تأتي أعمال الشغب والقذف بالعلب الفارغة، والتهجم على الآخرين من المدرجات لتؤكد التصور أن الجمهور لايكون دائماً محرضاً على الشغب، ولا باعثاً لروح التناحر ولامحركاً للتصرفات الدخيلة. بل هناك عوامل محركة ومؤثرة لعقليات المدرج من إعلام متعصب، وسوء تنظيم ومن لاعبين أو إداريين لايحملون الفكر الاحترافي. فأحداث الشغب التي تتجلى في الملاعب الرياضية، وجد المعنيون من إعلاميين وإداريين في الجمهور ضالتهم لإلصاق التهمة به وتبرئة ساحة المتسببين، فاقتنعوا تماما أن الجمهور هو المسؤول عن تلك التصرفات وتغاضوا عن عوامل حقيقية متمثلة في فئة قليلة، نقول وبكل أسف أنها لاتتمتع بالحد الأدنى من الروح الرياضية، فضلا عن العتبة الدنيا لحدود اللباقة والكياسة، وإبعاد الجمهور اوعزله وتقسيم المدرج لن يأتي بأكله، ولن تنتهي لجنة الانضباط من المشاكل والقيل والقال وإفرازات اللقاءات، ولكن هيهات هيهات فأبطال الاحتقان وباعثو الفوضى وناشرو الإساءة متواجدون على أرض الميادين الرياضية، وعلى كراسي الاحتياطيين بدون أن يتمكن أحد من السيطرة عليهم أو ضبطهم أو منعهم عن السلوكيات التي تطعن غاية الرياضة الشريفة في الصميم. لجنة الانضباط دائما ومنذ الموسم الماضي تجري مثل هذه الأحداث على مرأى ومسمع من أعضائها، ولكن ضبط الأمور اثبت عجزها مع أن المسيئين معروفون للجميع نتيجة التكرار، ولم تطلهم العقوبة وعددهم لايتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولا نحتاج إلى كاميرات القنوات الفضائية لإصدار القرار على منتقي لقطاتها. من المسؤول عما آلت إليه الأمور في المدرجات، ومن المسؤول عن قطع دابر التعصب والشغب واستئصاله من جذوره. إذن إدارات الأندية تتحمل القسم الأكبر من المسؤولية، بعدم قدرتها على كبح جماح لاعبيها والسيطرة علي تصرفاتهم الرعناء، لأنها قادرة على فرض عقوبة تأديبية بحق المسيئين منهم، كإيقافهم عن اللعب أو إبعادهم عن المشاركة الأمر الذي اضر بسمعتها وزعزع الثقة بها، فإن كانت في السابق تلقي باللائمة على فئة مندسة من جمهورها، ماهكذا تكون الرياضة وأهدافها النبيلة بالرقي بأخلاق ممارسيها من إعلاميين ولاعبين وإداريين وجمهور، وما هكذا يكون التعاطي مع الخسارة التي هي إحدى وجهي أي لقاء رياضي، فالرياضة عموماً وكرة القدم لدينا تعني الأخلاق أولاً وأخيراً، فإن تجردت عنها صارت عبثا ونشاطا مفرغا من المضمون اومجرد جري وقذف للكرة، وصدامات ومناحرات بدون طائل. وبنظرة سريعة على لاعبي أنديتنا نجد معظمهم مثقفين يتمتعون بمنزلة اجتماعية رفيعة، وبالمقابل نرى للأسف بعضهم ينسون ثقافتهم ومراتبهم ودورهم الاجتماعي في نشر رسالة الوعي لدى الأجيال، ويتحولون إلى مشاكسين وفوضويين في حال خسارتهم، ولاننسى بأن الطرح الإعلامي المتزن والمنطقي، من قبل الصحافة المستمد من واقع الغيرة الوطنية، والذي يخفي ملامح الوجوه المتعصبة، والعودة إلى الرشد، وبعد أحداث لقاء مصر والجزائر، وما واكبه من أحداث دموية ومشاكل جماهيرية لانريدها في ملاعبنا أبداً، والشارع الرياضي المتعصب بحاجة الآن للكاتب النابذ لأهوائه ومصالحه.