غيبت الأزمة المالية التي تعصف بأركان الاقتصاد العالمي منذ عدة أشهر 30% من الشركات النفطية العالمية عن خارطة الاستثمارات الطاقوية إما بسبب الإفلاس والاضمحلال أو الاندماج مع شركات أخرى بهدف الصراع من اجل البقاء وهو إجراء لا يمكنها من التوسع في الاستثمارات النفطية التي عادة ما تكلف مليارات الدولارات نظرا لكون مشاريعها تتمركز في مواقع نائية في أعماق المحيطات أو المناطق الصحراوية ذات الطبيعية المناخية القاسية والتضاريس المتباينة. وأرجعت تحاليل صدرت عن جهات مالية وإحصائية عالمية ترصد حركة الاستثمارات الطاقوية حول العالم هذا التباطؤ في الاستثمارات النفطية إلى ضعف الطلب على المشتقات البترولية نتيجة إلى تراجع الاستهلاك في الدول الصناعية الكبرى التي تعاني من تبعات الأزمة المالية وكذلك نقص التمويل من البنوك التي أحجمت عن تقديم قروض للشركات وسط تخوف من إفرازات الأزمة المالية على ربحية المشاريع الاستثمارية في خضم التقلبات التي تشهدها أسعار السلع والمعدات والخدمات والتي أربكت المخططين لهذه المشاريع وشكلت هالة ضبابية إعاقة من تقديم دراسات الجدوى الاقتصادية تعطي وصفا دقيقا لهيكلة المشروع وجداوله الزمنية وهوامشه الربحية. وقالت "إنيرجي اكستشنج" إن هناك اندماجات كبيرة حدثت خلال الأشهر الماضية لاحتواء شركات نفطية تكونت في الخمس سنوات الماضية إبان ارتفاع أسعار النفط وحاولت توسيع استثماراتها في المياه العميقة مستعينة بقروض كبيرة من بنوك عالمية وسط تفاؤل بأن تتنامى أسعار النفط إلى مستويات تمكنها من استغلال الثروات الهيدروكربونية الكامنة في أديم هذه المناطق البكر والتي لن تكون مربحة إلا بعد أن تتخطى الأسعار 100 دولار للبرميل وتظل في هذا المستوى لسنوات قادمة حتى تستنفد هذه الاحتياطيات من النفط الخام. وقللت "أويل موفمنت" من توقعاتها لحجم الاستثمارات النفطية خلال الخمس سنوات القادمة من 375 مليار دولار إلى حوالي 270 دولار نتيجة إلى ضعف الملاءة المالية لكثير من الشركات النفطية النامية التي لا تتبع لدول فيما عززت من احتمال أن تمضي الشركات النفطية الحكومية بخططها الاستثمارية دون تغيير لاستكمال مشاريعها النفطية التطويرية مستندة على تدني تكلفة إنتاج النفط ما يرفع من ربحية المشاريع ناهيك أن معظم تلك الشركات تتكئ على أرث صناعي وتكنولوجي يساهم في تخطي أي صعوبات في الأداء. وعلى الرغم من أن هناك طلب متزايد على النفط من الدول الآسيوية وخاصة الصين والهند واليابان وكذلك تدفقات مالية استثمارية في مجال الاستثمارات الطاقوية والبتروكيماوية التي تفتح منافذ جديدة لانسياب النفط الخام إلى تلك المناطق إلا أن هناك تراجع كبير في حجم استهلاك الطاقة في أمريكا و جل الدول الأوروبية ما شكل فائضا كبيرا في إمدادات الخام أحدث إغراقا للسوق النفطية وأدى إلى رفع المخزونات الإستراتيجية وأوجد ضغطا على أسعار النفط لتبقى في مستويات دون طموحات المنتجين الذين يتطلعون إلى أسعار تنعش مشاريعهم الطاقوية وتعزز من مستقبل الصناعات البترولية وتحقق الإمدادات الآمنة لمصادر الطاقة لدول العالم. أسعار النفط تمكنت من تعويض الخسائر التي منيت بها خلال الأسبوع الماضي حين هوت بنسبة 8% حيث استطاعت أن تحافظ على مستوى60 دولارا للبرميل ليوم أمس الجمعة في تذبذب حاد وسط تفاؤل بتحسن حالة الاقتصاد العالمي وعودة تنامي الطلب على النفط. فيما صعد الذهب إلى 917 دولار للأوقية.