تتباهى الأمم المتحضرة اليوم بما عندها من إمكانيات، ومنها عدد المتطوعين في المجالات المختلفة والجمعيات الخيرية المنظمة، ذلك لأن العمل التطوعي يساهم في رفعة الأمة ويؤدي إلى تساند أفرادها، وإيجاد روح التعاون والمحبة بينهم، وكلما سما هدف المتطوع كلما كان عمله أكثر قيمة، وأوسع خيراً، وأعظم فائدة. فالتطوع عمل نبيل نابع من وطنية الشخص واحتسابه الأجر والثواب عن كل ما قد يواجهه في هذا المجال متحملا كل المصاعب قائما بجميع الأمور على أكمل وجه دون عائد مادي. فغالبا ما نجد أن هذه الفئة من البشر هم أرق الناس قلوبا وأكثرهم رحمة وتعاطفا مع من حولهم. فهم أناس استشعروا الحق العام لمن حولهم فضلا عن حق المسلم على أخيه المسلم. واليوم أصبح العمل التطوعي أكثر تنظيماً. إذ أصبح مؤسسياً فكلما كانت المؤسسة التي ينتمي إليها الفرد ذات أهداف واضحة، وإدارة جيدة وسمعة حسنة وعلاقات واسعة ارتاح المتطوع إلى الانتساب إليها والعمل تحت لوائها وأهدافها. فلو نظرنا إلى المجتمع الغربي لوجدنا أن عدد المتطوعين في الأعمال الخيرية لديهم أكثر بكثير منا وذلك لتأصل هذه الثقافة لديهم وللمنظور الاجتماعي تجاه هذا العمل. والأمثلة في ذلك كثيرة ولكي نقرّب الفكرة قليلاً : فقد قامت إحدى شركات الكمبيوتر بالتبرع لإحدى المناطق التعليمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية بتجهيز جميع المدارس فيها بأجهزة الكمبيوتر الشخصية، مما أثر ايجابيا في سمعة ومكانة الشركة اجتماعيا في تلك المقاطعة، كما حقق نوعاً من الولاء تجاه هذا العمل الخيري انعكس على نسبة مبيعات الشركة في تلك المنطقة. أما عن الجانب الاجتماعي فالحديث يطول، فالمؤسسات التطوعية هي الرائدة في هذا المجال، والأمثلة كثيرة ومتعددة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر:كلنا يسمع ب (أطباء بلا حدود، نقابات العمال والطلبة والمحامين والأطباء الخ)،ولا يخفى على أحد هذه الأيام دور كل هذه المؤسسات وأثرها في التصدي لكثير من المواقف والأمراض الاجتماعية التي باتت تؤرق الدول والحكومات.وعلى سبيل المثال مشكلة المخدرات وسبل علاجها،الشباب والفراغ، الفساد الأخلاقي، القضايا الأسرية، حقوق الإنسان،البيئة، السلام، والكثير الكثير من الشؤون الإنسانية الأخرى التي لا تعد ولا تحصى. واليوم وعندما ننظر في مجتمعنا نرى أن هذه الثقافة موجودة عند أغلب الناس ولله الحمد. فالكل يقدر أن هذا نابع من توجيهات ديننا الحنيف ثم من مبدأ مد يد العون للآخرين. وقليل من عنده نفس الفكرة ولكن غلب عليه حب المال فلا عمل بلا مقابل ولا خدمة إلا بمقابل. ومجتمعنا ولله الحمد مثالا للمتطوعين الذين جندوا أنفسهم في خدمة دينهم ووطنهم. ولعل دولتنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله نبراسا يحتذي به في هذا المجال. فالمملكة دائما هي الأولى دوليا في مساعدة ومساندة الدول المتضررة من جراء الكوارث الطبيعية فدائما ما تكون سباقة للخير ومساعدة الآخرين. أما بالنسبة للداخل فهناك مؤسسات وجمعيات خيرية يطول المقام في ذكرها ولكن على سبيل المثال لا الحصر هنالك: الضمان الاجتماعي، جمعية دار الأيتام بالرياض، جمعيات البر والجمعيات الخيرية، مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية، مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري بالرياض، مشروع ابن باز الخيري لإعانة الشباب على الزواج. ومن جهة أخرى فكلنا يسمع ويرى ما يفتتح من كليات مهنية تمول بأوقاف التجار أو ما يقوم به بعضهم من استقبال الطلبة خلال الفترة الصيفية لتدريب خلال الإجازة. ولعل ما قام به شباب المنطقة الشرقية في الآونة الأخيرة من حملة تطوعية لتنظيف واجهة الساحل وما قام به المتطوعون في مدينة جدة لدليل قاطع على وجود هذه النزعة الإيمانية في قلوبنا أي التطوع لخدمة الغير في أي مجال نكون قادرين على أن نبدع فيه ولكننا نحتاج أحيانا أن يكون الأمر منظما حتى نتفادى الاجتهادات الشخصية. وأخيرا إن من يعيش أجواء الأعمال التطوعية لا يحب أن يغادرها، لأنه يدرك أنه لا يعمل من أجل أجر مادي أو سمعة يباهي بها الآخرين إنما هو أجر تكفل به المولى جل جلاله. فل نحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا ولنكون أعضاء فاعلين في ميادين الخير.