من المؤكد أن العيد فرصة سانحة للتواصل وحل الخلافات بين الأقارب، كون النفوس في العيد تتميز بطابع التسامح المفعم بفرحة العيد، والتي لا تكتمل إلا بوجود الأهل والأقارب مجتمعين، وعند غياب احدهم أو بعضهم، فإن السؤال الذي يطرح نفسه «أين فلان؟» و»عسى ماشر؟»، وكأن البعض لا يعرف أن بين العيد والعيد عاما كاملا تحدث فيه العديد من التغيرات والخلافات بين الأقارب لأسباب عدة، وفي غياب دور المصلح والانشغال بمجريات الحياة، لا نكتشف هذه القطيعة إلا في اجتماع عام للأهل أو مناسبة العيد، أو من خلال سؤال مثير من قبل احد الأطفال عن أبناء العم والخال، هنا تبدأ إثارة المشاعر، ويستطيع الصغار هنا تحريك القلوب القاسية والدفع بها نحو الرحمة والتواصل. وقال الشيخ صالح الدوسري إن الخلافات العائلية تحدث دائما، ولكن وصولها إلى حد القطيعة غير جائز، وقبول الأعمال عند الله مرتبط بحل هذه الخلافات، وقطيعة الرحم من الأمور المحرمة، ولاشك أن العيد فرصة لحل هذه الخلافات والتسامح، وهنا يبرز دور المصلحين من أبناء العائلة، ولمن سعى في مثل هذه المواضيع الأجر العظيم، لذا لا بد أن يكون السعي لحل الخلافات مبكرا وقبل العيد، حتى تكون الأنفس مهيأة في العيد للمصالحة، والدين الإسلامي دين التسامح والمحبة والترابط، ونحن أبناء الأمة الإسلامية أولى بتطبيق هذا المبدأ. وتحدث خالد الحمود عن موقف حدث له في عيد العام الماضي، وقال: كنت على خلاف مع ابن خالي في موضوع مالي تسبب في قطيعة بيني وبينه استمرت ثلاث سنوات، وفي عيد العام الماضي وأثناء اجتماعنا في منزل كبير العائلة، فوجئت بأحد الأطفال يقبلني ويجلس في حضني، وعندما تطلعت في وجهه عرفت انه ابن ابن خالي، وعندما رفعت نظري ورأيت الجميع ينظرون إلي، آملين أن يحرك هذا الطفل مشاعر المصالحة التي عجز عنها الكبار، وعندما نظرت إلى ابن خالي وجدت الدموع تنهمر من عينيه، وعلى الفور قمت وسلمت عليه، وتصالحنا وساهم أفراد العائلة في حل الخلاف المالي.ويقول سعد السبيعي ان عبارة «من العايدين» إذا لم تكن نابعة من القلب ومعطرة بالتسامح والمحبة في العيد لن يكون لها جدوى، ويقتصر مفعولها على ساعات الاجتماع، لذا لا بد أن يهنئ المسلم قريبه بالعيد بمشاعر صادقة، متناسيا جميع الخلافات أو الضغينة والتي قد يكون مصدرها الحسد والشيطان الذي يسعى للتفريق بين الإخوان، والعيد فرصة لمن يريد أن يفتح صفحة جديدة في حياته ممتلئة بالمحبة للآخرين بعيدا عن الضغائن والحسد والقطيعة.ويشير عبد الله فهيد إلى موقف جرى في احد الأعياد حينما سأل احد الأطفال والده «أليس لنا أقارب وأبناء عمومه؟»، فقال والده «نعم لكم»، فقال الطفل «لماذا لانقضي أيام العيد عندهم؟»، وكان الأب على خلاف معهم حول قطعة ارض، وقد فجر سؤال الطفل مشاعر الأب والأسرة، حيث بادر الأب بالاتصال مع أقاربه واخبرهم بأنه سيقضي أيام العيد عندهم. ويشير عبد العزيز بن ناصر إلى أن مشاغل الحياة ومجرياتها اليومية أحدثت فجوة بين الأقارب في التواصل، وقال: وقد يستمر ذلك طوال العام، حتى وصل الأمر في بعض الأسر إلى أن بعضهم لا يعرف أبناء بعض، لذا أجد العيد فرصة للاجتماع ولم الشمل وأفضل أن يكون الاجتماع في أيام العيد بموقع واحد.