غالبا ما تكون علاقة الفنان بالإعلام ووسائله المختلفة علاقة وطيدة خاصة وأن كلاً من الطرفين يستفيد بوجود الآخر، الإعلامي يجد المادة والفنان يجد الدعاية، وهكذا تحولت العلاقة بين الصحافة ووسائل الإعلام المرئية والفنان إلى علاقة صداقة تحت شعار المصلحة المشتركة. ولكن على جانب آخر وقف مجموعة من النجوم ورفضوا هذه العلاقة الزائفة والتي يتشدق بها كثيرون، نجوم اختاروا الانطواء بعيدا وعدم الظهور إلا من خلال أعمالهم، هؤلاء الذين رفضوا صخب الاضواء صنعوا نجومية تفوق أصحاب الصور الملونة والعناوين البراقة في الصحف والأحاديث الدسمة في الفضائيات، حيث اكتسبوا احترام الجميع باعتبارهم تعاملوا مع موهبتهم بشكل يليق بحجمها فهم لا يحتاجون من الشهرة شيئا بقدر ما يحتاجون رؤية نقدية واعية لأعمالهم، لا يهمهم أن يعرف الناس عنهم أخباراً شخصية بقدر معرفتهم بأخبار فنية، ولا يريدون ان يفقدوا مصداقيتهم لدى المشاهد بالظهور المستمر والحديث عن أعمال وهمية لمجرد التواجد، بينما استغل بعض منهم فكرة الاختفاء لتزيده بريقاً ونجومية وليشتاق له الجمهور. ولعل من أهم فرسان الفئة الأولى التي اختارت الصمت كنوع من احترام الموهبة الفنان الكبير الراحل محمود مرسي الذي لم يدل بأي أحاديث صحفية طوال مشواره إلا نادرا ولم يظهر في برامج تليفزيونية نهائيا واكتفى بظهوره عبر شخصياته المتنوعة والتي أثبت من خلالها حضوره القوي على الساحة وأصبح واحداً من أهم نجوم التمثيل في مصر والعالم العربي. وسارت على نفس النهج لكن مع شيء من المرونة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة التي ظهرت بحساب شديد وقدمت بعض الأحاديث في حدود ضيقة للغاية رغبة منها في الاستمتاع بحياتها الخاصة بعيداً عن صخب الصحف والإعلام، وهذا ما فعلته عبلة كامل التي تسير على نفس طريق فاتن حمامة لكنها أكثر تعنتاً ورفضاً للمقابلات الصحفية والتليفزيونية وإن كانت وافقت فقط على الظهور من خلال إعلان عن مسحوق على سبيل التمثيل لا أكثر بينما يتقدم النجم عمرو دياب الفئة الثانية التي تختفي حرصا على النجومية واللوك الجديد حتى لا يحترق بالغضافة إلى ضمان اشتياق الجمهور له ثم يكثف من ظهوره عقب ظهور ألبوم جديد له وهي فكرة دعاية ذكية، هؤلاء هم أبناء المت في الفن المصري الذين صنعوا تاريخا يتجاوز ما يفعله الاخرون بكثير !