ضرب زلزال عنيف الثلاثاء هاييتي مسببا دمارا كبيرا لحق حتى بالقصر الرئاسية في مدينة لا تملك شيئا لانقاذ الضحايا الذين قد يبلغ عددهم مئات. ويمضي العديد من الهاييتيين ليلتهم في العراء بعد الزلزال الطويل الذي بلغت شدته سبع درجات ووقع عند الساعة 16,53 (21,53 ت.غ) على بعد 15 كلم غرب العاصمة المكتظة بالسكان، في انتظار حلول الصباح للبدء باحصاء القتلى وتقييم الخسائر. وقال طبيب أصيب بجروح في ذراعه اليمنى، وقد غطته الدماء ان "القتلى سيكونون بالمئات عندما نتمكن من بدء الاحصاء". وتلت الزلزال حوالى ثلاثين هزة ارتدادية قوية التي بلغت شدة بعضها 5,9 درجات. واكد المعهد الاميركي للجيوفيزياء ان هاييتي لم تشهد هزة بهذه القوة منذ قرن واحد على الاقل. وخلف الزلزال دمارا كبيرا اذ انهار عدد من المباني العامة بما فيها القصر الرئاسي والبرلمان ووزارات عدة وكنائس في افقر دولة في الاميركيتين. واكد سفير هاييتي في المكسيك روبرت مانويل ان رئيس هاييتي رينيه بريفال وزوجته "على قيد الحياة"، مشيرا الى ان "الوضع خطير جدا". واعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الاربعاء ان رئيس بعثة الاممالمتحدة للسلام في هاييتي هادي العنابي قد يكون قضى مع "كل من كان معه وحوله" في مقر البعثة في بور اوبرنس، في الزلزال الذي ضرب هاييتي الثلاثاء. والعنابي هو كذلك الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في هاييتي. وقال كوشنير لاذاعة "ار تي ال" الفرنسية "للاسف انهار مبنى بعثة الاممالمتحدة والظاهر ان جميع الذين كانوا داخل المبنى وبينهم صديقي العنابي وجميع من معه ومن حوله قد قضوا". وكانت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الاممالمتحدة اليزابيت بيرز اعلنت في جنيف لوكالة فرانس برس ان "لا معلومات عن الذين كانوا في مبنى" البعثة الذي دمره الزلزال، مشيرة الى ان "ما بين 200 الى 250 شخصا" يمكن ان يتواجدوا داخل المبنى، الا ان عدد الذين كانوا فيه لحظة حصول الزلزال مجهول. واكد كوشنير من جهة ثانية، ان رئيس هاييتي رينيه بريفال نجا وانه اتصل بالسفير الفرنسي في بور او برنس. ودمر مقر بعثة الاممالمتحدة لاحلال الاستقرار في هاييتي التي تضم حوالي احد عشر الف شخص. وقال رئيس بعثات حفظ السلام في الاممالمتحدة آلان ليروا ان مقر البعثة "دمر وهناك العديد من الاشخاص المفقودين". واعلن الاردن الاربعاء وقوع ثلاثة قتلى و21 مصابا بين قوات حفظ السلام الاردنية في الزلزال. كما ذكرت الصحف الصينية ان ثمانية من جنود حفظ السلام الصينيين طمروا تحت الانقاض بينما هناك عشرة آخرون مفقودون. وسبب الزلزال اضطرابات كبيرة في بلد يملك بنى تحتية بدائية جدا مما يجعل نقل جرحى الى مراكز طبية ما زالت قائمة، شبه مستحيل. من جهة اخرى، قام لصوص بنهب سوبرماركت في شمال بور اوبرنس. وقال صحافية من وكالة فرانس برس ان الزلزال العنيف جدا استمر لاكثر من دقيقة وقذف السيارات في الشوارع وادى الى سحابة هائلة من الغبار الابيض فوق المدينة التي تضم مليوني نسمة. قصر الرئاسة بعد انهياره بفعل الزلزال الرهيب . (تلفزيونية رويترز) وصرح احد السكان مشى عدة كيلومترات ليعود الى منزله وسط موجة ذعر ان "وسط بور او برنس دمر. انها كارثة حقيقية". وكان عدد من طلاب جامعة خاصة عالقين تحت انقاض مؤسستهم. وقال مسؤول الجامعة لاذاعة "سينيال اف ام" في بيتيون فيل شرق بور اوبرنس "تمكنا من انتشار بعض الاشخاص من تحت الانقاض وهناك عدد كبير من الجرحى". كما دمرت مراكز جامعية اخرى مثل المعهد الوطني للادارة وجامعة الوكالة الجامعية للفرنكوفونية. وقال الرئيس الهاييتي السابق جان برتران اريستيد في جوهانسبورغ حيث يقيم منذ مغادرته البلاد في 2004 "انها فاجعة تفوق التصور"، معبرا عن تعازيه لمواطنيه. وقال سفير هاييتي في الولاياتالمتحدة ريمون السيد جوزف لشبكة سي ان ان انها "كارثة كبرى" للبلاد. وفي واشنطن اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الولاياتالمتحدة "مستعدة لمساعدة الشعب الهاييتي"، وعرضت دول عدة مساعدات بينها فنزويلا وكندا. من جهته دعا البابا بنديكتوس السادس عشر الجميع الى تقديم "مساعدة سخية من اجل التعبير عن التضامن العملي والدعم الفعال للاسرة الدولية مع اخوتنا واخواتنا الذين يعيشون لحظة عوز والم". كما أرسلت بريطانيا فريق إغاثة إلى هاييتي لتقييم الوضع هناك في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد أمس الثلاثاء. وأعلنت وزارة المساعدات التنموية الأربعاء في لندن أن الحكومة البريطانية "في غاية القلق" من حجم الزلزال. وسترسل فرنسا طائرتين تنقلان عشرات المسعفين وكلابا متخصصة في البحث عن الاشخاص العالقين تحت الانقاض والانقاذ وتعهد وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله بإرسال مساعدات عاجلة لهاييتي وتشكيل وحدة لإدارة الأزمات في هاييتي في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد الثلاثاء. وبثت شبكة سي ان ان الاميركية مشاهد للزلزال ظهرت فيها سحابة كبرى من الغبار ترتفع من عشرات المباني المنهارة. وتم اصدار انذار باحتمال حدوث تسونامي لكنه الغي سريعا. وهاييتي التي تعتبر الدولة الافقر في الاميركيتين سبق ان شهدت سلسلة من الكوارث في الآونة الاخيرة. فقد ضربتها ثلاثة اعاصير وعاصفة استوائية في 2008 ما ادى الى مقتل 793 شخصا وفقدان اكثر من 300 آخرين بحسب ارقام الحكومة. كما شهدت البلاد توترا سياسيا في العام 2008 نجمت عنه اعمال شغب اثر رفع اسعار المواد الغذائية في العام 2008. الى ذلك دعا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية الدكتور عبدالعزيز بن محمد الركبان المجتمع الدولي الى تقديم المساعدات الانسانية بأقصى سرعة ممكنة لجمهورية هاييتي بعد الزلزال المروع الذي تعرضت له فجر امس. الدكتور الركبان الذي كان يتحدث ل"الرياض" قال ان الاممالمتحدة سوف تبادر على الفور من خلال صندوق تمويل الدول التي تتعرض للكوارث الى تقديم المساعدات الضرورية الاولية للسكان المتضررين الذين قدرهم بحوالي (3) مليون نسمة من بين تعداد السكان البالغ تعدادهم (9) مليون في جمهورية هاييتي. وقدر المسؤول الأممي الدكتور الركبان الوفيات جراء الزلزال بالآلاف قائلا "هاييتي بلد فقير جدا حتى انه يفتقر الى الدفاع المدني المطلوب تواجده في هذه الحالة". واضاف "هذه كارثة انسانية لبلد عضو في الاممالمتحدة على المجتمع الدولي مساعدة هذا البلد على تحملها والخروج منها ويجب ان لاتقتصر المساعدة على المستوى الرسمي بل وان تكون على المستوى الفردي فالبلد فقير ومن الواجب الانساني ان تقف معه كل الشعوب من وحي الدواعي الانسانية".