تركزت انظار العالم الإسلامي على المملكة خلال حج هذا العام، متخوفة من انتشار وباء أنفلونزا الخنازير بين اكثر من مليونى حاج، ولكن بفضل من الله تعالى، ثم بعناية واهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني يحفظهم الله، ادارت المملكة موسم حج هذا العام بمستوى أذهل العالم كله، حيث استطاعت وزارة الصحة تفعيل استراتيجية وقائية وعلاجية غير مسبوقة بمنهجية علمية عالية الكفاءة تمكنت بفضل الله من التصدى للوباء والحد من انتشاره اثناء وبعد موسم الحج. ويقودنا هذا النجاح الى السؤال عن العوامل التى ادت الى نجاح المملكة في التعامل مع وباء انفلونزا الخنازير خلال موسم الحج رغم كل المخاوف الدولية، التي دفعت البعض إلى المطالبة بتأجيل حج هذا العام.. خطة غير مسبوقة فرضت وزارة الصحة حزمة من الإجراءات الاحترازية والوقائية قبل وأثناء موسم الحج لحماية الحجاج بإذن الله من التعرض للأمراض والأوبئة، وذلك انطلاقا من توصيات وطنية محلية وتوصيات منظمة الصحة العالمية، بما في ذلك الإجراءات المتعلقة بحركة دخول الحجاج عبر المنافذ المختلفة، مما مكن الوزارة من أن تمتلك نظماً جيدة في مجال الترصد الوبائي وإتباع إجراءات اختبارية ممتازة، ومما ساعد على نجاح هذة الاجرائات تطبيق عدة سياسات مهمة.. العمل بروح الفريق الواحد منذ اصدر معالي وزير الصحة د.الربيعة قرارا بتشكيل لجنة الطب الوقائي العلمية للحج والعمرة برئاسة وكيل الوزارة المساعد للطب الوقائي، والتي تضم في عضويتها استشاريين ومتخصصين من القطاعات الصحية الحكومية المختلفة، إلى جانب مساعدي الرعاية الصحية والطب الوقائي بصحة مكةالمكرمة وصحة المدينةالمنورة وصحة جدة، إضافة إلى مدراء مراكز المراقبة الصحية بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينةالمنورة وميناء جدة الإسلامي، وظلت اللجنة الوطنية تتابع المتغيرات العالمية للمرض وعلى تواصل مستمر مع المنظمات الصحية العالمية للوقوف على المستجدات والتوصيات بشأنها. و شكلت الوزارة 14 لجنة تحت مسمى "لجان الحج التحضيرية" برئاسة معالي وزير الصحة، وجندت لهذه اللجان هذا العام (176 ألف) موظف وموظفة من أطباء وفنيين وتمريض وإداريين لخدمة ضيوف الرحمن، ويمثل العنصر النسائي حوالي 6000 موظفة بمعدل 40% حيث تعمل (5000) من هذه القوى العاملة بمنطقة المدينةالمنورة و (9000) في العاصمة المقدسة، وما تبقى منهم يعمل بالمرافق الصحية بالمشاعر المقدسة. ورشة عمل دولية مع بدء اكتشاف مرض انفلونزا الخنازير، استعانت وزارة الصحة بالخبرات الدولية المتخصصة من منظمة الصحة العالمية ومركز مكافحة العدوى والسيطرة بالولايات المتحدةالأمريكية، حيث تم عقد ورشة عمل متخصصة حول المرض بمحافظة جدة بمشاركة أطباء واستشاريين من المملكة إضافة وتلك المنظمات تضم (50) خبيرا من أبرز المتخصصين في مجال مكافحة الأوبئة والفيروسات للإسهام في وضع نظام للترصد والمواجهة، وخرجت هذه الورشة ب(15) توصية مهمة مثلت إضافة حقيقية للجهود الوقائية والعلاجية لمواجهة هذا المرض. اشتراطات صارمة لم تكتف الوزارة ببذل الجهود الاحترازية والوقائية التي تتخذتها كل عام، بل قامت بتحديثها وتعميمها على جميع الجهات ذات العلاقة للقيام بتنفيذها، كما تم إضافة بعض الاشتراطات الواجب توفرها في القادمين لأداء فريضة الحج، حيث اشترط عدم منح تأشيرة الحج للمصابين بأمراض مزمنة ومرضى نقص المناعة الخلقي والمكتسب والأمراض الاستقلابية والحوامل وذوي السمنة المفرطة، كما تم التأكيد على الدول التي يفد منها الحجاج على أنه من مسؤوليتها منع من هم أقل من (12) عاماً وأكبر من (65) عاماً من أداء الحج والعمرة، ونفذت الصحة أعمال المراقبة في المنافذ المختلفة (جوية وبرية وبحرية)، والبالغ عددها 14 منفذاً، للتأكد من توفر هذه الاشتراطات في القادمين، إلى جانب الأعمال الوقائية اللازمة من تطعيم وصرف العلاج الوقائي والتوعية الصحية. استعدادات صحية شاملة تم تخصيص مستشفيين في كل من جدةوالمدينةالمنورة للتعامل مع الحالات الوبائية، وهما مستشفى الميقات بالمدينةالمنورة بسعة 67 سريرا يمكن زيادتها إلى 120سريرا، ومستشفى الملك سعود بجدة الذي يتسع ل100 سرير منها 25 سريرا للعناية المركزة، ومختبر تحاليل للكشف على فيروس H1N1 بطريقة PCR، إضافة إلى مستشفى الملك فيصل بالعاصمة المقدسة ومستشفى منى الوادي بمشعر منى. ومن أبرز الإجراءات التي تم اتخاذها تركيب (19) كاميرا حرارية بصالات مدينة الحجاج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينةالمنورة وميناء جدة الإسلامي وميناء ينبع وذلك لقياس درجة حرارة الحجاج. اسطول ضخم من سيارت الاسعاف ساهم بنقل الحالات الحرجة كما تم تطعيم حجاج الداخل والعاملين على خدمتهم من جميع القطاعات الحكومية والأهلية باللقاح المضاد لأنفلونزا الخنازير، وتوفير علاج (التاميفلو) في جميع المرافق الصحية التابعة للوزارة في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة والمشاعر المقدسة وبقية مناطق المملكة والقطاعات الصحية الحكومية الأخرى، كذلك ركزت الوزارة في خططها على نشر الوعي الصحي بين الحجاج قبل قدومهم من بلدانهم حتى عودتهم طبقاً للمراحل التالية ( داخل بلدانهم ) من خلال إعداد برامج التوعية الصحية التي تتضمن الإرشادات والاشتراطات الصحية بمختلف اللغات مع التركيز على الأمراض الشائعة بالحج وطرق الوقاية منها والتي يتم تسليمها لوزارة الخارجية لتوزيعها على سفارات وممثليات خادم الحرمين الشريفين بالدول التي يفد منها الحجاج.