على وشك اجتياز الفصل الأول لي في جامعة الملك سعود، وعلى وشك تصديق المسلسل الذي أعيشه كل صباح بعنوان طالبة قانونية تشعر أن قدراتها أقل من أن تستوعب كتابا يبلغ 300 صفحة خلال يومين! ذاك واحد من أحلامي التي أتت من السماء وأخذت من تأني الغيوم واكتسبت رائحة تشبه المطر لا يشعر بها سواي. بفضل الله أتاني حلمي وكلي فرحة به، على أمل بتلك الأحلام الباقية عند الله، التي أشعر بقربها وتتابعها. فالفرح كالحزن لا يأتي وحده أبدا.. إنما جيوش تأتي معلنة حربا باسم السعادة أو التعاسة. أشعر أن أحلامي قريبة جدا وأنها ستصطدم فيني جميعها بوقت واحد بفرحة واحدة! بدوت أكبر من السابق يا صديقتي.. بدوت مهتمة بأشياء لم أكن أعرها أي اهتمام والعكس كذلك أيضا. بدأت أراني قادرة على فعل عدة أشياء في وقت واحد محققة نجاحا مبهرا وخفقانا مزريا أيضا.. بدأت أنسى كيف كنت أمارس حفلات البكاء.. وكذلك بدأت أنسى صوت ضحكاتي التي تكاد تخلع قلبي من مكانه كما كنت أضحك بين جموع صديقاتي في عدة أماكن متفرقة من المدرسة في عدة فصول فرقتنا بين العلمي والأدبي، جاهلات معنى الفراق الذي سيجعل لكل واحدة جامعة بعيدة عن الأخرى ومدينة أبعد من الأخرى ولربما خارج حدود الدولة. وبدأت أمارس صباحاتي مجردة من صديقاتي، مجردة من أصواتهم التي لا أسمعها إلا ما بين الأسبوع إلى الشهر. ومازلت أشعر أنني أملك أفضل صديقات على الإطلاق, بدأت أشعر بقوة في داخلي بدأت أطلق على نفسي الفتاة الحديدية، والعكس كذلك يا صديقتي في وقت خلواتي أضعف.. أضعف أضعف. بدأت ذات مبادئ وأفكار تميزني كما بدأت صريحة للغاية ومجاملة للغاية! هكذا بدأت الآن في أقصى درجات تناقضاتي.. بدأت أفكر في مستقبلي كثيرا, بدأت قادرة على النقاش بشكل جريء، بدأت أضحك من مواضيع الخطوبة التي تفتحها والدتي بين الحين والآخر. بدأ لي مزاج أداريه ولي علاقات مهمة وواجبات ملزمة أن أقوم بها، وبدأت أراني في مرآة غرفتي فأبتسم.. بدأت أشعر أنني كبرت وأصبحت جميلة كأمي تماما! بدأ صوتي يصبح قريبا من نبرة أمي فأصبحت أغني دائما بصوت مسموع على ألحان فيروز التي لا أستغني عنها في صباحاتي.. كبرت يا صديقتي تدريجيا دون أن أشعر بذلك، أمسيت طفلة وأصبحت فتاة متكاملة قادرة على أن تعتمد على نفسها.. أصبحت أستشعر النعم التي حولي بدأت أشكر الله عليها بشكل يجبر على البكاء سعادة. أصبحت أشعر أن الأصدقاء نعمة لا يشعر بها إلا فاقدها! بدأت أحبني كثيرا حينما أرى صوري متوسطة صديقاتي.. أحبني بشكل يخيفني من أن أكره نفسي. مدونة: حنين http: //i7aneen.blogspot.com/