للشهرة والأضواء بريق خاص لا يستطيع الإنسان تجاهلهما، وخاصة مع تعدد القنوات المؤدية إليه وبسرعة فائقة، ومع أن المسلم مطالب بالحذر من أضواء الشهرة؛ لأن الشهرة إن كانت هدفا في حد ذاتها فستنقلب حينها على صاحبها وربما تبدأ به فتحرقه قبل أن تحرق غيره، ومع ذلك فإن الباحثين عن الشهرة كثر، واللاهثون خلف الأضواء أكثر. والغريب أن مخاطر الشهرة، تتسبب في القضاء على حياة البعض حين تُوصل اللاهثين حولها إلى «حفرة مجهولة»، فمنهم من يلقى حتفه رغم أنفه بسبب هذه الأضواء، ولكن الكثير من الراغبين في الشهرة لا يبالي بهذا الأمر، المهم الوصول إلى الهدف، وإن كان لن يشعر به، لأنه سيكون في عداد الأموات. شهرة سيارة لا يختلف أحد من الشباب والفتيات في إعلان رغبتهم في الوصول إلى الشهرة، من أي بوابة كانت، ويبدو أن الأيام الحالية السبب وراء حركة البحث عن الشهرة، التي تميزهم عن غيرهم والإبحار في عالمها الواسع حتى يشبعوا رغباتهم التي طالما ظلت مختلجة داخل صدورهم، متمنين تحقيقها بأي شكل من الأشكال. ولعل هذا الدافع حث الشاب عبدالله عبدالعزيز، للتأكيد على أنه «منذ الصغر كنت أحاول جذب أنظار من حولي، فأمارس بعض الحركات التي من خلالها أستطيع سرق أنظار من حولي، ولكن بعد أن بلغت 25 عاما أتوقع أن الحركات التي كنت أقوم بها في صغري لم تعد تجدي نفعا حيث إنها لا تليق بشاب مثلي، ولكنني أظل أترقب اليوم الذي أكون فيه مشهورا بين الشباب». ويرى أنه لم يجد شيئا يشبع فيه رغبته سوى السيارات «والدي اشترى لي سيارة جديدة فأجريت عليها بعض التغييرات التي كلفتني الكثير من المال، وجعلتني مشهورا بين أوساط الشباب على مستوى المنطقة التي أسكن فيها، هذا من ناحية، ولكن من الناحية الأخرى فإنني أواجه الكثير من الإحراج والمواقف الصعبة أمام الناس من قبل رجال الشرطة الذين يوقفونني في اليوم ما يقارب مرتين أو أكثر، بسبب سيارتي وما تحمله من زينة مخالفة للقانون، حيث إن سيارتي قد حجزت أكثر من مرة في مراكز الشرطة، ولكنني بصراحة لن أتوقف عن ذلك، ويكفيني أن سيارتي تجذب الأنظار وهذا ما أطمح إليه». مدمنة ستار أكاديمي ولا يختلف الأمر للفتيات، حسب تأكيدات الفتاة حنان خالد ل«شمس»، بأنها من أشد المعجبات ببرنامج ستار أكاديمي «هذا البرنامج الذي استقطب عددا هائلا من فئات الشباب والشابات، الذي أصبح من أشهر البرامج على مستوى الشرق الأوسط، ويعد هذا البرنامج من أهم البرامج التي أتابعها ولا أعتقد أنه فاتني شيء منه ولو دقيقة واحدة منذ أن انطلق هذا البرنامج، فتجدني أمام التليفزيون كل يوم وكأنني مبعوثة ستار أكاديمي في المملكة أنقل أخبارهم لصديقاتي في المدرسة بالتفصيل حتى أنني أتدرب معهم في حصة التدريب على بعض الحركات التي أتقنتها، رغم صعوبتها، وعدم استطاعة الزميلات إتقانها، وأتصور نفسي أن أكون مشهورة مثلهم، ودائما أتمنى أن أكون معهم، فهذه أمنيتي التي أتمناها منذ زمن بعيد، لذلك قررت أن أشارك في موسمه المقبل، إن كان هنالك موسم جديد للبرنامج، لأنه توقف عن البث منذ عام تقريبا ولا أعلم السبب في ذلك». جانب إيجابي واعتبر الشاب عبدالرحمن العسعوس «طبيعة البشر في وقتنا الحاضر، تميل إلى البحث عن التميز والشهرة والانفراد بصفة تجعله مميزا عن سواه، صفة تجعل غالبية طبقات المجتمع تعرف هذا الشخص سواء عن طريق وظيفة أو وسيلة أو عادة يمارسها الشخص لإظهار قدراته للعالم الخارجي، ومن وجهة نظري فإن الشهرة لها جانب إيجابي خلاف الجوانب السلبية العديدة، خاصة أن البعض يبحث عنها بالطريقة الخاطئة، والبعض في الطريق الصحيح وتعتمد غالبا على طبيعة وهوايات البشر». وعن المجال الذي يسعى من ورائه للحصول على الشهرة بين العسعوس «في الحقيقة هوايتي متابعة كرة القدم والإلمام بأمورها ومتابعة مستجداتها، فتجدني دائما أحرص على كل ما هو جديد في الساحة الرياضية والمعلومات والمواضيع الجديدة لكي أبرز بها في النقاشات الساخنة للدفاع عن النادي المفضل أو القضية الساخنة التي تتداول في المجالس». ويعتقد أنه أصبح مشهورا في البيئة التي ينتمي إليها «فتجدني المحلل الرياضي الأول بين أوساط أصدقائي من الشباب، وكذلك في المناسبات الكبرى أجد أن الجميع يستشيرني ويتحدث معي في كل ما هو مرتبط بعالم كرة القدم، سواء المحلية أو العالمية وذلك نظرا إلى عشقي ومتابعتي لهذه الرياضية، كما أنني أجد أن الجميع يأخذ بمشورتي، فضلا عن نتائج بعض المباريات حيث استقبل عددا من الاتصالات من الأصدقاء والأقارب وغيرهم لكي أملي عليهم خطط الفرق التي ستتواجه، وكذلك عن نقاط القوة والضعف بين الفريقين المتنافسين، وكذلك توقعات بنتيجة تلك المباراة». وأعرب عن أمنياته المسبقة في الانضمام لأسرة الرياضة «الذين نراهم ونسمعهم عبر شاشات التليفزيون والإذاعات المتنوعة أو نقرأ لهم عن طريق الصحف المحلية لدخول عالم الرياضة، والتمتع بتحليل المباريات على الهواء مباشرة أمام الملأ، لكي أظهر لهم كم أنا واثق من آرائي وتوقعاتي في هذا الجانب». أشهر المفحطين فيما كانت للشاب عبدالمحسن والملقب ب «كلاي» بين أوساط الشباب، طريقته الخاصة به لكي ينال الشهرة من أوسع أبوابها بين أبناء جلدته في العاصمة الرياض. يحكي كلاي قصته مع الشهرة «بعد أن رفض لقاء المحرر وكذلك إمداده بصورة له، حيث بدأت قصتي للبحث عن الشهرة قبل قرابة ثمانية أعوام، عندما كنت أسمع كثيرا عن أولئك المفحطين الذين اشتهروا بما يعرف ببطلاتهم، وتسحيباتهم وتلاعبهم بالسيارات، لقد اشتهروا بشكل سريع، وأصبح الجميع يتمنى لقاءهم لما يقومون به من فنون أكسبتهم شهرة واسعة النطاق، ومنذ تلك اللحظة أفكر مليا في أن أصبح أحد رموز التفحيط في الرياض، حيث بدأت أشاهد أشرطة مخصصة للمفحطين، وأطبقها على أرض الواقع، وكم من صعوبات واجهتها وحوادث وقعت فيها، ولكن ولله الحمد نجوت من معظمها بأعجوبة». وأكد كلاي أنه الآن نال ما كان يصبو إليه وأصبح من ألمع نجوم المفحطين في الرياض بشكل خاص وفي المملكة بشكل عام «وكنت أداوم على زيارات عدد من مناطق المملكة، مرافقا عددا من الزملاء، نلتقي خلالها الجماهير والمحبين، حيث نمارس أمامهم الهواية المفضلة، التي أكسبتنا الشهرة التي كنا نحلم بها». ظاهرة وفطرة وكشف اختصاصي واستشاري علاج نفسي الدكتور أحمد بن حافظ، أن فطرة الإنسان مجبولة على حب وعشق الظهور في أي مناسبة كانت وبأي طريقة، وإن كان الأمر يتعلق بدرجات متفاوتة «حيث نجد أن الفترة العمرية ما بين 12 – 19 عاما، لها طريقتها واستراتيجيتها الخاصة في جذب الأنظار، وبشكل عام فإن هذه المرحلة العمرية هي التي تتعمد جذب الأنظار؛ لأنها أولى المراحل الانتقالية». وبين الدكتور حافظ أن «درجات حب الشهرة والظهور تختلف على حسب عدة عوامل، أولها العامل الجنسي، حيث نجد أن النساء أكثر حبا للظهور والتميز والشهرة من الرجال، وهذا يوضح لنا أن سيكولوجية النساء تختلف عن الرجال، وهذه فطرة الرب سبحانه، حيث فطرهن على حب التميز وحب الشهرة والظهور بمظهر مميز، ومختلف عن الآخرين، والعامل الآخر هو عامل نفسي، فنجد أن الشخص كلما كان متأثرا من موقف ما أو حادثة وقعت انعكست آثارها على نفسيته، نجد هذه الشخصية تهمل أمورا كثيرة، وتركز على أمور أخرى يعمل من خلالها على إثبات وجوده في المجتمع وأنه قادر على البقاء على الرغم من الأمور التي تؤثر عليه». وذكر أن «هناك بعض التصرفات التي يقوم بها البعض كشراء سيارة بمبلغ مالي ضخم ويتفاخر بها بين أقرانه، وهنا نرى أنه قد يكون ذا جاه، ويملك المال الذي باستطاعته شراء مثل تلك السيارات الباهظة الثمن، بينما نجد أن أحدهم يستعير سيارة صديق له أو يستأجر سيارة فارهة من أجل التفاخر بها لليلة واحدة فقط، فهذا ما نقصده في هذه الحالة، الذي يخسر الغالي والنفيس من أجل التباهي والشهرة». ودعا إلى عدم التغاضي عن عامل الثقة «فالثقة محور أساسي في بناء الشخصية، وعامل مهم من عوامل تجنب مثل تلك تصرفات للحصول على الشهرة، فكلما كانت ثقة الشخص ضعيفة وغير ثابتة، فإنه من الطبيعي أن نراه يقوم بتصرفات ومعاملات وكأنه يقول للمجتمع أنا هنا، وهذا أمر من الطبيعي حدوثه، بينما لو كانت ثقة الشخص قوية وثابتة على مستوى واحد، فإنه لا يلتفت لمثل تلك التصرفات ونجده من الناجحين في بناء العلاقات الاجتماعية المميزة» .