العام كبؤرة من بؤر الإرهاب الدولي ومصدر من مصادر الخطر التي تهدد الحياة والأمن في العالم. في ظل هذه المغالطة المتعمدة بات من الصعوبة بمكان على الرأي العام الإقليمي والدولي التمييز بين حقائق وأزمات ومعطيات الواقع اليمني وما تفرضه من أولويات وواجبات عربية ودولية في المساعدة على حلها، وبين التحريض السياسي الذي تتبناه بعض التيارات السياسية الداخلية من منطلق مصالحها ورؤيتها الانتهازية في التعاطي مع هذه الأزمات والحقائق ومحاولة توظيفها كذريعة وبوابة لبعض القوى الدولية لتنفيذ مخططاتها وأجندتها الإستراتيجية في المنطقة. التغييب المتعمد لدور ومكانة (اليمن) في الحرب الإقليمية والدولية على الإرهاب، وتجاهل معركتها الطويلة ونجاحاتها وانجازاتها في هذا المضمار، فهذه الحملة السياسية الإعلامية التي جعلت من (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) قضيتها المحورية والبوابة التي تم من خلالها استهداف (اليمن)، تعاطت مع الوقائع المعاصرة بمعزل عن جذورها التاريخية وعن طبيعة الأوضاع والإشكالات الاقتصادية والتنموية التي زادت حدتها خلال السنوات المنصرمة ووفرت الأجواء والمناخات لعدد من العناصر الإرهابية في (اليمن) و(السعودية) وبالذات الخارجة من معتقل (جونتنامو) أن تطفو على السطح وبالطريقة التي ظهرت عليها لتعلن عن تأسيس (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) مستفيدة إلى حد كبير من الأبعاد السياسية الداخلية والخارجية لظاهرة الإرهاب التي جرى دعمها وتوظيفها واستخدامها من قبل عدة أطراف لتحقيق أهداف محلية وإقليمية تختلف باختلاف الغايات التي يسعى إليها كل طرف على حده، وإذا ما نظرنا إلى التحالف القائم حالياً بين قوى الإرهاب الفاعلة على الساحة اليمنية ممثلة في (القاعدة، وعناصر التمرد الحوثية ودعاة التمزق والانفصال) سنجده أحد أشكال الإفرازات العملية للتوظيف الداخلي والخارجي لعناصر الإرهاب باختلاف مسمياتها وشعاراتها ومكونها السياسي الاجتماعي وانتمائها المذهبي الديني، واليوم حين نتكلم عن الإرهاب القاعدي الذي يمثل الهدف الاستراتيجي للحرب الدولية على الإرهاب والتي تعتبر (اليمن) شريكاً فاعلاً للمجتمع الدولي في هذه الحرب، لا يمكننا من الناحية العملية فصله عن بقية أشكال وقوى الإرهاب الأخرى الموجودة على الساحة اليمنية والتي تعمل بشكل مترابط ومتكامل وتعاون متبادل، فالقواسم والأهداف المرحلية المشتركة التي تجمع عناصر هذا التحالف والقوى السياسية الداخلية والخارجية المتبنية والداعمة لكل طرف منها، خلقت حالة من التنسيق العملي وصلت إلى درجة التماهي والتلاقح المتبادل، وأضحى كل طرف يستمد عناصر قوته وعوامل وجوده واستمراره وقوة تأثيره من الطرف الآخر، وأضحى من الصعوبة بمكان حسم المعركة مع الإرهاب القاعدي بمعزل عن حسمها مع الأطراف الأخرى الشريكة والحليفة له في الإرهاب بعد تحقيق الوحدة اليمنية. بدأت الحرب العملية بين الدولة اليمنية وجماعة الإرهاب القاعدي بشكل غير معلن حول قضية الدستور الذي كفّرته هذه الجماعة، وفي العام 1992م، وعلى الأرض اليمنية جرت أول عملية إرهابية قام بها تنظيم القاعدة، واستهدفت عدداً من العسكريين الأمريكيين توقفوا في أحد فنادق مدينة (عدن) كانوا في طريقهم إلى (الصومال) هذه العملية الإرهابية التي حصلت في وقت لم يسمع فيه العالم شيئاً عن الإرهاب القاعدي أو عن تنظيم القاعدة شكلت البداية العملية لحرب طويلة وصامته لم تعرف الهوادة بين السلطات اليمنية وهذه الجماعات.. انتقلت إلى مرحلة نوعية اشد خطورة بعد الإعلان عن تشكيل ما بات يعرف بتنظيم القاعدة في فبراير1998م. حرب اليمن ضد القاعدة على الرغم من ضراوتها وتعدد وسائلها وأشكالها وتكاليفها البشرية والمادية الكبيرة ظلت مجهولة بالنسبة للعالم الذي صحا بشكل قوي ومفاجئ في اكتوبر2000م على وقع واحدة من اخطر العمليات الإرهابية التي استهدفت في الأساس الاقتصاد والأمن والاستقرار في (اليمن).. قبل أن تستهدف المدمرة الأمريكية (يو اس اس كول) في ميناء عدن وراح ضحيتها (17) قتيلاً و(28) جريحاً من الجنود الأمريكيين. لقد تجاهل الإعلام الغربي حقيقة الحرب التي تخوضها اليمن ضد الجماعات الإرهابية منذ العام 1990م وحتى الآن، وما ترتب عنها من تأثيرات وانعكاسات سلبية خطيرة ومدمرة طالت كل عناصر ومكونات البناء المادي والروحي للمجتمع اليمني بأسره، ولامست بشكل مباشر مختلف مجالات الحياة دون استثناء، وفرضت تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية واجتماعية إضافية، وتسببت بخراب ودمار هائل في المصادر والموارد الاقتصادية الإستراتيجية للبلد وكلفت المجتمع خسائر مادية مباشرة وغير مباشرة تقدر بمليارات الدولارات سنوياً وتضحيات بشرية جسيمة. في مواجهة هذه المخاطر والتحديات والاستنزاف المتواصل لإمكاناتها ومواردها التنموية المحدودة، ظلت (اليمن) تنشد الدعم والمساندة من أشقائها وأصدقائها بشكل رسمي وغير رسمي.. وعبر وسائل الإعلام، وفي سياق مساعيها لاحتواء الظاهرة الإرهابية ضمن أضيق نطاق جغرافي ممكن في المنطقة، وطالبت بضرورة التحرك الإقليمي والدولي لمساعدتها اقتصادياً وتجاوز إشكالاتها التنموية المزمنة التي أثرت على أمنها واستقرارها وحصانتها أمام النشاطات الإرهابية المعادية والتدخلات الخارجية؛ فشيوع الفقر في هذا البلد جعله بيئة اجتماعية وسياسية وثقافية رخوة لاستزراع بذور التطرف والإرهاب.. والحلقة الأضعف في الأمن الإقليمي التي تمر عبرها أيديولوجية الإرهاب وعناصره في خارج الدائرة الوطنية، أمام هذه المناشدات والمطالب الملحة لم تحرك الأسرة الإقليمية والدولية ساكناً إلا في الحالات الاستثنائية التي طال فيها الخطر الإرهابي الأمن الإقليمي والدولي، واكتفت بالدعم المعنوي وشيء لا يذكر من الدعم المادي إذا ما قورن بتكاليف هذه الحرب والخسائر الضخمة المترتبة عنها، وتُركت (اليمن) تخوض حروبها مع الإرهاب الدولي، وتتحمل أعباءها الكبيرة التي تجلت مظاهرها اليوم في تردي أوضاع الواقع اليمني واستفحال إشكالاته وأزماته المختلفة وتداعياتها الخطرة على الأمن والاستقرار الإقليمي بأبعاده الدولية. ما من شك ان هذا الضجيج الإعلامي قد أثر سلباً في جهود القيادة والحكومة اليمنية واحتواء نجاحاتها في الحرب على الإرهاب وحشد التأييد والدعم الإقليمي والعربي والدولي لتوجهاتها العملية في تجفيف منابع الإرهاب ومشاريعها السياسية فيما يتعلق بالمعطيات والمعالجات الأساسية لمشكلات الواقع اليمني الرئيسة المتمثلة في التغلب على فقره وتخلفه الاقتصادي وضعف معدلات التنمية الشاملة، وما ترتب وتناسل عنها من إشكالات وأزمات وظواهر سلبية مختلفة، تسعى الدولة اليمنية منذ وقت بعيد إلى توفير الدعم والإمكانات المادية اللازمة لمعالجتها وفق أولويات أهميتها وضرورتها بالنسبة للأمن والاستقرار الداخلي والأمن الإقليمي والدولي، وفي الطليعة منها القضايا والإشكالات التي تحتل أهمية قصوى في نظر العديد من السياسيين والمفكرين العرب والأجانب المتمثلة في الحرب على قوى الإرهاب والتمرد وجماعاته الرئيسية "القاعدة، الحوثية والحراك الانفصالي". * رئيس تحرير صحيفة 26 سبتمبر اليمنية -