يتفهم المتابع وجود اسم وزير في الأخبار الكبرى لوزارته؛ مشروعات، قرارات، زيارات تفقدية. لكن ما هو غير مفهوم أن تجده في الأخبار الصغيرة، الصغيرة جداً. ليس ضرورياً تسمية وزير في هذا المقام، فالشخص ليس المقصد، بل الممارسة الإدارية. الوزير الحاضر إخبارياً في شؤون وزارته كافة، إما أنه محب ومولع بالأضواء أو أنه مبتلى بإدارة علاقات عامة غير جديرة بالقيام بواجباتها، أي لا يجرؤ مديرها على الظهور وتحمل مسؤولية التحدث باسم الوزارة. وخطورة الوزراء المولعين بالأضواء تعود عليهم. سيملهم الناس، ولن يأبهوا بأي تصريح جديد يقدم، ولا بأي مشروع جديد يدشن. سيتعامل معهم الجمهور معاملة الإعلانات الصغيرة المبوبة في أطراف الصفحات، لا يطالعها إلا المهتم منهم جداً. قد لا يعلم هواة الإعلام أن الأضواء تحرق من تحتها سريعاً. يهمله الجمهور بداية، ويسخر منه لاحقاً، فيتحول إلى أنموذج في القياس الإعلامي، يتفادى الوصول إليه النابهون من المسؤولين. هي أشبه بحالة تطرف في الممارسة تقود إلى التهلكة. والحديث هنا لا يقتصر على الوزير، بصفته وزيراً، بل يشمل المسؤولين عامة، الذين لا يجيدون التعامل مع وسائل الإعلام. لعل من تساؤل يرد: هل هذه الممارسة هي بحث عن الشهرة؟ قد يكون ذلك الهدف الواضح من كثرة الظهور ولكن بكل تأكيد أن من يفكر بهذه الطريقة، ويبتغي الشهرة السريعة، مخطئ جداً. فالمسؤول المرتبط باحتياجات الجمهور، شهرته منه وفيه. لا يحتاج إلى الظهور المتكرر، فالناس تعرف اسمه من كثرة ترداده في المجالس، وتحفظ صورته بالظهور المحدود على وسائل الإعلام، فلماذا هذا الإكثار. المعلومة المضافة هنا: الصحافيون لا يمنحون المسؤول كثير الظهور الهيبة، التي ينالها ذلك المقل في حضوره. وكذلك الجمهور طبعاً. وفي مقابل المسرفين إعلامياً، هناك وزراء لا ينبسون ببنت شفة. الصمت شعارهم، ثابتون عليه اليوم وغداً، رغم أنهم في وزارات حيوية. ناهيكم عن وزارات صامتة جداً، وزيرها والعاملين! لعلي ناصح للمسؤول، كثير الظهور، أن يعيد النظر في تجربته الإعلامية أولاً، ويفسح المجال لإدارة العلاقات العامة لديه، لتقوم بواجباتها، ويمكّن مديرها من التعليق على صغائر الأخبار، ويترك لظهوره كبرياتها.