في أحد مواقع العمل شاهدت التنظيم واستثمار الوقت، والانضباط. في هذا المكان يصل المراجع الى موقع العمل وفي ذهنه صورة إيجابية عن الجهاز الإداري الذي سيتعامل معه. لاغرابة إذن، حين نشاهد الانضباط في الصف، وتحضير الأوراق المطلوبة، والهدوء، وعدم التدخين ، وعدم المجادلة مع الموظف ، وعدم التدخل في شؤون المراجعين الآخرين، والالتزام بالمواعيد من قبل الجهاز الإداري، ومن المراجعين ، وعدم وجود مجال للواسطة. أين توجد هذه الصورة المثالية ؟ انها موجودة داخل البلد ولكن في إحدى السفارات الأجنبية ، ولابد أن تكون سفارة لدولة متقدمة ، وهذا هو السبب في أن الصورة الذهنية لدى المراجع عن تلك السفارة هي صورة إيجابية، وعندما يذهب المراجع الى السفارة سيعرف لماذا يقال عنها دولة متقدمة. تخرج من السفارة الى موقع عمل آخر يقدم فيه خدمات مباشرة للجمهور فتلاحظ مايلي:- عدم وجود مقاعد للمراجعين عدم توفر معلومات عن الإجراءات وساعات العمل عدم وجود أرقام تنظم تقديم الخدمة ضعف مستوى نظافة المكان وعدم توفرالخدمات وقبل ان يذهب المراجع الى هذا المكان عرف من معارفه بتلك الملاحظات وتكونت لديه صورة ذهنية تدفع به عندما يذهب هناك أن يبحث عن وسيلة لإنجاز مايريد بسرعة، ولايرى بأساً في اللجوء الى الفهلوة أو الواسطة وحين يحقق مايريد يشعر بلذه الإنجاز وبأنه انتصر. وهكذا فعندما يغيب التنظيم والنظام تحضر الفهلوة، ولهذا نلاحظ أن بعض سائقي السيارات لايريدون الالتزام بأنظمة المرور لأن من يفعل ذلك في نظرهم إنسان ضعيف. مبدأ الفهلوة ينطلق من مقولة: " إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب" ولهذا نجد الفهلوي يقطع إشارة المرور الحمراء، ويدخن في الأماكن التي يمنع فيها التدخين، ويبحث دائماً عن طرق للتحايل على الأنظمة، ويتباهى بأنه يجد دائماً من يسهل له ذلك! هذا الفهلوي عندما يراجع مكاناً كتلك السفارة التي اشرنا اليها فإنه ينضبط ولايفكر أصلاً في طريقة استثنائية لإنجاز مايريد كما يفعل في أماكن أخرى، ولو حاول فإنه سيفشل. ألا يعني هذا أن تطوير الخدمة وتحسين الأداء يتطلبان إيجاد بيئة عمل تفرض التنظيم في إطار أنظمة وسياسات عمل واضحة؟ الأمر الآخر أو الجانب الأكثر أهمية في موضوع التعامل مع الجمهور أن طبيعة العمل تختلف عن الأعمال الآخرى فالموظف الذي يقدم خدمة مباشرة للمراجع انما يتعامل مع توقعات ، ومزاج، وحالة نفسية فالمراجع صاحب حاجة وهذا يجعله في حالة قلق وانتظار. الموظف أيضاً يكون تحت الضغط سواء من حيث الالتزام بساعات العمل أو التعامل بطريقة جيدة مع الجميع حتى لو خرج أحد المراجعين عن النص، فإن الموظف مطلوب منه أن يسيطر على نفسه ويتحكم في مشاعره وانفعالاته. ومن النصائح الإدارية التي توجه لهذا الموظف ان يعامل الجميع بطريقة ايجابية وأكثر من ذلك ان يعامل كل مراجع بطريقة خاصة وكأنه أحد معارفه وبهذه الطريقة سيحفز المراجع للتعاون والتعامل الجيد، حتى لايتيح فرصة للفهلوي ليمارس فهلوياته، وسوف يدرك الفهلوي أن سلوك الموظف الإيجابي لايعني التنازل عن النظام والتنظيم، وإن الموظف قد يقول لك لا وهو يبتسم.