ضحايا المخدرات والوهم الخادع والحياة الزائفة وبريق المتعة الكاذبة ، شباب وفتيات من مختلف الأعمار، يقبعون خلف القضبان يقضون فترة محكوميتهم عيونهم دامعة بعد فقدهم الحرية ، تمر أيامهم بطيئة وهم يعدون الأيام والليالي وينتظرون الفرج ولحظة الخروج ، وفي أذهانهم ألف سؤال وسؤال . في جولة ميدانية لأمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات على هؤلاء الضحايا من خلف القضبان كان مع أحدهم هذا الحوار.. *ما أسباب دخولك السجن ؟ - تعاطي المخدرات . *كيف ومتى تم القبض عليك ولماذا؟ - تم القبض عليّ في احدى الشقق الخاصة بالعزاب أنا واثنين من الأصدقاء قبل حوالي عام. وقد كنت التقي بهما من فترة إلى أخرى في هذا المكان ولكن كانت تلك المرة هي القاضية بالنسبة لي رغم حرصي الشديد ، وكانت الشقة مراقبه من قبل رجال الأمن، واعتقد أن هناك كمينا ومتابعة للمروّج الذي كان يوفر لنا المادة المخدرة ، الأمر الذي جعل شقتنا تداهم . *كيف كانت نظرتك للمخدرات قبل التعاطي؟ - كانت النظرة سطحية وأنا لم أتعاط سوى الكبتاجون ، واعرف أن هناك أنواعا مميتة من خلال ما يعرض في التلفاز وما نسمع وقد شاهدت قبل فترة أثناء زيارتي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة صورا لضحايا المخدرات ولم تكن نهايتهم من تعاطي الكبتاجون والذي هو مخدر وله أضرار ولكن الحمد لله أنه تم القبض علي وأنا في بدايات التعاطي لهذا النوع والذي قرأت عنه فيما بعد انه يتلف الخلايا العصبية ويؤدي للجنون . *من الذي عرض عليك فكرة التعاطي وأين مصيره؟ حب استطلاع ومغامرة وعزيمة شباب في غير محلها، وأنا وكل الذين بدأوا معي بالتعاطي تم القبض علينا جميعا وفي ساعة واحدة في تلك الشقة المشؤومة وقد حذرني الوالد والوالدة منهم وعن السهر معهم وعن الغياب المتكرر عن المنزل لساعات متأخرة من الليل وكنت أقدم لهما الأعذار المقنعة عندما أهم بالذهاب لهذه الشقة وأقول لهما إنني ذاهب للمراجعة مع الأصدقاء. ولكن فعلا حبل الكذب قصير حتى وقعت الفأس بالرأس . *هل تشعر بالندم الآن؟ - نعم وهذه ضريبة كذبي على والديّ وتجاهلي لنصائحهما عندما كانا يعاتباني عندما أعود متأخرا وبعض الأحيان أغيب عن المدرسة بسبب مواصلتي وسهري طوال الليل دون المبالاة بدراستي التي فيها نجاحي ومستقبلي علما بأنني كنت من الطلبة (الجيدين) ولمعلوميتك تم القبض علي وأنا في المرحلة الثانوية وتحديدا الثالث ثانوي ، وندمي الشديد أن هذه الحادثة السوداء التي مررت بها ستسجل علي كسابقة ، وقد تكون سببا في حرماني من تحقيق ما كنت احلم به من مستقبل وظيفي ناهيك عن سمعتي بين أبناء عمومتي وجيراني والتي قد تكون عائقا أيضا عن الزواج مستقبلا لأنهم سينظرون لي نظرة أخرى . *ما أصعب تجربة مرت عليك؟ - بحكم صغر سني لم أمر بتجارب حتى أقارن الأصعب مع ما أنا فيه الآن ، ولكن هذه تعتبر تجربتي الأولى والأصعب ولها مآس أولها ما أحدثك خلف بابه ، والحقيقة المخدرات أنا أشبهها بالعار وهي بالفعل عار على كل رجل بكامل قواه العقلية ، وينجرف خلف هذه القاذورات التي يترتب على تعاطيها ما لا يحمد عقباه من سرقة وقتل وهتك عرض وانا احمد الله كثيرا انه تم القبض علي قبل التمادي بالتعاطي وخوض غمار الإدمان المهلك . *ما الذي تعلمته من السجن؟ - السجن عقاب وبالنسبة لي درس ونقطة تحول، ومكان عرفت فيه أن المخدرات تقود إلى جرائم عدة ومتنوعة من خلال النزلاء الذين يتلقون تهذيب أخلاقهم وإصلاحها وردعا لما اقترفوه من ذنب، فمنهم من أدخل السجن بسبب قتل تحت تأثير المخدر أو كان يفحط وهو مخمور لا يبالي بروحه وأرواح من هم معه ومن هم بالشارع يسيرون آمنين، ومنهم من سرق ومنهم من أقدم على عملية اغتصاب والعياذ بالله تحت تأثيرها فهي باختصار قاسم مشترك في العديد من الجرائم اللاأخلاقية والجنائية والأمنية . *ما هي تطلعاتك وآمالك المستقبلية بعد الخروج إن شاء الله؟ - التوبة وليس قبلها شيء، وقد أعلنتها ليلة القبض علي وعاهدت الله على ذلك، وهي التي ستكون طريقا لمواصلة دراستي الجامعية بعد خروجي من السجن بعد أيام قليلة إن شاء الله والابتعاد عن طريق المخدرات المظلم أو الجلوس على أرصفتها المهلكة والسير في أدغالها المخيفة المؤدية لعالم المجهول وكم من شخص سار على هذا الطريق وجرفته أمواجها العارمة وهلك في صحرائها القاحلة وكنت في غِنى عن هذه المتاهة التي دخلتها لو سمعت نصائح والديّ اللذين هما الأصدقاء بحق وحريصين علي وكان تخوفهما وكلامهما لي خوفاً علي من شياطين الإنس . *هل هناك من كلمات في نهاية الحوار تلخص به التجربة؟ أنصح من هم في سني بطاعة الله ثم طاعة الوالدين واخذ النصيحة منهما، فهما خط الدفاع الأول ضد آفة المخدرات وضد الانحراف الفكري الذي يقود إلى أعمال تكون نهايتها وخيمة، وضد أي مصيبة قد تحدث لا سمح الله لأن لهما خبرتهما وتجربتهما بالحياة ويدركان مصلحة أبنائهما تماما ً، واحذر إخواني الشباب من رفقاء السوء والابتعاد عنهم وعدم تصديقهم والسير خلف آرائهم الهدامة التي لا تأمر بخير، فالبعض منهم فقد كل شيء ويريد من يسانده، ويفرح أن يجد مثله قد باع حياته خلف لذة زائفة وسعادة مؤقتة، تكون ضريبتها الشرف والصحة والمال وعقوق الوالدين وخسارة النجاح في أمور حياته ومستقبله فأنا قد خضت هذه التجربة والتي كنت من قبل اسخر ممن يقدم على التعاطي أو (يستغفل أهله) حتى كنت واحدا منهم بسبب تصديق أعدائي وليس أصدقائي الذين تخلوا عني بعد أن أصبحت في هذا المكان. ولم يزرني إلا من كان ينصحني ويشجعني على فعل كل خير وهم الأهل الذين كنت "أعصاهم" ولا أتقبل منهم أي نصيحة فلهم مني كل الدعاء وحفظهم الله.