الابل مقتنيات ثمينة عند ابن الصحراء لجمالها ونبلها، ولأنها تلعب دوراً كبيراً في حياته فهي أكثر توفراً للأفراد العاديين خاصة وأنها الوسيلة الوحيدة المعتبرة للانتقال والحمل للمسافات الطويلة ويعتمد عليها في البراري لذلك كثر ورودها في شعره بأسمائها وصفاتها وأفعالها ومكانها عنده، وغالباً ما تفتح بها القصائد لأنها الوسيلة لحمل القصيدة لمن قيلت فيه ولهدف تبليغ الرسالة بأمانة وسرعة فلابد أن توصف الناقة بأنها قوية وسريعة ونجيبة أيضاً عنايتهم بها وحرصهم عليها تبرز هذه الأهمية حيث يستميتون في الدفاع عنها من المغيرين يذكرون أسماءها وأوصافها وهي أسماء وأوصاف تعارفوا عليها تتصل بالقوة واللون والفراهة، فهذا الشاعر دهيسان الخمش يقول في مقدمة إحدى قصائده: يا راكب اللي لك ما فوقها زين تمرس كما تمرس خطاه القطاه كما يعطي الشاعر مجري بن ذيبان من قحطان ثلاث صفات للابل أحداها تخص اللون والثانية الفعل والثالثة الخلوين العيب في هذه المقدمة: يا راكب حمرا من الوجفات ما شيف ضواح الدبر في ظهرها كما يشبه الشاعر الجضعي الإبل بالنعام في سرعتها وعددها واستقامة سيرها في هذا البيت: يا راكب وجنا تبوج المراهيق كنه ظليم حاديته الخشومي كما يعطي معاش بن حجران من الطوالة وصفاً للابل ويخاطب راكب الناقة التي سوف يعطى وصفها فيقول: يا راكب اللي ما يعوق مسيرة من ساس عيرات أهمام اخفاقي تلقى على مسقي ضواحي قصيره بالمقطعة من در حم الشعافي ويضفي أحد الشعراء وهو محمد الفهيد صورة بديعة لسير ناقته وهي تطوي الأرض وكأنها ولو انقطع رشاؤه للوصول إلى من هو مقصود بالرحلة فيقول: يا راكب من عندنا فوق مطواع يشبه لدلو مع شفا البير زلي ما قلبوا خفة سير ومرقاع يشدا الدانوق بموج مولي ويصنف الشاعر خضير الصعيليك الشمري سنام بعيره بالوفاء والكبر فيقول: يا راكب حر بدو الخلاهات لما بنى فوقه سنام مظلي فوقه غلام يأخذ الليل ساعات قرم لعسرات الموارد يدلي الشاعر خلف أبوزويد من قبيلة شمر يقول: يا راكب اللي تقل تدري من ايده حمرا على السندا ضروم بشوعي حمرا تدني للديار البعيدة عمال ما مرت عليها القطوعي وهذا أحدهم يأت بأوصاف تدل على ما يفضلون فيها أولها وتدل على أنها حرة لا تحتاج عند الحث إلى ضرب العصا وهو الشاعر فايز القريني فيقول: يا راكب من عندنا فوق م عفاه حمرا ظهرها للشداد متداني تبرا الفخوذ عقيل الخرج تزهاه هوجاً لعى هز العصي ما تداني ويستمر الشعراء بإضافة أوصاف جديدة للإبل التي يودون أن يركبها رسولهم إلى مقصودهم ولعلها طريقة فضلها على البدء بالغزل وهي الطريقة المعتادة، فهذا الشاعر العوابي من البرزان من قبيلة مطير يقول في احدى قصيدة الغزلية هذا المطلع: يا راكب حر بعيد المراويح مناكبة تزهي المبارك سنادي خفية مثل مقومات الزنايخ عنب السراء يطوي الديار البعادي يروج روح الماء إلى أقفى مع الريح صلف مهبة مع جراجيب وادي ويبدأ صقار القبيس قصيدته: يا راكب حمرا من الهجن معطار ما قربت عند العقيلي اتعنا تشدا قرانين القطاحين ما طار ملفاك على الشيخ زبن المجنا ويبدأ قاعد بن سرور من الدياحين من مطير في إضافة أوصاف جديدة تميز الناقة التي عليها الراكب المخاطب فيقول: يا راكب من عندنا فوق عرماس حمرا ومذنب عينها كالشرارة لا روحت مع خايع تمرس امراس تشدا لدوج منتحي مع قراره ويقول مانع بن سويط في وصف الناقة التي ترعى في الأراضي الخصبة: يا راكب من فوق حمرا ردومي فتر ظهرها من غريبات الأجناس ترعي زهر نوار روس الخزومي ياما غدا عليه مثل ناب الأطعاس والشاعر معتق الجهني يصف ناقته بأنها تشبه المها إذا جفلت في أرض سهلة مستوية أو كالصقر إذا صبح في الفضاء في اتجاهات متعددة فيقول: يا راكب اللي ناعتين هداده يرعى ثمان سنين عشب المرابيع خرجه منويك زاهي في شداده ومكلف دشنه على كل توضيع مثل الوضيحي وأن جفل مع حماده وإلا النداوي يوم يأخذ تناويع والابل وما توفره من البان تمثل الغذاء الرئيسي في الصحراء تجعل ابن الصحراء يلهج بمدحها في توفير ذلك فهذا الشاعر فرز الحافي من قبيلة عتيبة وعندما عادت له ابله والتي فقدها في إحدى الغزوات يقول: اداوينا فيما وراها مناجي ادوا على العرب حلوان الألبان وأيضاً الشاعر عايض بن رشدان يدافع عن ابله ويستميت دونها فيقول واصفاً لها: واهديت عمري دون حلوات الألبان هدف الخشوم ونابيات السنام والشاهد الله عند روغات الأذهان ارويت عطشان السيوف الضواحي وهناك صورة وافية لمنظر جديد للابل في اكتنازها باللحم وفي المكان الذي سوف تقضي فيه فترة الربيع الذي سوف يساعدها على وفاء أجسامها فالشاعر فراج التويجر شاعر الروقة يأتي بهذا الوصف فيقول: عقب هذا فتربو لي خمس كوم خمس زينات المماشي والأولام مربعات دون شمر بالجزوم ناقضات الجزو في وادي الجهام قيضن بالقيظ في وادي الهشوم لين في الهجن جاء كبر العدام والنجابة عند الابل تأتي من طيب الأصل وحسن السلالة وتظهر في تصرفات الناقة فهي لماحة تفهم قصد راكبها بأدنى إشارة وهي مطواع تأتي على هوى صاحبها وهي صبور تتحمل المشاق والجوع وهي شجاعة تدخل المعارك ولا تهاب وما رسمه الشيخ الشاعر سيف الغوينمي من الدواسر للناقة النجيبة دليل على ذلك فيقول: فيا حزمي اركب من على منجوبة يعجبك في جو الخلا سر بالها صفاقة صعاقة سباقة تشد الربدا يوم حق اجفالها منجوبة معلومة مجنونة تجفل ليا شافت سما ر ظلالها عشر ليال ما يهون ربحها والعشر الأخرى مخطر بقفالها والصفات الجسيمة في بعض الأعضاء تدل عندهم على نجابة الناقة ولهذا يبرزونها ويتفاخرون بها، فالوجناء من الصفات التي يبرزونها في مدح الناقة فالشاعر مصيول الخالدي يبتدئ احدى قصائده بهذه الصفة فيقول: يا راكب من عندنا فوق دجنا ان روحت تشدا لعنز الجميلة ومن الصفات الجميلة والمرغوبة في الابل ال «مهتدلة» الخرطوم حيث ذكر ذلك الشاعر الزعيلي في هذا البيت: ترعى به الوضحا الطيوح أم خرطوم طويلة النسوس عجفا سنامي ولضمور الجسم رغبة كبيرة لديهم وذلك لكثرة السباقات والترحال الذي يحتاج إلى الخفة والسرعة فيقول الشاعر ابراهيم العريفي: شريت لي من خيرة الهجن ضمر تكملن وسم وربيع وصيف مرباعها الصمان والعرق لازما نبته ونوار النبات قطيف ويرسم شجاع بن سالم الشدادي صورة لركاب الابل الضامرة وركابها يحثونها على السير بضربها بعراقيبهم وهي واردة وصادرة فيقول: لاجوا يحثون النضا بالعراقيب عقب التعب يبغون عندي مثوبة واللون له مقام متسع في شعرهم فالحمراء والوضحا والمغاتير والمجاهيم الوان تقوم مقاماً كبيراً عندهم فهذا راضي السبعة من قبيلة عنزة يفاخر بكثرة ركوبه الابل الحمراء فيقول: ياما على عوص الركاب اتبعوني من فوق حمرا تسرق الدوسرقا ويقول ناصر بن ضيدان: من يا صلة كود حمرا عقب تصنيته من جيش مياح والا جيش بن ثاني حمرا شحمها ثمان سنين قانيته ماهي كبيرة على أول جلسها الثاني ومن هذا الغرض يتضح أهمية الابل في حياتهم وقربها من أفكارهم عند قول الشعر.