هو خبر خاص وقد لا يهم أحدا غيري، ولكنها الفرحة و للفرح دائما مقاييسه الأخرى. خمس سنوات لكل ثانية فيها حكاية، وكل يوم من أيامها كان ينقلني من حيث أعلم إلى حيث لا أعلم. خمس سنوات عشت من خلالها حياة كاملة، وشعرت بما لم أشعر به قط. خمس سنوات لم تكن عادية، بل كانت في عمري شيئا يفوق عمري، وهي من جعلت مني ما أنا عليه الآن. كان انتمائي لكلية علوم الحاسب الآلي والمعلومات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أول خطوة دفعتني للثقة بأن رزقي لن يأخذه أحدا غيري، وأن من توكل على الله فهو حسبه. كل شئ وقتها كان مختلفا، حتى أنا. عالمي بات حينها أصغر من أن يسع زحمة المكان حولي. أحسست بمسؤولية كبيرة اتجاه أحلامي الصغيرة. لا تصف الكلمات ما شعرت به، فكل شئ داخلي تغير بسرعة. كبرت بتلك اللحظات عشر سنوات وربما أكثر. وكبرت أحلامي معي حتى تخطت حدود عالمي، ولربما إمكانياتي وقتها. كانت طموحاتي كبيرة، وتطلعاتي أبعد من أن تستطيع فتاة في مثل عمري الوصول لها. إلا أني لم أتوقف عن الحلم، ولم أفقد الأمل للحظة رغم كل ما عانيته خلال تلك السنوات. من كل تجربة مؤلمة تعلمت، ومن كل فشل خلقت نجاحا وإبداعا. وفي كل مرة كنت أسقط، أصبح أقوى ويزداد تفاؤلي وثقتي بالله ثم بي. آمنت أنه حين تغلق أبواب الدنيا في وجهي وأنا أؤمن أنه حق لي أن تفتح، فإن الله رغما عن كل الظروف سيسخر لي من خلقه من يفتحها. وازداد هذا الإيمان داخلي مع كل باب فتح أمامي بعد أن كان مغلقا. استطعت بفضل من الله أن أتغلب على كل الظروف لأحقق الجزء الأكبر من أحلامي على الصعيدين العلمي والأدبي. وها أنا الآن أتخرج من كليتي الحبيبة بتفوق وأعود لقرائي الذين افتقدتهم كثيرا. رسالة اعتذار أنسجها في هذه الصفحة لكل من كنت في خطاي بعيدة عنه رغما عني. ورسالة شكر أقدمها لكل من وقف بجانبي وساندني في طريقي الطويل وربما المتعب. ها هو حلمي يتحقق، وها أنا أتخرج بامتياز لأخلف نجاحي الأدبي بنجاح علمي بعد أن كانت هذه مجرد أحلام لا أملك من أمرها شيئا. تحققت تلك الأحلام, وولدت داخلي أحلاما أكبر وتطلعات أبعد سأسعى جاهدة للوصول إليها بإذن الله. والدتي هي من كانت لمصابيحي الصدئة أحيانا والمهملة أحيانا أخرى لمسة حانية سحرية تخرج مارد الحزن من داخلي، لا تأمره بالرحيل بل تعلمه أن يبتسم وأن يتأمل القادم فلربما كان أجمل. والدي هو من حمل عود ثقاب ثم استدار لينحني للشموع و يمنحها صلاحية الإضاءة وإحساس البقاء، لتنير دربي في هذه الحياة. إخوتي كنتم دوما معي، تشدون من أزري وتمنحوني من القوة الشئ الكثير، أختي الوحيدة لا يسعني أن أتجاهل وجودك الذي اقترن بكل نجاح كتبته الأيام في صفحتي. شكرا لكم جميعا لأنكم دوما هنا, من أجلي. أساتذتي أعضاء هيئة التدريس في كليتي العزيزة، تعلمت منكم كيف أثق بنفسي، وكيف أعطي بلا توقف. تعلمت منكم أن أحب الكتاب وأن أتطلع إلى ما أبعد من النجاح بكثير. تعلمت منكم أن العلم لا يرتبط بقدرة عقلية وحسب، بل برغبة جادة في التعلم والتفوق. تعلمت أن أعشق ما أتعلم وأن اجتهد لتحقيق حلمي فلكل مجتهد نصيب. تعلمت أن لا يكون هدفي الوصول إلى القمة، بل البقاء بها. معكم لا أملك سوى مساحات من العجز أو قليل من الكلمات، فشكرا لكم. وتحقق الحلم... فالحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات. لا تتخلى عن حلمك وتحوله إلى أمنيات، مجرد حروف تدونها في دفتر يومياتك، دع حلمك يتحول إلى عمل، دع حلمك يرى النور، ثابر وكافح من أجل تحقيقه. لا تحكم على الطرق الجديدة، بل امنح نفسك فرصة لتدرك معانيها وفوائدها. تأكد أن الروتينية المفرطة قاتلة للعقل، افرح بالتغيير واجعل إدراكك له أوسع. فمهما كانت تذمراتنا من الطرق الجديدة، لكنها تبقى تجارب جميلة، لا بد وأن تهدينا أفق أوسع نحلق فيه. تتوسع معه مداركنا ونظرتنا للحياة.