يوم جديد يهل علينا، بشمسه البراقة، وبقلوب صافية كقطرات المطر عندما تنهال على أرض عطشى، إنه العيد! نعم العيد الذي لا نعيشه سوى مرتين من كل سنة، العيد فرصة لتوطين النفس والتسامح.. ولتطهير وغسل القلوب من الأحقاد والضغائن، التي صنعها الإنسان إثر الخلافات التي تحدث بين بني البشر، حقًّا التسامح كلمة جميلة تحمل معنى جميلاً، وهو الشعور بالسلام الداخلي، بأن ننسى الماضي الأليم بكامل إرادتنا بالرغبة في أن نفتح أعيننا على مزايا الآخرين بدلاً من أن نحاكمهم على زلاتهم وأخطائهم، التسامح أساس لعيش حياة سعيدة.. فعندما نسامح أنفسنا، ونسامح غيرنا نكون حقًّا سعداء، عندها نستطيع أن نعيش حياتنا بسعادة ونجاح. التسامح يساهم في زيادة جسور المحبة، وتوطين العلاقات الحميمة والإيجابية، التسامح يصب في عدة قوالب كقالب الكلمة الطيبة، وقالب الشعور بالآخرين.. وقد مثّل لنا رسولنا الكريم التسامح في عدة أشكال، ومن أهمها: أن تطلب من الله السماح والمغفرة، وأن تسامح والديك وأبناءك والآخرين، إضافة إلى الإحسان، والتبسّم في وجه أخيك المسلم، لماذا لا ندرك مدى أهمية التسامح، وما يقوم به من كسب للقلوب، وكسر الحواجز التي وضعها الكبر والقسوة والبطش بالآخرين؟ لا شك أن مبدأ التسامح عظيم، لأننا كلنا أهل خطأ، ونحتاج إلى مَن يصفح ويعفو عنا، والحقيقة أن التسامح متى ما كان أقوالاً لا تدعمها السلوكيات، ومواعظ وكلمات لا تبرهن عليها الأفعال، كان التسامح ضربًا من ضروب التدجيل والزيف لترويج البضائع اللفظية، فالقانون الحقيقي لكلمة التسامح هو الثمرة السلوكية العملية في الحياة، ولنا في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة. فقال في التسامح: (لا يحل لامرئ أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ). جانب آخر الحقد والضغينة يساهمان في قتل القلب، وجعله عرضة للأمراض المستعصية، فقد أثبتت الدراسات بأن الإنسان الذي يجعل قلبه مليئًا بالأحقاد والضغائن سوف تؤدي به إلى قتل أعصابه، والموت المفاجئ أحيانًا، إضافة إلى الشيخوخة المبكرة.. لماذا كل هذا العناء؟ ونحن بحاجة ماسّة أن ننعم بصحة خالية من هذه الأمراض، نحن من نصنع الداء بأنفسنا، فالطريق واضح أحدهما مليء بالتفاؤل والأمل كلغة «التسامح»، والآخر مليء بالحقائق والتجارب.. وأخيرًا التسامح نصف السعادة، لننعم بفجر جديد، وبحياة إيجابية لغد أفضل. فيصل سعيد العروي – المدينة المنورة