في عام 1999 دخلت في لندن متجرا عجيبا يدعى دكان الجاسوس أو (Spy Shop) .. وكما يشير الاسم يبيع المتجر كل الادوات التقليدية التي يستعملها الجاسوس من نمط جيمس بوند .. فهناك مثلا كاميرات بحجم الأزرار، وميكروفونات بشكل قلم، وتلفونات تغير الأصوات، وأجهزة تتبع تُلصق بالثياب، وأشياء كثيرة مماثلة (اشتريت منها ما رخص ثمنه، وصغر حجمه، وسهل إخفاؤه) !! ورغم أن ما رأيته كان بمثابة أعاجيب حقيقية إلا انها تعد قديمة ومتخلفة بمعايير التجسس الحديثة فجميع هذه الأدوات من بقايا الحرب الباردة وتعود تقنياتها الى الستينيات والسبعينيات ؛ فدوائر المخابرات تحتكر دائما احدث التقنيات ولا تكشف عنها قبل ظهور اجهزة افضل. وحين تتنازل عن تقنياتها القديمة تتلقفها المؤسسات التجارية وتسوقها للعامة وهو ما يعني أنها تستعمل حاليا تقنيات اكثر تقدما قد لانراها قبل عشرين أو ثلاثين عاما! ... ومن الاجهزة الكلاسيكية التي رأيتها جهاز بحجم الكف يتنصت على كلام الناس عن بعد (يستعمل نموذجه الأكبر هذه الأيام حول ملاعب كرة القدم) .. وهذا الجهاز بالذات ذكرني بجهاز مماثل قيل انه قادر على قراءة أحاسيس وأفكار الناس (عن بعد) بفضل ذبذبات مغناطيسية قوية .. وحين سألت البائع (الذي يدعي أنه جاسوس سابق) عن صحة ذلك قال انه لم يشاهد في حياته شيئا كهذا ولكن سمع بأن الروس اخترعوا جهازا مشابها !! ... على أي حال ؛ سواء "اخترعوه ام لم يخترعوه" لا أشك مطلقا في إمكانية تنفيذه وتطبيقه في المستقبل القريب (وأقول هذا على فرض عدم وجوده هذه الأيام في حوزة أجهزة المخابرات العالمية) . وقناعتي هذه مستمده من تقارير إخبارية كثيرة أقرأ عنها بين الحين والآخر تصب في نفس الفكرة وتنبئ بقرب تطبيقها .. فعلى سبيل المثال : * في 27 سبتمبر الماضي نشر موقع الBBC خبرا تحت عنوان "العلماء يستطيعون قراءة افكارك" يتحدث عن تجربة تمت في المعهد الامريكي للصحة العقلية لرصد الافكار بواسطة جهاز المسح المغناطيسي المعروف MRI فقد استعمل هذا الجهاز للتنبؤ بما يفكر به المرء من خلال رصد المناطق ذات العلاقة في الدماغ .. (ونبه الخبر الى انها ليست المرة الأولى التي يستعمل فيها جهاز المسح المغناطيسي لقراءة افكار البشر) !! * أيضا هناك تجربة مشابهة نشرت في نفس الموقع قبل ايام قليلة (وتحديدا في العاشر من هذا الشهر) حيث اتضح ان رؤية الوجه النسائي الجميل تضيء مناطق معينة في المخ وتعبر عن سرور حقيقي .. وقد تمت التجربة في معهد علم الأعصاب بجامعة لندن حيث اتضح ان الإنسان حين يرى وجها جذابا تنشط لديه منطقة في المخ مسؤولة عن الغبطة والسرور يمكن رصدها على الشاشة بوضوح !! * أما الخبر الثالث فيتعلق بما يعرف ببصمة الدماغ ؛ فحين تعتقل الشرطة مشبوها ما يقوم الخبراء بمراقبة النشاط الكهربائي في دماغه في نفس الوقت الذي يعرضون عليه معلومات ومتعلقات لايعرفها غير المجرم الحقيقي (مثل اسم وصورة الضحية) .. فإن كان له علاقه بها يرصدون في رأسه نشاطا كهربائيا لا يستطيع منعه وبالتالي تثبت علاقته بالحادث !! * وكان المؤتمر العلمي الذي عقد في باريس قبل عامين ( تحت شعار العلم والعنصرية) قد حذر من استخدام تقنيات تصوير الدماغي للتحكم بسلوك البشر ومعرفة ما يدور برؤوسهم . وقال رئيس اللجنة الفرنسي جان تشانجوكس ان تقنية رصد التفكير تشكل خطرا من حيث إمكانية استخدامها مستقبلا لقراءة أفكار الناس بدون علمهم !! ... هذه الأخبار والتقارير تثبت إمكانية ابتكار جهاز قادر على قراءة أو على الأقل رصد أفكار الناس عن بعد .. وبعد احتكاره لفترة من قبل أجهزة المخابرات سيتاح للجميع شراؤه من المحلات المتخصصة (وحينها فقط سنضطر لتغطية رؤوسنا بالقصدير) !!