ضحايا المخدرات والوهم الخادع والحياة الزائفة وبريق المتعة الكاذبة ، شباب وفتيات من مختلف الأعمار ، يقبعون خلف القضبان يقضون فترة محكوميتهم عيونهم دامعة بعد فقدهم الحرية ، تمر أيامهم بطيئة وهم يعدون الأيام والليالي وينتظرون الفرج ولحظة الخروج ، وفي أذهانهم ألف سؤال وسؤال. في جولة ميدانية لأمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات على هؤلاء الضحايا من خلف القضبان كان مع أحدهم هذا الحوار.. ما أسباب دخولك؟ هناك عدة أسباب أهمها وأصعبها في حياتي افتراق الوالدين وفقدان حنانهما وقلة الوازع الديني والفقر وانعدام التوجيه والإرشاد والدخول في حب الاستطلاع!! كيف ومتى تم القبض عليك ولماذا؟ هذا سؤال قد يقلب المواجع لأن كلمة كيف أجيبت أعلاه ولكن ضيفني أعز أصدقائي وهو وراء كل شيء وسبب في وجودي هنا ، أما متى فهي كلمة قاسية جداً لأنه منذ مدة طويلة، أما لماذا فيا حسرتاه . كيف كانت نظرتك للمخدرات قبل التعاطي؟ هذا السؤال جميل جداً وليته طرح علي قبل وقوعي في المخدرات لأني كنت أرى أنها فخر وتميز وهيبة وشهرة وفوق ذلك كيف ووناسة في المرتبة الأولى ولكن في آخر المطاف أصبحت وهماً وحزناً ومهانة وضياعاً. من الذي عرض عليك فكرة التعاطي وأين مصيره؟ فكرة التعاطي كانت وعمري 17سنة حينما كنت أدرس في المرحلة المتوسطة وقد كانت المحطة الأولى وبداية رحلة تجربتي القاسية للمخدرات وتحديدا مع حبوب (الكبتاجون) بالمعنى الأصح حيث كان أحد زملائي وجارنا بالمنزل ، يستعمل الحبوب المنشطة وكان يعرض لي مراراً استعمالها وتعاطيها وكنت في بداية الأمر أرفض وبشدة ولكن تغلب علي مع مرور الوقت مستغلا ما كنت أعاني منه من تدن في المستوى الدراسي وعرض علي حبة وتناولتها في البداية ثم الأخرى حتى أدمنتها. وأصبحت أدفع الغالي والنفيس للحصول عليها حتى وصلت لهذا المكان بسببها. هل تشعر بالندم الآن؟ نعم وأردد هذه العبارة مع عض أصابع الندم والحسرة ، ولكن هيهات فقد فات الآوان ، وخسرت كل شيء ومنها حريتي وسمعتي وتحطمت أحلامي وضاعت آمال والدي اللذين زرعا في المستقبل . ما أصعب تجربة مرت عليك؟ أصعب تجربة مرت علي هي تعاطي المخدرات ومحاولاتي اليائسة في الإقلاع عن التدخين والمخدرات التي لم تلق التشجيع من الأهل والأقارب وكنت اسعى للتقارب والتآخي مع إخواني وأقاربي أريد أن يشعروا بحالتي ومعاناتي إلا أنهم أصبحوا يهجرونني بسبب المخدرات مما جعل الهم والحزن يتطور حتى عدت للتعاطي واستمررت حتى تم القبض علي . المخدرات توصلك إليه مالذي تعلمته من السجن؟ لا أستطيع الإجابة بشكل كامل حتى لا أقع بالنفاق لأنك أخي تعلم أنه يوجد سلبيات وايجابيات خصوصاً في هذا المكان لكن الحمد لله الايجابيات كثيرة وأنا صامد ما فيه من سلبيات وأحتسب الأجر، وأتمنى أن يكون هذا السجن درساً لي وصحوة ضمير وتعديل حال وليس هناك محال وليس من الخطأ الإقلاع عن الذنب إنما الاستمرار فيه . ما هي تطلعاتك وآمالك المستقبلية بعد الخروج إن شاء الله؟ الأمل بالله سبحانه وأنا أملي الوحيد هو رضا الله ووالدتي وجميع أقاربي وأتمنى أن المجتمع ينفتح ويعلم أن السجن أو السجين ليس بكافر أو يهودي يحاربونه بل شخص ارتكب خطأ بحق نفسه وأخذ جزاءه الرادع ويبحث الآن عن تشجيع يستطيع من خلاله تغيير سير حياته للأحسن . هل هناك من كلمات في نهاية الحوار تلخص بها التجربة؟ نعم أنا وجميع من هم في مكاني مقتنعون تماماً بأننا مخطئون في تجربتنا ونحن نادمون ولكن كلمة(السجن)وكلمة (المخدرات) أصبحت عائقاً مزمناً في حياتنا وهذا من قلة الإرشاد والتوجيه وأيضاً لما فيها من عوائق دنيوية ومأساوية يوجد في بلادنا والحمد لله الأمن والاستقرار وفوق ذلك نعمة الإسلام لكن ينقص علينا كلمة(الحوار) الشاملة من المحاكم وإدارة المخدرات والإدعاء العام والدعوة والإرشاد وليتم بحث حالة السجين والتعامل معه وتقييمه والتخفيف عنه أين الأخصائي الاجتماعي الذي بدوره يكون حبل وصل مع السجين وعائلته ويكون الموجه له بطرق تلاق . ما هو سبب قطع الرحم وهجران الأقارب وسد الفجوة التي تجعل السجين يرجع لما كان عليه في السابق، أخي لك دور أنت أيضاً بإيصال الرسالة كونك طلبت الإجابة على جميع ماذكر أعلاه .