يقال إن التاجر إذا افلس رجع الى دفاتر حساباته القديمة لعله يجد فيها بعض الحسابات الشافية التي تعيد له بعضاً من الخسائر. وهذه مقولة اتخذت بمثابة مثل حي يتداول في أكثر المجتمعات. ومن هذه المقولة نحن الكتاب الرياضيين خاصة نحن على تاريخ البدايات في الممارسات الرياضية المختلفة بما فيها من محطات متعددة تحمل في طياتها ومجرياتها ذكريات لا تنسى ابداً عندما كان الواحد منا لا يملك الريال الواحد ولم يكن من بيننا احد من ابناء الميسورين وكنا كلنا طبقة فقيرة نلجأ إلى تأمين ثمن الكرة بالاعتماد على جمع (تنك) السمن لبيعها على بعض الأخوة (الأفارقة) في حي (المقيبرة) عند مسجد (ابن عيسى) بنصف ريال واذا كانت نظيفة بريال واحد ثم نجمع هذا المبلغ اذا وصل الى خمسة ريالات لنشتري كرة من الجلد الذي بداخلها (لستك) وربما لا تعيش الكرة اكثر من اسبوع واحد لأنها خفيفة وربما تنفجر في أي وقت. عندما نبرم اتفاقية شفهية مع فريق احد حواري الرياض تتضمن هذه الاتفاقية بنوداً عدة منها هل الكرة علينا أم عليكم؟ كذلك الملعب والماء بين الشوطين ولم نكن نملك فانلات نقوم بالاستعارة من الفرق التي تملك ذلك. طبعاً الملعب يخطط بطريقة بدائية بعيدة عن نص المادة الأولى من القانون الحالي. كذلك الحكم نعطيه الصافرة التي نملكها وقيمتها (قرشان) أو أكثر قليلاً ونأخذها منه بعد نهاية المباراة ومدة وقت المباراة غير محدد كما في المادة السابعة من القانون الحالي بل احياناً نلعب ساعتين أو أكثر أو أقل حسب الوقت الموجود ما بين العصر والمغرب ويعتمد على البداية المبكرة أو المتأخرة وبالامكان الاستعانة بأي لاعب من فريق أو حارة دون الاعتراض على هذه الخطوة لأنها مباحة لكل الفرق التي لا تجد العدد الكافي الذي يتوافق مع منطق المادة (الثالثة) من القانون الحالي لكرة القدم بأن لا يزيد العدد عن احد عشر وممكن يقل إلى سبعة واقل من ذلك حالياً تلغى المباراة لعدم اهليتها القانونية والعددية. كذلك المرمى المسافة بين القائمين والارتفاع بطريقة عشوائية بعيدة عن المادة الأولى التي تتضمن مقاييس المرمى العرض والارتفاع 7.30م والارتفاع 2.44م. في عام 1375ه تحسنت الأحوال عندما انتقلنا إلى ملعب الشميسي جنوب المستشفى وأصبح لدينا شبكة وكرة من الجلد واصبحنا نلعب بالأحذية الجلدية التي يقوم بعملها بعض الأخوة السودانيين امثال (ابو اللول) و(فلو) وغيرهم كثير بطريقة بدائية تعتمد على الاجتهادات الشخصية بعيدة عن منطوق المادة (الرابعة) حالياً ولكن كل شيء في السابق يعتمد على الموجود والممكن والمتيسر. سرد الذكريات والوضع القاسي في ذلك الوقت يحتاج إلى حلقات كثيرة لكي يعرف جيلنا الحالي ما كانت عليه البدايات الشاقة التي قد لا تصدق. وقد جال في خاطري اشياء كثيرة جعلتني كتاجر رياضي ارجع الى دفاتري القديمة علني اجد فيها ما يستحق الرجوع إليه كتاريخ لا يحدث وأعرف ان التاريخ يكتبه - المنتصرون. ولكن من لا قديم له لا جديد له. * أستاذ محاضر في قانون كرة القدم