لا شك أن مجتمعنا الإسلامي بأخلاقه الإسلامية يحترم من ترك أهله ووطنه للعمل في المملكة بدافع الحاجة وهو أمر طبيعي وظاهرة إنسانية موجودة منذ القدم في كافة المجتمعات. إن قيمنا وأخلاقنا الإسلامية تجعلنا مجتمعاً وأفراداً نتعامل مع غير السعوديين بأسلوب حضاري، وحسب أنظمة ولوائح تضمن حقوقهم وتحترم إنسانيتهم وتجعل الجميع أمام القانون سواء. هذا هو الخط الأخلاقي الذي نسير عليه، وهذا لا يعني عدم وجود ممارسات خارجة عن ذلك الخط وتستحق منا أن نتوقف عندها بكل شجاعة لنتعامل معها بأسلوب النقد الموضوعي، والتقييم الذاتي. نعم هناك بعض الممارسات السلبية التي تصدر من البعض تجاه المقيمين. في إطار الوقفة الذاتية الصادقة نقول إنه يسيء إلينا قبل غيرنا تلك العبارات الساخرة التي يتباهى بها بعض الشباب أو الأطفال حين يتم تصنيف الناس إلى فئات ويوضع صفة لكل فئة. هذا الساخر الذي يقف حائراً أمام جهاز تلفزيون أو كمبيوتر معطل أو حتى أمام سباكة بسيطة، يستنجد بعامل من الوافدين الذين يوصفون بعدم الذكاء لإصلاح ذلك الجهاز المعطل أو القيام بأعمال السباكة، وهي أعمال شريفة والعمل قيمة من القيم التي لها مكانة بارزة في ثقافتنا وهو مدعاة للفخر وليس العكس. إن هذا العامل الذي يعمل بكل جدية ليكسب أجره بعرق جبينه رغم ظروف الغربة هو بالتأكيد يستحق التقدير والإشادة وليس السخرية. وإذا كان بعض المتفاخرين يجدون أن لديهم من الأسباب ما يدفعهم إلى التفاخر فإن هذا لا يبرر السخرية من الآخرين. والسخرية قد تبرر حين توجه لمن يملك القدرة على العمل ولا يعمل، أو تتوفر لديه مهارات ومواهب ولا يستثمرها، أو يزعم أنه يمتلك قدرات خارقة وأنه قادر على النجاح في أي مجال، ولكنه لا يحقق النجاح بسبب الآخرين، هذا الاعتداء المبالغ فيه بالنفس مع عدم وجود ما يقابله من إنجازات هو مدعاة للسخرية. وحين تصل الثقة إلى درجة الغرور فهذا يفسر على أنه محاولة لتغطية جوانب الضعف والفشل. إن أهم مفاتيح النجاح هو القدرة على استثمار الظروف المحيطة وليس استخدامها كشماعة لتبرر العجز والفشل، وإذا كان هناك منافسة على الظفر بالوظائف فإنها منافسة إيجابية من شأنها أن تحفز المواطن على التسلح بالعلم، والمهارات التي تجعله يفوز في المنافسة بمعيار القدرات المهنية والخبرات العملية والاتجاهات الإيجابية، وليس بمعيار الهوية الوطنية التي لها أهميتها لكنها غير كافية في ميدان العمل. ننتظر دور الجامعات ومنابر الثقافة والإعلام، ومؤسسات التربية والتعليم للقيام بدور فعّال في تعزيز المفاهيم التي تحترم العمل وتقدر الإنسان العامل الذي يساهم في البناء، وتنامي قيام العلاقات الاجتماعية والثقافية بين أفراد المجتمع بصرف النظر عن جنسياتهم.