لا زالت ظاهرة البنات والصيف والفراغ قائمة خصوصاً مع وجود وقت كبير تحتار فيه الكثير من الفتيات حول كيفية استثماره بشكل صحيح وسليم، وانعدام المؤسسات الحكومية والأهلية التي تتبنى المواهب والطاقات الإبداعية لديهن وتشغل وقت فراغهن بما ينعكس إيجاباً على أسرتها والمجتمع ويعود عليهن بالنفع والفائدة. وما أن ينتهي العام الدراسي وتبدأ الإجازة الصيفية "الكابوس" كما تراها الكثير من الأسر، إلا وتتشكل غيوم القلق أمام الآباء والأمهات وحتى البنات نتيجة طول تلك الإجازة التي تتحول إلى هاجس كبير يسكن في أذهانهم. ومن بين عشر فتيات ربما يبتسم الحظ لثلاث أو أربع منهن بوجود فرصة عمل أو الالتحاق بأحد المراكز الصيفية المتخصصة أو السفر مع العائلة، ويسيطر الملل "الطفش" على بقية الفتيات الأخريات اللاتي يقبعن في بيوتهن لمتابعة برامج القنوات الفضائية أو ممارسة هواية العصر الانترنت. وهناك من يرى بضرورة إيجاد حلول جدية وسريعة لاحتواء الفتيات وتقديم برامج وأنشطة تلبي احتياجات المرأة وتتفق مع خصوصياتها، وكذلك تحميها من الآثار النفسية السلبية التي يخلفها القلق والسأم وهدر الوقت وقتله في التجول بالأسواق والركض وراء اللاهدف. صورة فاعلة في البداية، أبدت الأستاذة ثريا الفالح امتعاضها وأسفها الشديد من عدم وجود مؤسسات حكومية أو أهلية تسعى إلى استثمار طاقات البنات وقدراتهن وإمكاناتهن وتوظيفها خلال العطلة الصيفية في مجالات تطوعية أو تدريبية بصورة فاعلة وأكيدة. وأكدت على أن الدورات التدريبية في بعض المراكز الصيفية ضئيلة وليست منتشرة في مختلف المدن والقرى، إلى جانب أن أنشطة الجمعيات النسائية محدود لا يتناسب مع حجم مخصصاتها المالية، والتي يجب أن توظفها فيما يخدم البنات في الصيف. وتوافقها الرأي الأستاذة عائشة الدوسري، مؤكدةً على أنه من الواجب على المؤسسات والجمعيات ذات النفع العام استثمار قدرات وإمكانات الفتيات، مضيفة: " لنعترف أن شريحة كبيرة من البنات خصوصاً في إجازة الصيف تبقى بلا عمل وبدون ممارسة هواية مفيدة". وقالت: صحيح من حق الفتاة بعد عام دراسي أن تأخذ قسطاً من الراحة، ولكن في المقابل العطلة فرصة للعمل والعطاء والفائدة المادية، مشيرة إلى أنها سبق وأن شاهدت برنامجاً في إحدى القنوات الفضائية العربية حول كيفية استغلال الفتاة للتعلم والعمل خلال الإجازة الصيفية بما يفيدها وأسرتها في المستقبل، وتساءلت: أين بناتنا من مثل هذه المبادرات والأعمال؟!. وتؤكد الأستاذة طرفة يوسف على أننا في البداية بحاجة إلى إيصال مفهوم استغلال الإجازة بصورة فاعلة ومفيدة. وقالت: لا يمنع أن تستفيد الفتاة من الإجازة في الراحة والاستجمام، ولكن يجب أن توزع وقتها ما بين المطبخ والاستعداد للتعلم، وكذلك العمل التطوعي والاجتماعي. هوايات مفضلة وعلى الرغم من أن الإجازة الصيفية طويلة ومملة والفراغ قاتل، إلا أن ذلك لم يمنع العديد من الفتيات من ممارسة هواياتهن المفضلة وتفجير طاقاتهن الإبداعية باجتهاد شخصي، وتؤكد الطالبة سعاد عبد المحسن على أنها درجت خلال الإجازة على ممارسة هوايتها المفضلة وهي القراءة. وقالت: أقضي جل وقتي في مطالعة المجلات والكتب الثقافية والأدبية خصوصاً الراوية، مبينة أن ما يتبقى لها من الوقت تقضيه مع أفراد أسرتها في مشاهدة التلفزيون، منوهةً بأنها تشارك أحياناً نزولاً عند رغبة والدتها في دخول المطبخ وتحضير أطباق شهية لأفراد الأسرة. إمكانات محدودة وأكدت الطالبة أنيسة راشد على أن جميع الفتيات تتوفر لديهن الرغبة الحقيقية والجادة في قضاء أوقات الصيف بممارسة هوايتهن المفضلة وتنمية وتطوير مهاراتهن، مشيرة إلى أن ظروف جميع الفتيات ليست متساوية على حد سواء تتيح لهن السفر خارج المملكة أو حتى داخلها خصوصاً إذا كانت الأسرة كبيرة وظروف ولي أمرها محدودة، مضيفةً: " وهنا ترضخ الفتاة للأمر الواقع وتقنع بما هو متاح أمامها". الفراغ والإحباط وتقول الطالبة زهره محمد: أنها في حيرة من أمرها حول الوسيلة المثلى للتغلب على وقت فراغها الطويل في الصيف، واستثماره لصالحها، مبينة أنها تمكنت من القضاء عليه عبر عملها كمندوبة تسويق لشركة متخصصة في إنتاج الماكياج، داعيةً جميع الطالبات إلى عدم الاستسلام للفراغ أو الإحباط، وأن يبحثن عن أي فرصة للعمل. الجد والمثابرة وتشاطرها الرأي الطالبة ليالي عبد المجيد، مبينة أنها استغلت وقت فراغها خلال الإجازة بالعمل في قسم السجلات الطبية في أحد المستوصفات الخاصة، مؤكدة شعورها بالسعادة والرضى لأنها وجدت هذه الفرصة، والتي مكنتها من القضاء على وقت الفراغ، وحثت الفتيات إلى سرعة المبادرة والسعي قدر المستطاع نحو الجد والمثابرة واستغلال وقت الفراغ بما يفيد. دورات تدريبية وتمنت الطالبة العنود صالح أن يتبنى التلفزيون أو مؤسسات المجتمع المدني تنظيم دورات هادفة في عدد من الهوايات كالتصوير الفوتغرافي، والرسم، والحياكة والنسيج عبر برامجه المتنوعة خلال الإجازة الصيفية، وأن يستفيد من تجربة القنوات الأجنبية في هذا المجال.