صدمني الإشعار المعلق على باب المصعد بداخل مؤسسة اليمامة الصحفية وهو يحمل لي نبأ رحيل أخينا الكريم هلال توفيق هلال فزاحمتني ذكريات ومواقف ملتبسة جراء الإحساس المرير الذي أصابني محاولاً تكذيب ما أرى لقسوة تقبله.. ولكنها الآجال (ولكل أجل كتاب).. لقد مر نحو ثلاثة أشهر لم التق فيها الراحل العزيز بسبب تعارض دوامينا فطرأ لي في الحال أنه ربما كان مريضاً حتى أخبرني الزملاء ويا للأسى بالحادث المروري الأليم الذي تعرض له. حتماً لن يجبرك على التماهي مع تداعيات رحيل مباغت كهذا إلاّ إنسان بصفات وأخلاق ولطف هلال توفيق، فعلى الرغم من تزاملنا لفترة من الوقت بقسم الإعلانات حيث كان يعمل مندوباً إلاّ ان الرجل كسب مودة ومحبة الجميع بسماحته وإقباله الودود حيث لم أره يوماً متجهماً أو غاضباً تسبقه انفعالات منفلتة ولكنه - يرحمه الله - لطالما رسم تلك البسمة المشرقة على وجهه يزيح بها عن كاهلنا ضغط العمل وتفاقم آثاره، فكان حضوره إلى القسم بمثابة النسمة التي تنعش أرواحنا، لم تمر علي لحظة وجدته فيها منقبضاً ولم أسمعه بأدبه الجم وحضوره الوديع يرفع صوته على زميل دعك من ان يبادر بأي سلوك سلبي تجاهه، حتى وإن حدث سوء فهم في دورة العمل وما أكثره فقد كنت تلقاه هادئاً مرناً مهما كانت حدة الطرف الآخر وتفلته، وكثيراً ما ردد بيننا الحكمة النبوية الشريفة (لا تغضب) ناصحاً ومذكراً مهوناً علينا ترافق الظروف اليومية دافعاً بقناعاته المحببة إلى أقصى حد (ياخي سيبها لله).. يمر على زملاء القسم مانحاً إياهم من بشاشته ولطف مزاحه وبساطة دواخله ما يحيلهم إلى طاقة من الأحاسيس الطيبة التي كان يعرف كيف يظللها علينا بذلك الرفق.. أخانا هلال لئن رحلت من بيننا فتلك سنة لله تعالى في خلقه (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)، ولئن بذلت معروف روحك بيننا حلاوةً وطلاوة فإن رسولنا الكريم يقول: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) و(البشاشة مصيدة المودة) في قول الإمام ابن عيينة وهي ضمن مكاسب الحياة والذكر بالطيبة التي حزتها يا هلال.. ولقد كنت بيننا هاشاً باشاً طيب القلب كريم المعشر حلو اللسان حسن الخلق. وسيظل صدى صوتك يذكرنا بكل معنى جميل في القسم والردهات وفي مصلى المؤسسة وأنت تقيم الصلاة بوقارك المحبب.. اللهم اغفر له وارحمه وعافه وأعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. صادق العزاء لأبنائه وبناته وحرمه.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).