في شارع صغير نسبياً بحي المرسلات في قلب عاصمة المملكة الرياض يوجد أقدم وأكبر سوق للاتصالات، حيث تزدحم يومياً عشرات السيارات ومئات الزبائن الباحثين عن أحدث الهواتف المتنقلة أو ملحقاتها، كما يقدم هذا السوق خدمات عديدة لزبائنه مثل الصيانة الفورية للجهاز وكرت الشحن وبطاقات الهواتف الجديدة أو القديمة بدون تسجيل اسم وبيع الارقام المميزة وكذلك برمجة الأجهزة، ومع الوقت تطور هذا السوق ليشمل بيع الجملة لقطع الغيار كالبطاريات التي تتلف بسرعة وإكسسوارات الهاتف النقال بكل أنواعها ، وفي هذا الشارع أيضا الوكلاء الكبار للشركات العالمية، وبالرغم من ظهور عدد من المحلات الموزعة في مناطق مختلفة في أحياء الرياض المترامية ولكن يظل هذا الشارع علامة فارقة في سوق الاتصالات وفي مدخل الشارع من الجهة الجنوبية تقبع وزارة العمل المسئولة عن السعودة ودفع الشركات نحو السعودة وتوظيف السعوديين، والتي من أجلها تم سن العديد من القوانين التي تجبر الشركات الكبرى على تقديم ما يثبت مجهوداتها في تطوير سعودة الوظائف لديها مقابل السماح لها بالحصول على تسهيلات في الحصول على المشاريع الحكومية والتأشيرات وغيرها، والأمر أن هذا السوق الملاصق تماما للوزارة يسيطر عليه العمالة الوافدة بكل أصنافها ماعدا السعودي حتى أن نسبته لا تصل إلى عشرة في المائة من إجمالي عدد العاملين في هذا السوق، الرياض قامت بجولة استطلاعية في هذا السوق وعشنا لحظات مؤلمة في الحقيقة لما اكتشفناه من خفايا هذا السوق والتي تتطلب وضع حلول عاجلة لها. جولة استطلاعية يمكن تقسيم هذا الشارع إلى جزءين ، الجزء الأول وهو الجهة الجنوبية من الشارع حيث تستحوذ الوزارة على نصف الواجهة على الشارع والنصف الآخر لمجمع الاتصالات العتيق وهو الأقدم في المنطقة والأكثر إقبالا وعددا من حيث عدد المحلات والعاملين فيه وقد تم وضع الواجهة الرئيسية لمحلات الاتصالات والجهة الأخرى الجنوبية كسوق للحاسبات وينتهي الشارع حيث بوابة شركة الاتصالات السعودية ، أما الجزء الثاني فهو للجهة الشمالية للشارع حيث تتوزع عدد من المحلات الصغيرة والموزعين الكبار لشركات الاتصالات، وهو بالرغم من صغر محلاته إلا انه يحظى بأهمية كبرى أيضا حيث تم استغلال الشقق فوق هذه المحلات لشركات الاستيراد والموزعين وتجار الجملة وهناك تعقد الصفقات الكبرى ويتم توزيع المبيعات بالجملة على محلات السوق، وفي الزيارة الاستطلاعية كان هناك هدف واحد فقط هو تقدير حجم العمالة في هذا السوق ونسبة السعودة فيه ، وبالفعل قمنا بزيارة كل المحلات في السوق في الجهتين بينما لم يمكن الدخول للمكاتب في العمارات المجاورة حيث لا يمكن تجاوز موظف الاستقبال. لقد كان من الواضح التغييرات الجديدة في تركيبة العمالة الموجودة في السوق عما كانت عليه منذ سنوات حيث كانت تسيطر عليه العمالة الآسيوية من الهند وبنجلاديش، ولكن حالياً تسيطر عليه عمال من دول عربية أكثر من العمالة بداية سوق الاتصالات وفي الخلف وزارة العمل الآسيوية، وفي الغالب تكتشف هوية صاحب المحل من كون العاملين جميعهم من جنسية واحدة ماعدا عامل الصيانة الذي يكون في الغالب من الفلبين أو الهند، وكان عدد العاملين من بائعين ومبرمجين وكاشيرات وفنيين يتجاوز (600) عامل غير سعودي هذا خلاف العاملين في الإدارة والمكاتب العلوية وتجار الجملة والموزعين حيث يتوقع ان يصل العدد إلى (800) عامل غير سعودي، أما عدد السعوديين في هذه المحلات فقد كان (35) سعودياً فقط حيث لا يتوقع أن يتجاوز عددهم في السوق الخمسين سعودياً من بينهم أصحاب المحلات الصغيرة أي أن نسبة السعودة في هذا السوق هي 6.25 % وبناء على العدد الحقيقي المأخوذ من الاستطلاع فالنسبة لا تتجاوز 5.8%. عجائب سوق الاتصالات من الواضح أن هناك جنسية عربية بدأت السيطرة على هذا السوق بحيث تشتري المحلات الكبيرة بأسعار خيالية وتعيد بناء الديكور الخارجي والداخلي ويتم توظيف أبناء جلدتهم فقط، ومن الملاحظات الأخرى في السوق وجود محل واحد يعمل به أكثر من أربعين بائعاً ليس من بينهم ولا سعودي واحد، كما توجد محلات بأعداد كبيرة أيضاً وتعاني نفس المشكلة ، وليس هذا فقط بل أن هناك شركات كبرى معروفة ووكلاء لشركات عالمية معروفة جميع بائعيها من غير السعوديين وكذلك الحال مع المحلات الضخمة لبيع الإكسسوارات وقطع الغيار بالجملة ، كما يلاحظ اختفاء الشريطية أو البائعين المتجولين وهي مهنة يجيدها السعوديون في البيع والشراء من زوار السوق وذلك نظرا للمنافسة الحادة ، وبعض البائعين يلبسون الزي السعودي ولكن مع الحديث معهم تكشفهم اللهجة ولكنهم بالنسبة للزوار الأجانب يعتبرون كسعوديين. وعلى كل حال فمن الواضح قوة وضخامة السوق وذلك من خلال الزحام الشديد وهذه المئات من الوظائف لا تحتاج إلى شهادات أو خبرات وإنما مهارات بسيطة في البيع والتي يمكن الحصول عليها من دورة مدتها لا تتجاوز الثلاثة أيام وكذلك الحال مع دورات الفنيين المتخصصين في صيانة الهواتف النقالة، أما هوامير السوق القائمين على الاستيراد وبيع الجملة فيجب ان يسلكوا الطريق للاستثمار وذلك عبر هيئة الاستثمارات السعودية التي ترعى وتشجع الاستثمارات الخارجية بل وتقدم لهم الدعم في مقابل الالتزام بنسب السعودة وزيادتها السنوية، وان كانت بعض الشركات تتحايل على هذه الأنظمة والتي تتطلب مراقبة صارمة حيث لوحظ ان شركات كبرى في السوق جميع عامليها من غير السعوديين، فأين السعودة.