لا أعتقد أن أحداً لم يشتك من سوء تعامل وتأخر بعض موظفي القطاعات الحكومية أثناء مراجعتها، ولا أعتقد أن أحداً لم يطل جلوسه بانتظار تكرم وتلطف قدوم الموظف إلى مكتبه صباحاً. ومن هنا؛ فإن بعض الناس قد اعتادوا على البحث عمن يساعدهم (الواسطة) عندما تتطلب ظروفهم مراجعة إحدى الجهات الحكومية؛ وذلك لتجاوز بعض المعوقات مثل طول الانتظار وتعقيد الإجراءات الإدارية. إنني أعتقد أنه من المهم جداً الحديث والكتابة عن تيسير تقديم الخدمات للمراجعين (مواطنين ومقيمين) وتذليل العقبات بما لا يخل بالأنظمة والتعليمات، ولعل من أهم الأمور المطلوبة - من وجهة نظري - التزام الموظفين بالحضور والانضباط ومتابعة العمل وأدائه بنفسية منفتحة؛ لأن مما يؤسف له أن أي فرد منا ينوي مراجعة دائرة حكومية فلا بد أن يرى بعينيه ما يفعله بعض الموظفين من تسيب واستهتار بالدوام وتضييع الوقت بين الإفطار والتدخين وغيرها من الأعذار التي اعتادوا عليها، بل يلاحظ من يذهب مبكراً أن الكثير من الموظفين لا يحضرون لأعمالهم إلا بعد الساعة الثامنة، وقد لا يبدأ العمل إلا الساعة الثامنة والنصف علماً أن وقت بداية الدوام الرسمي يبدأ الساعة السابعة والنصف. إن من الواجب الالتزام بذلك وخاصة من يكون عمله مرتبطاً بالجمهور، كما يجب على مسؤولي الأجهزة الحكومية تحري الدقة في اختيار الموظفين في مثل هذه المواقع التي يمثلون فيه الجهاز ومسؤوليه، وعلى مديري الإدارات ورؤساء الأجهزة الحكومية عمل جولات مستمرة لمتابعة العمل وحث الموظفين وتشجيعهم. إن المشكلات والعقبات التي يتداولها الناس في مجالسهم ومنتدياتهم عن معاناتهم عند مراجعة بعض الأجهزة الحكومية كثيرة، وسوف أورد هذه القصة التي حدثت لأحد الزملاء الذي راجع كتابة العدل الثانية بشرق الرياض لأجل الحصول على وكالة شرعية ولظروفه الوظيفية ذهب الساعة السابعة والنصف؛ رغبةً في سرعة الانتهاء لكنه تفاجأ بطول الانتظار في صالة الإحالات والتي هي عبارة عن صالة بمساحة كبيرة مغطاة بحديد ولا يوجد بها إلا مكيف صحراوي واحد (لا يعمل) مع شدة ارتفاع درجة الحرارة، بالإضافة إلى عدم وجود تنظيم في هذه الصالة كالأرقام التي تحدد الأولوية للمراجعين؛ وبالتالي لا يُعلم من جاء أولاً على الرغم من أن بعض المراجعين من كبار السن بدؤوا بالتواجد من الساعة السابعة صباحاً. ولقد تأخر حضور الموظفين - حسب ذكره - حيث بدأ العمل الساعة الثامنة وعشرين دقيقة، وعندما بدأ موظف الإحالات باستقبال الطلبات تجمهر المراجعون على شباك الموظف؛ وكان نتيجة ذلك أن من حضر متأخراً هو من تقدم أولاً أما كبار السن فلم يستطيعوا المزاحمة للوصول للموظف ولم يشفع لهم حضورهم المبكر بالأولوية. إن هذه الحادثة ليست فريدةً من نوعها، ولن تكون الأخيرة، ولكنها تستدعي من جميع الموظفين محاولة تخفيف معاناة المراجعين في طول الانتظار في مثل تلك الصالات التي لا يوجد فيها نسمة باردة، كما أن هناك سؤالاً لا بد من طرحه وهو: متى تقوم جميع الأجهزة الحكومية بوضع آلات لتوزيع الأرقام حسب أولوية الحضور تفادياً للمشكلات وصيانة لأوقات المراجعين وخروجاً من الاجتهادات والواسطة. وأخيراً، فإن المؤمل أن يستشعر جميع الموظفين والموظفات حجم المسئولية الملقاة على عواتقهم وأن ما يقومون به من أعمال خدمية بإخلاص وأمانة هو واجب عليهم ابتداءً وهو محل تقدير جميع المراجعين، بالإضافة إلى أن الخدمة التي تقدم للمراجع وصاحب الحاجة تعد عملاً وطنياً يتباهى ويفتخر به جميع موظفي الدولة.