خرج نك فوجي إلى الحياة بدون يدين أو رجلين ، بيد أنه لم يستسلم لواقعه أو يدع ذلك يحد من تطلعاته أو يحدد طموحه – ذلك أن هذا الفتى المقدام الذي يبلغ من العمر 26 عاماً يمارس رياضة كرة القدم والغولف والسباحة وركوب الأمواج المتكسرة رغم أنه بدون أطراف. ويوجد لدى نك في فخذه اليمنى قدم صغيرة تساعده على حفظ توازنه كما يمكنه من ركل الكرة. ويستخدم نك قدمه أيضاً في الطباعة والكتابة بالقلم فضلاً عن أنه يلتقط الأشياء ويمسك بها بين أصابع هذه القدم. ويتحدث نك عن قدمه فيصفها ممازحاً بقوله: "إنني أدعوها عصاي السحرية فهي بمثابة الوصلة أي ذلك الجزء من قدم الدجاجة الواقع بين الفخذ والكاحل. وبدونها كنت سأضيع." ويردف قائلاً: "عندما أدخل في الماء أظل طافياً لأن 80٪ من جسمي عبارة عن رئتين كما أن تلك الوصلة التي توجد بين الفخذ والكاحل أستخدمها لتكون بمثابة أداة الدفع." يشار إلى أن نك ولد في ملبورن بأستراليا ويعيش حالياً في لوس أنجلس ويقول عنه صديقه ومسؤول الدعاية والإعلان الخاص به ستيف أبل، وهو أيضاً من لوس انجلس: "إنه متواضع جداً وتلقى الكثير من عروض الزواج من العديد من النساء. وهو يود أن يتزوج ويكون عائلة ولكنه في انتظار شريكة الحياة المناسبة." عندما رأى نك النور كان والده في صدمة دفعته إلى مغادرة المستشفى. أما والدته فهي لم تستطع أن تتماسك إلى أن بلغ نك شهره الرابع. أما إعاقة نك، فلم يكن يوجد لها تفسير طبي؛ وهي عبارة عن حالة نادرة الحدوث تسمى غيبة الأطراف (Phocomelia). وقد أمضى نك ووالداه عدة سنين في حثيث سعيهم للعلاج والتماس أسبابه؛ ويقول نك: "لقد كان وقع ما حدث عصيباً عليهما ولكن من الواضح أنهما – ومنذ الوهلة الأولى – لم يألوا جهداً أو يدخرا وسعاً في القيام بكل ما من شأنه أن يمكنني من أن أعتمد على نفسي. فقد بدأ والدي يضعني في الماء منذ أن كان عمري 18 شهراً مما أكسبني الجرأة والشجاعة والإقدام على تعلم السباحة كما أنني انخرطت بصورة جادة في لعب كرة القدم وممارسة رياضة التزلج علماً بأنني أعشق دوري كرة القدم الانجليزي." نك في زيارة للهند أما والد نك، وهو مبرمج حاسب آلي ومحاسب، فقد عمل أيضاً على تعليم صغيره الذي كان في السنة السادسة من عمره كيفية الطباعة بأصابع قدمه فيما ابتكرت أمه أداة بلاستيكية خاصة لتمكينه من مسك القلم. وقد أصرَّ والدا نك أيما إصرار على إلحاقه بمدارس التعليم العام رغم ما ينطوي عليه ذلك من مخاطرة تتعلق باحتمال تعرضه للتندر والسخرية والتهكم من زملائه في الدراسة، وقد كان؛ فقد تعرض نك بالفعل للسخرية والتهكم. ومع هذا فقد وصف نك القرار بأنه سديد وصائب، حيث أضاف قائلاً: "لقد كان هذا أفضل قرار اتخذاه بخصوصي. لقد كان الوضع صعباً بحق وحقيقة ولكنه مكنني من أن أعتمد على نفسي." وكان نك يستخدم كرسياً متحركاً ويصطحبه فريق من المساعدين. ورغم ذلك حصل مؤخراً على شهادة في التخطيط المالي والاستثمار العقاري. وحول ما تعرض له من مصاعب ومتاعب يقول نك: "لقد كنت مكتئباً غاية الاكتئاب عندما بلغت سن الثامنة. ولطالما كنت أعود إلى أمي شاكياً باكياً متذمراً متبرماً. وكثيراً ما أخبرتها بأنني أود أن أقتل نفسي." واستطرد يقول: "كنت أستطيع تنظيف أسناني بنفسي مستخدماً فرشاة مثبتة على الجدار وأغسل شعري بصابون من مضخة؛ ومع هذا كانت هنالك الكثير من الأشياء التي يعد القيام بها ضرباً من المحال بالنسبة لي." وفي سن العاشرة حاول نك إغراق نفسه في حوض الاستحمام بيد أن من حسن الحظ أن محاولته باءت بالفشل. وعلل ذلك بقوله: "كنت أشعر بأن حياتي بلا هدف. وعندما تفتقر إلى الهدف في الحياة يصبح من الصعب عليك أن تظل متماسكاً." نك يقفز إلى الماء بيد أن نك تمكن من شق طريقه بمساعدة أصدقائه وأفراد عائلته واستطاع المضي قدماً بعزم وإصرار بل بكفاءة واقتدار ليصبح رمزاً عالمياً للانتصار على الظروف غير المواتية والتغلب على المتاعب. فقد أصبح متحدثاً ملهماً وخطيباً مفوهاً جاب البلدان زائراً أكثر من 24 دولة خاطب فيها مجموعات قوامها أكثر من 110 آلاف شخص. ويقول في هذا الخصوص: "كان عمري 13 عاماً عندما قرأت مقالاً في صحيفة عن رجل مقعد تمكن من تحقيق منجزات كبرى وساعد الآخرين. وقتها أدركت الحكمة الإلهية من وراء ما حدث لي – ذلك أنني يفترض أن أعطي الأمل للآخرين ولأجل هذا قررت أن أجعل من حياتي سبباً لتشجيع الآخرين وإكسابهم من الشجاعة ما اكتسبته من وحي المقال المتقدم ذكره. وقررت أن أكون حامداَ شاكراً لما أسبغه الله عليّ من النعم وألا أشعر بالأسى على ما فاتني." ومضى يقول: "نظرت إلى نفسي في المرآة فخاطبتها قائلاً" تدركين أنني لا أملك يدين أو رجلين ولكن ذلك لن يسلب عني الجمال من عيني. لقد وددت التركيز على الأشياء الجميلة عندي." يذكر أن نك حاز على جائزة رجل العام بين المواطنين الأستراليين الشباب في عام 1990م وذلك عرفاناً وتقديراً لشجاعته ومثابرته ومصابرته وإصراره. وبدأ نك ترحاله حول العالم مسافراً في عام 2008م إلى هاواي حيث قابل بطلة ركوب الأمواج المتكسرة بيثاتي هاملتون التي قضم سمك قرش ذراعها عندما كانت في سن الثانية عشرة. وتحدث عنها نك قائلاً: "إنها مذهلة. لقد علمتني كيفية ركوب الأمواج المتكسرة وقد كنت مرعوباً في البداية ولكنني بمجرد أن بدأت شعرت بأنها ممتعة لأبعد الحدود." المعجزة نك على كرسيه الكهربائي سرعان ما تعلم نك ركوب الأمواج المتكسرة وتعلم كيفية أخذ دورة كاملة بمقدار 360 درجة بلوح الركوب على الأمواج المتكسرة وهي المهارة التي أدت إلى نشره على غلاف مجلة سيرفر التي تهتم بهذا الضرب من الرياضة. وقد أفاد نك بأن أحداً لم يتمكن من إتقان هذه المهارة في تاريخ رياضة ركوب الأمواج المتكسرة وأضاف قائلاً: "لكن مركز الجاذبية لديَّ منخفض جدا لذا كنت أحتفظ بتوازني بشكل جيد جداً." وانتقل نك إلى لوس أنجلس قبل عامين وهو يخطط للسفر حول العالم حيث من المقرر أن يزور أمريكا الجنوبية والشرق الأوسط. ووصف مهمته بقوله: "سوف أخبر الناس بأن يتماسكوا وينهضوا مرة أخرى عندما يتعرضون للسقوط وأن يظل الحب ديدنهم دائماً وأبداً. إذا تمكنت من تشجيع شخص واحد فقط عندئذٍ ستكون مهمتي في هذا الحياة قد تحققت." ويلعب الغولف