في الرابع من شهر جمادى الآخرة 1429ه كتبت مقالاً بعنوان (استثمار أجنبي في الحُمّص) أشرت فيه الى أن نظام الاستثمار الأجنبي منح المستثمرين الأجانب المزايا والحوافز والضمانات والقروض الصناعية التي تتمتع بها المنشآت الوطنية بهدف استقطاب أموال أجنبية من خارج البلاد لإقامة مصانع أو مشاريع منتجة توفر فرص عمل لمواطني البلاد وتنقل إليه تقنية وتنتج سلعا أو تقدم خدمات بتكلفة مناسبة، إلا أن غالبية المستثمرين الأجانب الذين تم استقطابهم في بلادنا الغالية كانوا مقيمين يمارسون أنشطة تجارية أو صناعية أو صحية أو زراعية تحت كفالة مواطنين متسترين يكتفون بمبالغ مقطوعة وقيَّض الله لهم نظاما يستطيعون من خلاله خلع كفلائهم والاستمرار في نشاطهم نفسه واستقدام أقاربهم للعمل معهم وإنهاء جميع إجراءاتهم بيسر وسهولة من مركز خدمات شامل يحلم بمثله المواطن السعودي. كما أشرت الى وجود مكاتب خدمات متخصصة في تسهيل حصول الأجانب المقيمين في المملكة على رخصة استثمار أجنبي دون توفر الشروط المطلوبة وطالبت هيئة الاستثمار بنشر أسماء جميع المستثمرين الأجانب ومن ضمنهم مستثمر الحمص وأين كانوا قبل حصولهم على الرخصة، وما هي الأنشطة التي كانوا يمارسونها قبل حصولهم عليها؟ وما هي المشاريع التي قاموا بإنشائها بعد حصولهم على الرخصة ؟ وحجم الأموال التي استثمروها فعليا؟ كما طالبت بتعديل نظام الاستثمار الأجنبي والاكتفاء باستقطاب مستثمرين أجانب حقيقيين وإعادة النظر في جميع الرخص التي تم منحها لمستثمرين وهميين. وبما أن المعلومات التي طالبت هيئة الاستثمار بنشرها عن حقيقة الاستثمار الأجنبي في المملكة محرجة فقد كنت اجزم تماما بأنها ستتجاهل مطالبات مواطن يحلم برؤية المصانع الضخمة على أراضي المملكة ويصحو على صورها في الصحف فقط. ويحلم بمليارات الدولارات القادمة من الخارج ويصحو على مليارات الريالات الهاربة من الداخل. ويحلم بفرص وظيفية للمواطنين المؤهلين العاطلين ويصحو على مليوني وافد جديد سنويا نصفهم أميون. وقد كنا سابقاً نعاني من ظاهرة تستر مواطنين على وافدين يعملون لحسابهم الخاص مقابل مبالغ مالية ومع إنشاء الهيئة العامة للاستثمار تغيرت أحوال الوافدين وأصبحوا يتمتعون بمزايا يحلم بها المواطن المسكين ويحصلون على التأشيرات التي يرغبون بها بيسر وسهولة ويتسترون على غيرهم من الوافدين وسيطروا على غالبية أنشطة التجارة والصيانة وغيرها حتى بلغت نسبة المستثمرين الأجانب الذين يعملون في الأنشطة التجارية في مدينة جدة أكثر من تسعين في المائة وتباهت إدارة رخص المستثمرين الأجانب في جدة أنها أصدرت ستمائة رخصة جديدة لممارسة أنشطة صيانة سيارات وأجهزة ومطاعم وعمارة ودباغة وهي أنشطة كانوا يمارسونها بالتستر ومنحتهم الهيئة فرصة التحول من مكفول صغير الى متستر وكافل كبير لعشرات ومئات من الوافدين لهذا فقد نصحت عددا من رجال الأعمال الذين يعانون من صعوبة الحصول على التأشيرات التي يحتاجونها بأن يتفقوا مع احد مكفوليهم على استخراج رخصة استثمار أجنبي ليتم احترامهم وتقديرهم وإعفاؤهم من السعودة ويحصلوا باسمه على التأشيرات التي يحلمون بها ويبيعوا ما يزيد عن حاجتهم. وإضافة لتساؤلاتي السابقة التي لازلت احلم بإجابات عليها ومطالبتي بإعادة النظر في جميع رخص الاستثمارات فاني أرجو من هيئة الاستثمار إيضاح مدى نظامية الأموال التي يدفعها المستثمرون الأجانب الراغبين في خدمات ومزايا وتأشيرات إضافية؟