وضعت الأحداث المتوالية في نادي الاتحاد عدة علامات استفهام، وأصبحت الأوضاع بين عشية وضحاها على صفيح ساخن، بعدما كان الاستقرار يضفي ستاره على أروقته، ويتباهى عشاقه باستقراره إداريا وفنيا وشرفيا، وفجأة انقلبت الأمور رأسا على عقب، وتحول الهدوء الى ملاسنات إعلامية واتهامات مصدرها أطراف اتحادية متعددة، وتحولت بعض الأقلام التي كانت تدافع عن النادي الى تابعة لبعض الأشخاص وبصورة واضحة. هذا السر الغريب في إشعال نار المشاكل في الاتحاد أمر يؤكد أن هناك من أراد أن يؤزم الوضع، عندما أدرك أن الأمور لا تسير لمصلحته، وانه بات على شفا حفرة من الرحيل النهائي. والسؤال الذي لابد من طرحه والإجابة عنه من قبل الاتحاديين الذين لا تهمهم غير مصلحة ناديهم، هل أصبح مصير (العميد) مرتبطا بوجود أشخاص وأسماء معينة، حتى يهتز لمجرد رحيل هذا أو إبعاد ذاك؟ الاتحاد يعاني من مشكلة (حب الذات) لدى بعضهم، لذلك فكل منهم يريد أن يقوم بدور المنقذ، وحامل لواء قيادة النادي، وان (العميد) من دونه لن تقوم له قائمة، يدعم ذلك بعض الأصوات الإعلامية التي لا تراعي مصلحة النادي، انما تكتب وتنتقد وتمتدح وفق مصلحتها الخاصة وتوجيهات معينة، بدليل أن المتابع يلحظ انه مجرد أن كُلف الرئيس الذهبي السابق ورئيس هيئة أعضاء الشرف طلعت لامي، وظهر عبر الاعلام ليكشف الحقيقة المرة، ثارت ثائرتها، على الرغم من أن في ذلك كشف كثيرا من الحقائق الغائبة عن أذهان كثيرين من الاتحاديين، نتيجة بعض التضليلات التي يعمد لها بعضهم، بحثا عن التباهي بأمجاد غير موجودة على ارض الواقع. هناك في الاتحاد مع الأسف من ينتقد النادي، أو أي لاعب وإداري وشرفي، أما أن تمس بعض الأشخاص بكلمة نقد ومحاولة لكشف ممارساتهم فهنا (لا تلوم إلا نفسك)، وسيكون مصيرك التقريع والسب والشتم والمطالبة بنبذك من المجتمع الرياضي. أما الأغرب من ذلك كله فهو حجم التبرعات التي نقرأ عنها تباعا، وبالذات من الرئيس المقال منصور البلوي، التي صورتها الصحافة على ان الاتحاد لا يعاني من أي أزمة مالية، فهو الذي تكفل بتجديد عقود المدربين، وصرف رواتب اللاعبين، ومقدمات عقودهم، وهو الذي سدد ديون النادي، وأنهى الأزمات الأخرى، وفي نهاية الأمر يكتشف الجميع، أن هناك قرارا من القيادة الرياضية يتضمن منع صرف أي مخصصات مالية، وإتمام أي تعاقدات (حسب ما جاء في الزميلة الشرق الأوسط أمس الأسبوع الماضي). إذن أين تبرعات البلوي وهباته، كيف أصبح النادي مديونا ومطالبا لدى (الفيفا)، بمستحقات لاعبين أجانب والتزامات أخرى، كيف يحدث له هذا ولديه شرفي يصفه بعض الاتحاديين بالمؤثر مثل منصور البلوي، على ماذا صرف ال 83 مليونا التي يقال إنه دعم بها النادي؟ هل تجرؤ لجنة تدقيق الوضع المالي التي يقال إنها تتابع الوضع الاتحادي على العودة الى الوراء، وما كتب في الصحافة وتلك الملايين التي يقال إن الإداري المقال دفعها لمصلحة النادي، وبالتالي المقارنة بينها وبين الديون المتراكمة على النادي، وهل تلك التبرعات تغطي هذه الديون التي احرجته مع اتحاد الكرة وورطته لدى( الفيفا). اتمنى ألا يذهب الاتحاد النادي العريق ضحية للتضليل الاعلامي والتطبيل من اجل عدم مصلحة كيان، ولشخص على حساب تهميش أطراف أخرى، خدمت النادي وعيبها الوحيد أنها ترفض استمرار (الابواق الاعلامية والمستفيدين) حولها. ربما يكمن علاج الاتحاد بتخليصه من بعض الأشخاص الذين يريدون البقاء في الأضواء على حسابه، ويصنعون لهم هيلمانا بفضل تطويعهم لبعض الإعلاميين والمطبوعات لمصلحتهم، من دون أن يوظفوا ذلك لمصلحة النادي، ثم هل يعقل أن أول الأندية تأسيسا وواحدا من اكبر الأندية العربية وأكثرها جماهيرية، يكون مصيره معلقاً بشخص واحد؟ لو كنت اتحاديا لما ترددت بالمطالبة برحيل البلوي عن الاتحاد ليس كرها له، ولكن من اجل مصلحة (العميد) حتى لا يتعرى النادي بين فترة وأخرى أمام الشارع الرياضي، بمشاكله وأزماته وتناحر رجالاته، واحتجاجاته معدة بعضهم على بعض، أما الاستمرار للتطبيل للبلوي وتصويره بالمنقذ فمعناته استمرار المعاناة الاتحادية، والدخول في كثير من المشكلات، ولعل في رحيل البلوي ايضا استقرارا وهدوء للساحة والمجتمع الرياضي بشكل عام، بعد ان جرها على طريقته للتأزم والشحناء والبغضاء. اما آخر تقليعات البلوي التي لم يصدقها غيره ومن يؤيده، فهي هجره الوسط الرياضي، وهو الذي يعشق الاضواء ويستميت من أجلها، وفجأة يعلن التراجع؛ لأن مجموعة اشخاص من جماهير النادي زاروه في منزله، وطلبوا منه التراجع فوافق من دون تردد، وكأنه لم يصدق طلب الاستمرار بعد مناوراته الاعلامية، التي لم تعد مستساغة على الاطلاق، حتى من الاتحاديين انفسهم.