الشهادة الأكاديمية لا تعني الثقافة وقد برهنت العملية الأمنية الأخيرة الناجحة على هذه الحقيقة. وبسبب الفقر الثقافي اتجه بعض من حملة الشهادات العليا ( ماجستير ودكتوراه ) في اتجاه يهدد أمن ومصلحة الوطن ، بينما كان الاتجاه الطبيعي هو المختبرات والمعامل ، ومراكز البحوث والدراسات ، ودور النشر لتقديم ما يخدم الإنسانية في كافة المجالات كل حسب تخصصه. وكانت المسؤولية ، والأمانة العلمية تقتضيان العمل مع الجامعات والمعاهد للإسهام في خدمة المجتمع وتنميته. لكن الفقر الثقافي قادهم إلى فكر متطرف لا يتسلح بالإيمان والدين الحق ، بل يتسلح بالرشاشات مما يعني أن هذه الجماعة اختارت طريق الإرهاب والذي ينطلق من مبدأ التصفية. هذا التوجه الإرهابي يجسد خيانة البعض للدين والعلم والوطن. الوطن الذي يفتح المدارس والمعاهد والجامعات من أجل البناء ، ومنها تنطلق الجهود في ميدان البحوث تقدم ما يخدم البشرية في المجالات المختلفة ، وخاصة مجال الطب حيث يناضل الباحثون والعلماء من أجل اكتشاف الأدوية لمعالجة الأمراض المستعصية. هنا يعمل الإنسان من أجل انقاذ أخيه الإنسان في ترجمة قيم الإسلام العظيمة. أما الذين اختاروا طريق الإرهاب فهو طريق يحمل عنوان الخيانة ، والهدم ، والفوضى ، والبعد عن الأخلاقيات التي تدعو لها كافة الأديان السماوية. يقول أحد الحكماء " من يبيع بلاده ويخون وطنه يشبه من يسرق من مال أبيه أو أخيه ويطعم اللصوص فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه ". إن الوطنية هي البناء ، والتنمية ، وتوفير الأمن ، وهنا لابد من وقفة احترام وتقدير للإنجاز الأخير للأجهزة الأمنية في الطريق نحو القضاء على الإرهاب. إن يقظة أجهزة الأمن هي فرصة لدعوة الجميع لليقظة لمحاربة الفكر المتطرف . إن المشروع الفكري المطلوب يحتاج إلى وقت لكنه يحتاج بصفة مستمرة إلى مراجعة وتطوير حتى يصل إلى المستوى المطلوب وقائيا. هذه مسؤولية الجميع ولن نأت بجديد إذا ذكرنا وسائل الإعلام ومنابر الثقافة والخطابة والندوات الفكرية والدور المطلوب منها في الحرب الفكرية. وحتى يكتمل المشروع الوقائي من خطر الإرهاب فإن المدارس والمعاهد والجامعات إضافة إلى دور الأسرة تمثل دوراً وقائيا صلبا للوقوف ضد الأهداف الهدامة التي يسعى إليها أصحاب الفكر المتطرف. إن مراجعة أساليبنا في مشروع الوقاية الفكرية خطوة ضرورية في ظل استمرار خطر الإرهاب ، واستخدام الإرهابيين لطرق خادعة تستغل الأبرياء وتستغل العمل الخيري لأغراض تمويل برامجهم الإرهابية. وفي الختام أكرر التحية والتقدير للأجهزة الأمنية المختلفة وأقترح تكريم هذه المنجزات الأمنية في فعاليات الاحتفال باليوم الوطني.