أجمع محللون نفطيون أن رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله حول مسار أسعار النفط كانت ثاقبة وتنطلق من قراءات دقيقة لمستقبل المشهد الاقتصادي العالمي وحركة نمو الطلب على النفط من الدول الصناعية الكبرى، وأشاروا في تصريحات ل"الرياض" إلى أن الملك عبدالله حفظه الله سبق وأن قال قبل عدة أشهر بأن أسعار النفط سوف تتراوح ما بين 70-80 دولارا للبرميل وهو ما حدث بالفعل، حيث طفقت الأسعار تتأرجح في هذا المسار في وضع يعتبر مريحا للمنتجين والمستهلكين. وأكد المحللون بأن بقاء أسعار النفط في هذا المعدل السعري سوف يكون في صالح الدول المستهلكة والمنتجة على حد سواء، كما أنه سيساهم في تحفيز نمو الاقتصاد العالمي بعد الوعكة المالية التي تعرض لها منذ العام الماضي، وتسببت في عرقلة كثير من المشاريع الصناعية والتنموية، مشيرين إلى أن السعر العادل للنفط كما تفضل خادم الحرمين يركز على جعل النفط وسيلة لتحقيق النماء وإنعاش المشاريع الصناعية وتنامي المرافق الخدمية التي تعمل على رفد الموارد المالية للدول المنتجة وتشجعها على التوسع في استثماراتها الطاقوية ورفاهية الشعوب. ويؤيد المحللون أن أسعار النفط سوف تواصل الصعود بصورة متدرجة بعيدا عن التذبذب الذي يضر بالاقتصاد العالمي حيث يرون بأن نمو المشاريع الصناعية في الدول الكبرى سيفضي إلى زيادة الطلب على النفط ويسهم في امتصاص الفائض في السوق النفطية والذي يقدر بحوالي مليوني برميل يوميا ويخفض من المخزونات الإستراتيجية في الدول الصناعية الأمر الذي يؤدي إلى تنامي أسعار النفط وزيادة الاستثمارات البترولية في الدول المنتجة. ويعتقد كثير من المراقبين أن ارتفاع أسعار النفط سوف يعزز من قيام مشاريع طاقوية سواء في "المنبع" الاستكشاف والإنتاج أو حتى في "المصب" الصناعات التحويلية ويتوقعون أن تشهد منطقة الشرق الأوسط أكبر نهضة صناعية من نوعها خلال السنوات القليلة القادمة، حيث أنها تعتبر الأقل تضررا من الأزمة المالية وتمتلك أضخم احتياطيات للنفط ما جعل كثيرا من الشركات الأجنبية تتجه إلى هذه المنطقة للتوسع في الاستثمارات النفطية. ويرى اقتصاديون أن الاستثمار في مشاريع الصناعات التحويلية والمصافي من أكثر المشاريع الطاقوية بروزا في منطقة الخليج العربي وفي حالة انقشاع الأزمة المالية فإنه من المتوقع ضخ حوالي 450 مليار دولار لقيام مشاريع بترولية وتعزيز تدفق الوقود الاحفوري إلى الأسواق العالمية التي تتعطش إليه لتغذية صناعاتها وتطوير ثرواتها الوطنية. وتضع الدول المنتجة معايير للسعر العادل للنفط تكمن في كونها تساهم في نمو المشاريع البترولية وتعمل على تعزيز إنعاش الاقتصاد العالمي ولا تضر باقتصاديات الدول المنتجة، وترى بأن معدل ما بين 70 – 80 دولارا للبرميل مشجع على الاستثمارات ومحفز على قيام مشاريع بترولية جديدة تفضي إلى توفير النفط في السوق العالمية حتى لا يبرز شح مستقبلي يعيد أسعار النفط إلى التذبذب بصورة حادة تربك المخططين وتحول دون توفر النفط بأسعار مقبولة للمنتجين والمستهلكين. وتطالب الدول المنتجة بخارطة نفطية توضح حجم الطلب على النفط حتى تستطيع التخطيط على موجبها لتزويد سوق النفط العالمية بكميات من النفط تحفظ التوازن ما بين العرض والطلب وتضمن عدم تذبذب أسعار البترول بصورة حادة تشكل ضبابية لمستقبل الاستثمارات النفطية وهو ما قد يعيق من التدفقات البترولية في المستقبل ويفاقم مشكلة تباين الأسعار إلى مستويات تعرقل من تطوير الحقول النفطية وما يصاحب ذلك من نهضة صناعية.