كانت الإبل هي وسيلة النقل الوحيدة للمسافات الطويلة في صحاري الجزيرة العربية على مدى أربعة عشر قرناً تقريباً من الزمان، وكانت الوسيلة الرئيسية لسفر الحجاج إلى بيت الله الحرام ، والحقيقة أنه رغم قول فجحان الفراوي : قلبي يحب ملافخات السفيفة نوم الخلا عندي مضاريب وفراش إلا أنه لا يعني أن ركوب الإبل من الراحة بمكان فهو لا يخلو من تعب ومشقة ولكن تزداد صعوبته على من لم يعتد على ذلك وبخاصة إذا طالت مسافة السفر وهذا ما واجهه الشاعرالكويتي فهد راشد ناصر بورسلي (1918 -1960م) عندما قام بالحج إلى ضمن إحدى الحملات على ظهر جمل وذلك في بداية وصول السيارات وقبل انتشارها حيث شرح في قصيدته التي جاءت ضمن كتاب (حملات الحج الكويتية على الإبل ص79) ، المشقة الشديدة التي تعرض لها عند ركوب الجمل والتي هانت عليه بعد مشاهدة أبواب البيت العتيق ،ولكنه عاهد نفسه ألا يحج بعد ذلك إلا في سيارة أو قطار!! فقال في معالجة ساخرة لمعاناته : الشاعرالكويتي فهد راشد ناصر بورسلي انصح التاجر نصيحة والفقير لا يحدّونه على ركب البعير لا يحدّونه على ركب الركاب بالدراهم يشتري ضيم وعذاب عقب خمسة يسحب وروكه سحاب من نزل من كورها مثل الكسير خلفوا بالقلب جرح مايطيب والمجرّب يالربع غير الطبيب والسبايب من صديق و من قريب شورهم يانعنبو من يستشير ذموا الموتر وحدّوني على ركب وحشي الصياهد والفلا من محلة شيلته لي منزلا ما نصفّي يوم لي طفل صغير بعد تجربته المريرة يلوم الشاعر من أشاروا عليه بترك ركوب السيارة وركوب الإبل ، يقدم (بورسلي) نصيحة للفقير والغني على حدٍ سواء بعدم ركوب (الركاب) حيث سيؤدي إلى آلام مبرحة في مفصل الورك بعد خمسة أيام ،ولكنه يكمل بعض تفاصيل قصته على النحو التالي: قلت:أبي كواية ترى حالي ركيك قالوا استح يافهد عيبٍ عليك وف خالك شوف جدك شوف أبيك وأنت مثلك في سوالفهم خبير حيث ركب الكور هو سلك الرجال اركبه واصبر على ندح الغزال ما تعرف الحج في ركب الجمال بالأجر زايد على ركب الزفير قلت أنا أدري ولكن وش يفيد دام أشوف الحال تنقص ما تزيد يذكر الشاعر أنه طلب من مرافقيه أن يجعلوا له (كواية) أي هودج لأن الركوب فيه أريح من الركوب على الشداد ، ولكنهم عاتبوه لأن ذلك من مراكب النساء وليس الرجال ، وذكروه بأن الحج على الإبل أعظم أجراً من الحج على (الزفير) وهو من أنواع السيارات في ذلك الحين!! ويستمر شاعرنا في شرح معاناته : كلما صاح المصوّت للشديد كن واحد كاويٍ لب الضمير اتركز واصطلب بين الشاهدين ما اتحرّك لا يسار ولا يمين بس أحاتي يا أمان الخايفين والجواعد حدرنا شبّت سعير حالةٍ حالة رزالة والسلام طوال ليلك ما تهنى في المنام بس هوّن ضيمهم باب السلام يوم شفته تمّت دموعي هدير ما أروح الحج إلا في قطار أو زفير ما تشوف إلا الغبار كان لزّمتوا عليّ اركب حمار بس أفارق يالربع ركب البعير رغم المشقة التي عانى منها الشاعر في ركوب البعير إلا أنها تلاشت بمجرد رؤيته لباب السلام التي فخرت الدموع فرحاً بوصوله إلى بيت الله الحرام لقضاء فريضة الحج ، ولكنه يؤكد في نهاية القصيدة أنه سيحج مرة أخرى ولكن ليس على ظهر جمل . هنا لابد لنا ونحن نعيش اليوم التطور الحضاري الجميل في وسائل رحلة الحج حيث حلت الطائرات السريعة محل الإبل، من استلهام معاناة الأجداد في سبيل قيامهم بالركن لخامس من أركاننا ديننا الحنيف لنستشعر مدى نعم الله علينا فنبادر إلى طاعته .