لم يُشكل قرار تعيين - الأمير - نايف بن عبد العزيز، منصب ولاية العهد من لدن خادم الحرمين الشريفين - الملك - عبد الله بن عبد العزيز، أية مفاجئة تُذكر، كونه أحد رجالات الدولة القياديين، الذين يملكون الحكمة في القول والعمل، - إضافة - إلى الكم الهائل من الخبرة، وسداد الرأي، والوفاء، والإخلاص. - ولذا - لم يكن غريبا، تأكيّد سماحة المفتي العام - الشيخ - عبد العزيز آل الشيخ في خطبة الجمعة، الموافق: 1-12-1432 ه، بأن الله أنعم على خادم الحرمين الشريفين - الملك - عبد الله بن عبد العزيز، ووفقه في اختيار ولي عهده صاحب السمو الملكي - الأمير - نايف بن عبد العزيز, لما عُرِفَ عن سموه من الحكمة، والصدق، وسداد الرأي، والعزيمة القوية، والإخلاص. كما عَرف الناس جميعاً - الأمير - نايف بن عبد العزيز، في كل المسؤوليات التي تولاها، والمناصب التي تقلدها بحكمته، وإخلاصه، ونشاطه، وتحمله، ومواجهته الصعوبات العظيمة، ومعالجتها بحكمةٍ، وسداد، مؤكداً سماحته: أن اختيار خادم الحرمين، - الأمير - نايف اختيارٌ مسدّدٌ، ومناسبٌ، عندما قال: «إن ما اختاره إمامنا، كُلّهُ خيرٌ». لا أبالغ إن وصفت سموه: برجل الأمن الأول، وصاحب المهمات الصعبة، لما عُرف عنه من جهوده الكبيرة في القضاء على القاعدة في المملكة، وقيامه بإنشاء برامج؛ لتأهيل الموقوفين بقضايا إرهابية، وهو ما أشادت به كثير من المنظمات العالمية، عندما أثنت على تلك الجهود، والتي نجحت في إعادة الكثير من المغرر بهم إلى دائرة الصواب. بل إن مستشارين، وخبراء إستراتيجيين متابعين للجهود التي قام بها - الأمير - نايف بن عبد العزيز، طيلة فترة عمله وزيرا للداخلية، أجمعوا على: أن الرجل أسهم في تطوير الجهاز الأمني، ومكافحة أعمال الإرهاب. وتحدثوا عن أبرز القرارات التاريخية، والتوجيهات التي أصدرها، فذكروا أن أبرز القرارات التاريخية، التي اتخذها - الأمير - نايف طيلة العقود الماضية: تضمنت حزمه، وإصراره على منع أي تدخل خارجي في شؤون المملكة، - سواء - كانت تلك الدول صديقة، أو عدوة. على أي حال، فإن تجريم الإرهاب - بكافة - أشكاله، و صوره، وشجب تلك الأعمال غير الأخلاقية، والتي تتنافى مع مبادئ، وسماحة، وأحكام الدين الإسلامي، التي تحرم قتل المدنيين الأبرياء، وتنبذ كل أشكال العنف، والإرهاب، وتدعوا إلى حماية حقوق الإنسان، يدل على أن مراجعة، وتحديث الإستراتيجية التي نتبعها في محاربة الإرهاب، مطلب مهم؛ من أجل القضاء على تلك الآفة الخطيرة، واجتثاث جذور الإرهاب داخليا، وخارجيا، بعد أن عانى العالم من عدد من النكسات الحرجة بسبب تلك الظاهرة. من الناحية التاريخية، لا زلت أتذكر ظهور - الأمير - نايف بن عبد العزيز في بدايات عام 1400 ه، وكان يومها وزيرا للداخلية؛ ليعلن تطهير المسجد الحرام من جميع عناصر، وأتباع جهيمان العتيبي، ويسدل الستار على أصعب مراحل التاريخ السعودي الحديث، ويدير بعدها أهم ملفات الأمن الداخلي للدولة. أما من الناحية الفكرية، فإن أوجه التشابه الفكري، والحركي بين - تنظيمي - جهيمان، والقاعدة متقاربة، فتنظيم جهيمان قائم على أسس، وأفكار متطرفة، انشقت عن الدولة، والجماعة. وحرمت الكثير من مظاهر العصر، والواقع المتمدن، كرفض التصوير، والتلفاز، والإذاعة، والصحف، والأوراق النقدية، وكتب المعاصرين، ورفض العمل في الوظائف الحكومية، - إضافة - إلى انعزالها عن المجتمع، بحجة تفشي الفساد، والرذيلة فيه، وبعده عن الصراط المستقيم. إن فكر جهيمان، لا يعدو أن يكون امتدادا لتيار الإخوان القديم، ك «فيصل الدويش، وسلطان بن بجاد». إلى أن حدث للتنظيم اختراق من قبل الجماعات التكفيرية، التي فرت من مصر في أواسط، وبداية السبعينيات الميلادية. وأصبح تنظيم جهيمان بداية لجماعات العمل المسلح، وقصة تمدد عالمي للقاعدة، والفكر التكفيري، مع أنه لا يمثل أي مرجعية لهذه الجماعات التكفيرية. وهو ما أكده «ياروسلاف تروفيموف»، - الصحفي الإيطالي -الذي نشر كتابا متخصصا حول حادثة حصار الحرم، في حديث نشره موقع «بي بي سي»، باللغة العربية: «إنها المرة الأولى التي تظهر فيها جماعة إسلامية دولية للعمل بشكل مسلح»، - وأضاف -: «إن جماعة جهيمان العتيبي ضمت مقاتلين من عناصر الجماعة الإسلامية في مصر, وأشخاص من باكستان والسودان ولبنان وشخصين أمريكيين». إلا أن أخطر ما في التنظيم، هو: استخدام جهيمان لرجل يدعى «محمد بن عبدالله القحطاني»، الذي كان مجرد أداة في تنفيذ أغراض سياسية للتنظيم، متحصنين خلف فكرة مهووسة، أنتجتها مجموعة مصابة بالهوس بنصوص المهدي، - وبالتالي - فإن خلاص الأمة سيكون من خلاله، لا من خلال إقامة دولة. وحتى نكون قادرين على قراءة الأمور بشكل صحيح، فإن أهم ما يمكن الخروج به من دروس في هذه الأزمة، والتأكيد عليه، هو: أن الفكر المتطرف، يمكن أن يهيئ أرضية للانغلاق، المفضي إلى فقه التشدد، وسيؤدي إلى العنف في نهاية المطاف. هذا العنف ليس له هوية سوى الجهل، عن طريق لي أعناق النصوص، وتوظيف دلالاتها؛ لخدمة مقاصد فكر منحرف، يطل برأسه بين الحين، والآخر. مما يستلزم مدافعة منطلقاته الفكرية، وحقائقه الواقعية بإزالة أسبابة، وبطريقة تراكمية هادئة. - ولذا - كان - شيخ الإسلام - ابن تيمية، - والإمام - الشاطبي - رحمهما الله - يريان: أن تغيير المنكر بإزالة أصله، أجدى من تغيير عينه. أذكر مرة عندما أسف سمو - الأمير - نايف بن عبدالعزيز، بأن هناك أشخاصا: «يستهدفون العالم الإسلامي، والعالم العربي، والمملكة - بشكل خاص -، من خلال شباب غرر بهم، وغسلت أدمغتهم، ووضعت فيها أفكار إرهابية، وتخريبية، بزعمهم أنها ستوصلهم إلى الجنة»، فما عبّر عنه سموه، لم يكن نابعا من فراغ. بل إن لغة الإرهاب، هي فكرة قادرة على التوسع، أكثر من كونه عملا تنظيميا، يمكن استهدافه، والتصدي له. - ولذا - فإن التحليل المنطقي لفكرة الإرهاب، لا يمكن القضاء عليه إلا بتحديد مسبباته، ومصادره، حتى تحقق الحرب على الإرهاب نجاحات ملموسة. هذه الآفة، عانت منها دول العالم أجمع - بلا شك -، - إضافة - إلى قلقها في كيفية معالجة هذه الآفة، فأصبحت مشكلة عالمية. وإذا كنا نأمل في تعاون دولي؛ لتجفيف منابع الإرهاب، فإن سياسة الكيل بمكيالين، واعتبار ذات العمل إرهابيا في بلد، وغير إرهابي في بلد سواه، يستدعي التأكيد على أهمية: وضع مفهوم دولي موحد للإرهاب، وتعريف قانوني دقيق له، يمكن لجميع الدول معرفة ما يجب محاربته، بهدف القضاء عليه؛ منعا؛ للاستغلال السيئ له، وفقا للمصالح الخاصة بكل دولة. وهذا ما قامت به الولاياتالمتحدةالأمريكية - للأسف - من محاولات سافرة؛ للتحرش بمقدرات الأمة، وقيمها، وثوابتها. واستطاعت تحويل أفغانستان، والعراق إلى أهم بؤرتين للإرهاب في العالم، بقراراتها الخاطئة. واستخدمت العنف بحق المدنيين بقصد الترويع، بغية الوصول إلى أهداف سياسية. إن الدعوة إلى مواجهة تيارات التطرف، والتطرف المضاد، ومحاربة الأفكار الدخيلة، أصبحت من الدعوات المهمة، والضرورات الإنسانية؛ للمحافظة على مكتسبات الأمنية، واستقرار المجتمعات. وهو جزء من العمل على تحسين صورة الإسلام، والتعرف على حقيقته، وتجنب التشويه المتعمد لصورته. وهذا يستوجب عدم اختزال مكافحة الإرهاب في الحلول الأمنية - فقط -، بل لابد من معالجة النواة الأيدلوجية لهذه الظاهرة. ولا يكون ذلك إلا بلغة «الحوار»؛ لاقتلاع الجذور الفكرية المنحرفة، التي تؤسس للتطرف، والإرهاب. فمدافعة الفكر، لا يكون إلا بالفكر، وتحصين الذات من وقوعها أسيرة لأفكار التطرف، على منهج الاعتدال والوسطية، مطلب مهم. ما سبق بيانه، هو المنهج الصحيح الذي تبناه وزير الداخلية السعودي - الأمير - نايف بن عبد العزيز، بالتوفيق بين المعالجة الأمنية، والمعالجة الفكرية؛ لاجتثاث جذور الفكر المتطرف، ونشر الفكر المعتدل، تحت شعار: «إستراتيجية الوقاية، وإعادة التأهيل، والنقاهة». وهي الإستراتيجية التي ارتكزت على جانبين، الأول: اقتناع المسئولين السعوديين، بأن مواجهة التطرف، والإرهاب، لا يمكن أن يتم بالوسائل الأمنية التقليدية بمفردها، ولكنه يتطلب وسائل أخرى، أقرب ما تكون إلى المواجهة، والحرب الفكرية. والثاني: عدم الاقتصار على إعادة تأهيل المعتقلين، ولكن لا بد من تبني نهج وقائي، يحاول اقتلاع التطرف من جذوره، ونشر الفكر المعتدل؛ مما فرض مشاركة - كافة - مؤسسات الدولة في هذه التجربة. وعندما يوصي المشاركون لفريق الخبراء الدائم، في اجتماع - الأمانة العامة لجامعة الدول العربية -، بوضع مشروع إستراتيجية إعلامية عربية مشتركة؛ لمواجهة ظاهرة الإرهاب، تعمل على تصحيح صورة العرب، والمسلمين أمام الرأي العام الدولي، فإن ذلك يؤكد على أن: ظاهرة الإرهاب أصبحت ظاهرة عالمية، بحكم تزايدها وتناميها بشكل ملفت خلال العقد الأخير. - ولذا - فإن أسلوب المواجهة في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، والتي أصبحت تهدد أمن الشعوب، والمجتمعات، يعتبر مطلبا مهما - ولاشك -؛ إذ إن الإرهاب، والتطرف، طرفا معادلة، ونتاج؛ لتضافر جملة من الظروف المتداخلة، منها: ما هو اجتماعي، واقتصادي، وإعلامي، وسياسي، ومنها: ما هو تربوي، وثقافي، وفكري؛ كل ذلك؛ من أجل نشر الأفكار الهدامة، والقيام بعمليات التخريب، وتحقيق أهدافهم غير المشروعة. وهو ما يدل: على أن الكثير من المؤشرات تدفع نحو الخطر الكبير، الذي أصبح يشكله الإرهاب، بتفاعله مع عدد من المؤثرات المحلية، والخارجية، فأصبح - للأسف - «كحصان طروادة»، الذي يركبه صاحبه خدمة، وتحقيقا لأهدافه اللامشروعة. ومع أن الإرهاب - غالبا - ما يكون مرادفا للعنف، ومصاحبا له، إلا أن العنف أكثر شمولية منه؛ لفرزه إرهابا في الغالب، بخلاف العكس. - ولذا - اعتبرته المنظمات الدولية - كالأمم المتحدة -، شكلا من أشكال العنف المنظم. على هذا النحو، فإن قراءة الإرهاب قراءة حيادية، وموضوعية، ستوصلنا إلى نفس النتيجة التي تؤكد، على أن: كافة الأعمال الإرهابية الإجرامية، هي ممارسة غير شرعية، ولا قانونية. فالإرهاب يبدأ من فكرة، ثم يصبح قناعة، ثم يتحول إلى ممارسة، يرضخ لإيديولوجية مبرمجة ضمن إطار فكري؛ من أجل الوصول إلى هدف معين، وتنتقل من قوة العقل إلى عقل القوة. أكرر مرة أخرى، إن إدانة الإرهاب - بكافة - أشكاله، وأساليبه، ومظاهره - السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والدينية -، وإيضاح أسبابه، ومنابعه، ومخاطره. وبيان الضوابط الشرعية لقضايا التكفير. ووضع إستراتيجية واضحة المعالم، ومحددة المقاصد، تقوم على ترسيخ ثقافة الحوار، وقيم التفاهم، وإذكاء روح التسامح. وتفعيل الحس الأمني في المنظومة الأمنية المتكاملة، أمور في غاية الأهمية عند رجل الأمن الأول، - لاسيما - وأن تعزيز الأمن الفكري، يبقى القاسم المشترك بين كل الأجهزة. كما أن التوسع في تجريم الأفعال التي تساعد على تحقيق الإرهاب، يعتبر من أهم الوسائل لمواجهة الإرهاب، والتي تحول - بإذن الله - دون وقوعه، - لاسيما - وقد أصبح للإرهاب واقع سياسي، واجتماعي، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، ما تمثله هذه الظاهرة من خطر عظيم على المجتمعات. - ولذا - فإنني أذكر قبل سنتين، نتائج بيان مجلس «وزراء الداخلية العرب» الختامي لأعمال الدورة الخامسة والعشرين في تونس، حين أقر تعديل «المادة الأولى» من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب. وبموجب هذا التعديل، تم تجريم التحريض على الجرائم الإرهابية، أو الإشادة بها، ونشر، أو طبع، أو إعداد محررات، أو مطبوعات، أو تسجيلات أيا يكن نوعها للتوزيع، أو لاطلاع الغير عليها، بهدف تشجيع ارتكاب تلك الجرائم. إن بناء قناعات صحيحة في خطابنا مع أصحاب الفكر الضال، عن طريق المجادلة بالتي هي أحسن، والموعظة الحسنة، والحوار، واستدراجهم نحو الاعتدال، والوسطية، كان مطلبا في غاية الأهمية، زمن أولويات إستراتيجية - الأمير - نايف بن عبد العزيز. هذا الخطاب، هو الذي جعل السعودية من أوائل الدول، التي نجحت تجربتها في مكافحة الإرهاب بكل صوره، وأشكاله، - من خلال - تبني برامج فكرية، وحوارية؛ لتعزيز القيم الصحيحة للدين الإسلامي، وترسيخ مبادئ الوسطية، والاعتدال، وانتزاعهم من ثقافات سلبية من حيث المحتوى المعرفي. - ولذا - فإن الحديث عن الإرهاب لا يكتمل، دون المرور على برنامج المناصحة، فهو جزء من إستراتيجية متكاملة لمحاربة الإرهاب، ومقارعة الفكر بالفكر. بل إن السفير الأمريكي (فراكر)، أكد - ذات مرة - على: «أن المملكة تمكنت من هزيمة القاعدة، وهي التجربة الوحيدة التي هزمت فيها القاعدة، ليس بالوسائل الأمنية وحدها، وإنما بالحوار الديني، والفكري»، - وأضاف -: «أعتقد أن تجربة السعوديين في مواجهة القاعدة، تستحق أن تدرس بعناية، كنموذج على سبل مكافحة الإرهاب؛ لتطبيقها في دول أخرى». ونشرت مجلة «نيوريببلك» الأمريكية تقريرا، ذكرت فيه: «إن إدارة الرئيس أوباما، تعتزم نقل عدد من المعتقلين العرب في سجن غوانتانامو إلى السعودية؛ تمهيدا لإغلاق المعتقل، وترغب في الاستفادة من برامج التأهيل التي تقوم بها السعودية مع المطلوبين أمنيا». إن مطلب الشعوب في العالم، هو تحقيق الأمن - بنوعيه -، - ولذا - فإن الحفاظ على المكونات الثقافية الأصلية في مواجهة التيارات الثقافية الوافدة - أيا كانت - هو أمن فكري، يهدف إلى حماية، وتحصين الهوية الثقافية من الاختراق، وصيانتها من الانحراف. وبعبارة أخرى، فإن استقرار حياة الإنسان، وسلامة سلوكه، ومقصده - من خلال فهمه للإسلام -، وتصوره للحياة، والهدف منها، وعلاقته بربه، وبالآخرين، ومعرفة ماله من حقوق، وما عليه من واجبات، هو: «الأمن الفكري». ويعتبر الأمن الفكري من أهم أنواع الأمن بمفهومه الشامل. فبه يعيش الناس في أوطانهم آمنين على مكونات أصالتهم، وثقافتهم النوعية، ومنظومتهم الفكرية المنبثقة من عقيدتهم وهويتهم وثقافتهم داخل مجتمعهم. ولقد حرصت الشريعة الإسلامية على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها. بل إن مدارها على تلك القاعدة العظيمة، فما أمرت الشريعة الإسلامية شيئا، أو أباحته إلا وفيه مصلحة محققة، أو راجحة على مفسدة مرجوحة. ولا نهت عن شيء، أو منعته إلا وفيه مفسدة محققة، أو راجحة على مصلحة مرجوحة. وبهذه المعادلة المترابطة تتضح ملامح الأمن الفكري. من جانب آخر، فإن الأمن الفكري، يقتضي تحصين أبناء المجتمع من فكر وافد، فليس أضر على الأمة من رواج فكر دخيل، يبلبل العقول ويوحش القلوب، على أيدي جهلة وأنصاف متعلمين. ولقد قيل مرارا: إن الفكر لا يعالج إلا بفكر، كما ذكرت - سابقا -، - لذا - لا بد من الاعتراف بوجود الأفكار الدخيلة - أيا كانت - كظاهرة، ومعرفة حجم الظاهرة، وآثارها، حتى ننادي بعد ذلك بمشروع جماعي وطني، يخاطب الفكر، ولا يسفهه؛ لأن المطلوب هو حلحلة تلك الأفكار، وتعريتها، متجاوزين الوسائل التقليدية في التوعية، والعلاج. كما أن الأمن الفكري في نهاية المطاف، مسؤولية الجميع. ونحن مدعوون إلى التحرك السريع الفاعل الإيجابي، ووضع خطط قائمة على أسس علمية، وتربوية؛ لحماية أمننا الفكري، - سواء - كان وقائيا، أو علاجيا، وهذا هو التحدي الأهم. وإذا كان ثمة ما ينبغي الإشارة إليه، تلك الصورة الرائعة، والتي تمثلت في علاقة الحب بين المسؤول، والمواطن، عبر صور وفاء، وتضحية متنوعة، تمثل ذلك من خلال تسابق شرائح المجتمع، من أجل التعبير عن فرحتها بتعيين - الأمير- نايف بن عبد العزيز، ولياً للعهد، نائباً لرئيس مجلس الوزراء، ووزيراً للداخلية، والذي استطاع خلال فترة وجيزة، تفكيك بؤر الإرهاب في المملكة، وبتر تلك الشجرة الخبيثة، بعد أن اشتد عودها.