أعتقد أننا عندما نتأمل أوضاعنا الخاصة، مسارنا الاجتماعي الطويل.. لا بد أن نشعر بالرضى، ليس لأننا بدون مشاكل أو لا نتحمل مسؤوليات بناء متعدد الأهداف.. وصعبة.. وكل مجتمع يقوم بأداء مهمات إيجابية متواصلة بالتأكيد أنه يبذل جهوداً لا تتعبه، لكنها لا تجعله في حالة نوم «اجتماعي وطني» متواصل.. هذا هو شأن كثير من المجتمعات العربية.. ما نختلف عليه ثم نتفق، ما نشكك فيه ثم تبرهن الدولة وجاهته.. كلاهما شاهدا تحرك نحو كل ما هو أفضل.. روّضنا التطرف الديني، فلم نمكّنه من السيطرة على تعليمنا ومفاهيمنا وإعلامنا.. لكن ليس على ساحة عداوات بقدر ما تم ذلك على ساحة ترويض وحوار.. ولم يخطفنا بريق الحرية والديموقراطية فنقر في أوضاعنا ومسارات تطورنا ما ليس مجتمعنا قادراً على أدائه.. ولعل الصين والهند أفضل مثل في الاختيار منهما ما هو مناسب لمجتمعهما، وهو ما مكّنهما من التطور على عكس ما حدث في الدول العربية الثورية في الماضي التي سارت خلف المسارات دون أن تتعامل مع حقائق الواقع.. يتأكد الآن أمر استهدافنا بأخطر محاولات التدخل في شؤوننا، لكن يتأكد أيضاً نجاحنا في كبح قدرات ذلك الاستهداف الذي حاول من جانب أن يتسلل بعنف الإرهاب قاعدياً أو حوثياً من جبالنا الجنوبية فلم يفلح.. جانب آخر يتم فيه استهداف ديني وسياسي وإعلامي بدأ مبكراً بادعاء أن المملكة تهرّب مخربين داخل مجتمعات مضطربة سواء في إيران أو العراق، ثم حدث انعطاف نحو محاولة استغلال دينية قبيل الحج بأن المملكة لا تتيح حرية العبادات.. وتأكد فشل هذا الادعاء، ثم أعقبه في هذا الأسبوع ادعاء بأن المملكة تموّن منشقين للتأثير في أوضاع المجتمع الإيراني.. برهان الفشل في هذه المحاولات لا نأخذ تأكيده من طبيعة أوضاع مَنْ يفتعلها وإنما بمناعة مجتمعنا عن التجاذب مع هذه الافتعالات.. كل مجتمع في العالم تتواجد فيه مشاكله الخاصة، وتتواجد فيه رغبات الطموح، لكن القياس لمعرفة وجود الواقع الأصح والأفضل هو أنك تجد شواهد إيجابيات منطلقة بوضوح، مؤكدة وجود الاختلافات التنموية مع الآخرين، وكذا مستويات الأمن وتأهيل الوعي لأداء دور التقدم واكتساب المناعة الاجتماعية.. .. إذاً أنت مشغول ببناء ذاتك.. وهم مشغولون بمخاطر الصراع بين ذات وأخرى..