إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    رونالدو يعلق على تعادل النصر في ديربي الرياض    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    ما حقيقة الاهتمام بضم نيمار من الهلال؟ مدرب إنتر ميامي يُجيب!    «الداخلية»: ضبط 21370 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.    الهلال يتفوق على سلسلة الأهلي بعد ديربي الرياض    اتفاقية لخدمات النقل الجوي بين كوسوفا والمملكة لتسهيل نقل الحجاج والمعتمرين    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الشيف الباكستانية نشوى.. حكاية نكهات تتلاقى من كراتشي إلى الرياض    المملكة "برؤية طموحة".. جعلتها وجهة سياحية عالمية    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    دبي.. رسالة «واتساب» تقود امرأة إلى المحاكمة    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الدفاع المدني: استمرار الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى الاثنين القادم    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    ما الأفضل للتحكم بالسكري    صيغة تواصل    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    نورا سليمان.. أيقونة سعودية في عالم الموضة العالمية    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    عن فخ نجومية المثقف    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوضح ملامح «المجرور».. وأول من لحن «النبطي» من فناني الغربية
فوزي محسون الساكن في وجداننا ومحدث التراث الموسيقي (2/2)
نشر في عكاظ يوم 04 - 07 - 2011

ويتواصل السرد هنا اليوم عن فناننا الكبير فوزي محسون ذلكم الفنان الأصيل صاحب البصمة الفنية في الأغنية السعودية وتحديدا اللون الحجازي، حيث كان رحمه الله صاحب بصمة خاصة ونكهة لا يجاريه في تميزها وتفردها أحد، كل هذا ليس بجديد، كلنا نعرف أن هذه هي ميزة فوزي محسون وخصيصته الأولى ولكن ماقد يغيب على البعض أنه أول من مزج المجرور الكلاسيكي النمطي الطربي في الألعاب الشعبية والغناء الشعبي وصنع منه ألحانا مدهشة ومبهرة تتدفق طربا وعذوبة ولاقت نجاحا فائقا وإقبالا جماهيريا كثيفا.. شاركه في هذا الصنيع طلال مداح ومحمد عبده بعد أن كانت تغنيه توحة وعتاب وابتسام لطفي وغيرهن بثقله وزخمه المعهودين في الحفلات والجلسات الفنية وما شابه، فكانت أول خطوة وأشهرها أغنية «عشقته ولا لي في المقادير حيلة» تلكم الأغنية الفاتنة المثقلة بالطرب الذي يأخذ بمجامع القلوب حيث كانت فكرتها بالفعل لحنا ساجما وموفقا وممتعا من الفنان الطروب فوزي مبنيا على إيقاع المجرور وهو إيقاع له ميزته المتفردة والمؤثرة في كيان الأغنية الحجازية. وأغنية عشقته كما يقول الموسيقار سامي إحسان أول لحن مرتب من المجرور إذ كنا نسمع المجارير قبلا من كثير من الفنانين مثل محمود حلواني وتوحة وغيرهما.
ويضيف سامي: إننا من هنا تحديدا ومن تجربة فوزي في (عشقته) عرفنا موازير هذا اللون وعددها حيث علمنا أن من هذا اللون أن كل «مازورتين» تعتبران طقما للإيقاع المتكامل للمجرور وإن المجرور إيقاع وهنك، كما أن بإمكان الملحن والموسيقي أن يقدم ألحانا من المجرور على كل المقامات الموسيقية وأنه ليس وقفا فقط على مقام «حجاز» كما يعتقد البعض.
أكد لون فوزي وابتكاره وتحديث المجرور كأغنية واضحة الملامح طلال مداح بترديده أغنية عشقته لفوزي محسون في الجلسات كما أنه سجلها
«ستوديو» وكانت آخر خدمة لهذه الأغنية من قبل طلال مداح في سهرة تلفزيونية في الدوحة استضافنا فيها النجم علي عبدالستار «طلال مداح وأنا» حيث شدا بها طلال مداح بتوزيع موسيقي جديد في الجلسة قام به المايسترو مصطفى عبدالنبي قبل وفاته بعام تقريبا، وكان محمد عبده يومها قدم أيضا أشهر مجاريره «ياصاح أنا قلبي من الحب مجروح» لتتضح ملامح الأغنية «المجرور» في المملكة.
وتقول ثريا قابل: إن فوزي محسون قام بتسريع المجرور وقولبته بطريقة أخرجته من الخاص إلى العام حيث أدخله إلى مجال التسجيل والانتشار الإعلامي في الإذاعة والاسطوانات ثم التلفزيون عندما جاء إلينا.
يومها كتبت ثريا قابل في بداية السبعينات الميلادية على مجرور طائفي قديم معروف بنص «ياريم ظبي الفلا» نصا لحنه فوزي وشدا به طلال مداح وعتاب بعنوان «يامن بقلبي غلاه»، وكتبت ثريا هذا المجرور بنفس الرتم الخفيف يومها والمحبب حيث وجد يومها شهرة كبيرة أكدت تواجد المجرور في خريطة الأغنية السعودية. وكان فوزي أضاف كسرة بارعة على اللحن الأساسي لتصبح أغنية مجرور مسموع يتضوع منها أريج مقدرته الفنية وإبداع ملكته.
فوزي ساهم في صناعة أغنية حجازية أكثر روعة وتطريبا مع كتيبة كبيرة من شعراء ومغنين حتى لو لم يجمعه مع بعضهم عمل مباشر مثل صالح جلال، عبدالرحمن حجازي، ابتسام لطفي ومحمود عبدالعزيز وحسن تمراز. وكم كان فوزي وأعماله يشغلون قسم التنسيق في إذاعة جدة
«محمد الخطيب رحمه الله، وفؤاد بخش عافاه الله» في اختيار أعماله للبرامج.
ومن ناحية أخرى كلنا نتذكر ذلك النجاح العظيم الذي ظهربه في أول تجربة نبطية لفوزي محسون في تلحينه لأغنية «بشروني عنك مايدرون عني» للأمير الشاعر خالد الفيصل وكانت يومها هذه الأغنية أول عمل نبطي للراحل فوزي رحمه الله وربما ساعد التلفزيون يومها على انتشار هذه الأغنية التي صورت بفوزي مغنيا وراضي درويش رحمه الله على الإيقاع مرافقا.
كان يومها فوزي وهو يحاول إيجاد فكرة لهذا اللحن على صلة يومية مع صنوه في الإبداع ثريا قابل مرددا: «أبغى أسوي شي غير مألوف من النجدي والنبطي» وتقول ثريا:
جرب فوزي كل الإيقاعات وهو يعمل في هذا النص للأمير خالد الفيصل وكان بشكل دائم متواصلا معي بالهاتف أو بالحضور مباشرة وعندما وصل إلى المرحلة الأخيرة وهي التي سمع بها اللحن شعرت أنه فرح فرحا كبيرا بالإنجاز. لاسيما أنه قدم رتما جديدا على الأذن يومها بحرص شديد كان هذا الإنجاز أردف بأغنية طلال الشهيرة «ياناس أنا محروم» .
واصل فوزي محسون التجدد بعد ذلك وتقديم الألوان الموسيقية المختلفة بنكهة خاصة ووسم اسمه «فوزي فن» فجاءت تلك الأغنية بإيقاع الشرح
«حاول كدا وجرب» وبدأ الخروج من الإيقاع والإطار الموسيقي التقليدي إلى صياغة الأداء نفسه وأعطى الساحة الرتم الذي يردده الكبار، وإذا حاولنا أن نتذكر «الليلة عريسنا» التي شدا بها محمد عبده وكان فوزي محسون من لحنها وكتبها صالح جلال لمناسبة زفاف أخته «فوزية» ثم أصبحت من أشهر أغنيات الأفراح «أغنية إذاعية تذاع حتى الآن في برامج الأفراح والمناسبات» في الإذاعة، هي لحن قام بعمله فوزي مبنيا من الفلكلور الفرايحي في مناسباتنا. فمعظم الأغنيات الناجحة مأخوذة من الفلكلور خاصة من ثراء هذا الفلكلور في الحجاز والجنوب كما هو الحال في الشرقية أيضا بحكم التأثر والتأثير بما حول المنطقة من تراث وفنون. نفس الحال في لون الينبعاوي تحديدا وهو المتمازج تصديرا واستيرادا بين ينبع من ناحية وجذور فنونها الشعبية من ألوان البورسعيدي والسويسي في مصر. فجغرافيا المكان في الفن هي الأساس.
جذور
وتمتد جذور أجداد فناننا الكبير الراحل فوزي محسون إلى تريم في حضرموت اليمن.. وتريم هي التي أنتجت أبو بكر بن شهاب و أبو بكر سالم بالفقيه والشاعر السيد جمل الليل أحمد الكاف «أبو أحمد» ، الذي كان يسكن في جدة ويلتقي بالمبدعين في بيته الكائن في عمائر ابن محفوظ في الكيلو (1) طريق مكة التي اشتهرت يومها ببقالة التاج التي كانت من أشهر بقالات جدة في تلك المرحلة.. وتريم في جنوب اليمن كانت تقابلها في شماله زبيد وهما مدينتا العلم والفقه والشعر والإبداع والفن في اليمن، في بيت «أبو أحمد» كان يلتقي هناك بالفقيه ومحمد الكاف .. أبو خالد .. وكان أيضا فوزي محسون ذلك الفنان الشاب القادم إلى ساحة الفن يومها، كانت هذه روايات السيد محمد الكاف الذي عاش تلك المراحل طفلا منذ أكثر من 55 عاما خلت من الحياة الفنية في جدة.
وكنت قد أجريت آخر حوار صحافي مع الراحل فوزي محسون نشرته في «عكاظ» قدمته فيه .. إنه اللحن الخالد والفنان الذي له تميزه وأنه من ترجم العلاقة التي تربط الإنسان بتراب الأرض التي هو منها وإليها لفنه وموسيقاه وألحانه التي لها خصوصية لا تقترب من حدودها، خصوصية لا يقترب من حدودها غيره، فوزي محسون الذي أسميته لحنا لا يموت «وأسماه الأستاذ الناقد محمد رجب «متعدي وعابر سبيل» باسم إحدى أشهر أغنياته.. فوزي محسون فنان كبير ارتبط بوجدان كل من سمعه وسمع فنه، لقد ملأ وسائل الإعلام فنيا، وكان نجم الأغنية المرتبطة بالتراث من خلال المذياع والاسطوانة وغيرهما من وسائل الإعلام.
أما عن نتاجه الفني بعد تلك المرحلة؟ فقلت بشكل ملحوظ، عاد فوزي من جديد لدوامة الحزن والغياب حتى فوجئنا جميعا بقراره الاعتزال وهو القرار الذي لم ينفذ إذ إنني كنت أرافقه إلى مستشفى عرفان لاعتلال ظهره لنعود إلى البيت ليواصل تكرار مطالبته لثريا قابل بإكمال نصها له «الله على دي العيون» التي كان قد أنجز لحن مذهبها مطالبا إياها بكتابة وإنجاز كوبليهاتها .. الأمر الذي لا يعني أنه دخل موضوع اعتزال الحياة الفنية.
بصمة فوزي
ومع أن لكل فنان شخصية فنية مستقلة أو مميزة.. ففوزي محسون ثاني اثنين هما عبد الله محمد وفوزي من خلال متابعتي لأعمالهما الفنية ومعايشتها.. وإذا تابعت تجد أن بصماتهما الفنية تختلف اختلافا كبيرا عما يقدمه الفنانون الآخرون.. ففوزي يتفرد بأسلوب خاص في التلحين.. وبأداء فريد. له طابع المعاناة.. والمناجاة المرهقة للوجدان يقترب منهما هنا جميل محمود وغازي علي.
نجد أن هناك أعمالا فنية كبرى شدتنا إليها منذ ولادتها ولازالت تتردد في أذهاننا شجية وخلابة.. أغنيات تميزت وتدفقت بعاطفة صادقة.. أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر.. «متعدي وعابر سبيل.. حاول كدا وجرب.. ما تبغى تهدأ تروق..»، وهذه الأخيرة من كلمات عبدالعزيز شكري.. و «الهوى لو تمنى، قديمك نديمك، وسبحانه».
إنها أعمال تؤكد نجاح فوزي محسون كفنان قدير وملحن مبتكر ومبدع قدم الكثير من الألحان بجانب كونه مغنيا «مطربا محبوبا» يستحق منا أن نشد على يديه معجبين به وبعطائه الأكثر روعة .. ومطالبين باستمراره في تقديم إنتاج جديد يتوازى مع ما قدمه من تلك الأعمال التي أسلفنا ذكرها والتي لاقت نجاحا كبيرا لدى جمهوره.
وقال عنه محمد علي الرويبعة:
فوزي محمد محسون فنان سعودي كبير ولد بمدينة جدة في 28/9/1347ه بدأ تلقي تعليمه الأولي في كتاب حي الشام فهو من أكثر الشخصيات التي أنجبتها حارة الشام إحدى أهم حارات جدة الأربع بروزا على مستوى المجتمع الحجازي، ثم انضم لمدرسة الرشيدية حيث حصل على الابتدائية عام 1947م، وهنا يلاحظ حصوله على الابتدائية وهو في عمر التاسعة عشرة ذاك أن شظف العيش وعجز التفرغ للدراسة والعلم في تلك الفترة كان يصعب على الفرد مهمة تلقي العلم ثم التحق فوزي بمدرسة ليلية وحصل على الشهادة الإعدادية بالنظام القديم. ومن الطريف أن تبدأ حياته العملية بالعمل في مصلحة بريد جدة وهو الاتجاه نفسه الذي بدأ به حياته العملية العديد من كبار فنانينا قبله وبعده ومن مجايليه ولعل أبرزهم طلال مداح ولطفي زيني. وعلي البعداني وخالد زارع وسامي إحسان. إلا أن محل حديثنا الراحل فوزي محسون كان قد أمضى 35 عاما في العمل بالبريد كان منها جزء كبير من مشواره مع الفن حيث كان تقاعده في الثمانينات الميلادية.
موسيقى وغناء فوزي محسون من تراب الحجاز وسيأتي يوم بلا شك تكون فيه هذه الأعمال التي أتحفنا بها الراحل ضمن قوائم التراث الغنائي الأقرب إلى وجداننا جميعا بلاشك أو هي كذلك اليوم. ومعرفة فوزي محسون من أجمل الغنائم التي يخرج منها متذوق فن الأغنية التراثية الملتصقة بالتراث.
فوزي مطربا لأول مرة
كان أول ظهور لفوزي محسون على المسرح كان في العام 1380 1960م حيث قادته المصادفات إلى الالتقاء بفنان لا يقل عنه أهمية طلال مداح رحمهما الله يومها كان من المفترض أن يقدم أغنية بصوته إلا أن ظهور طلال مداح في تلك الفترة في مسرح الإذاعة وتحديدا كمطرب جعله يهدي الأغنية فورا لطلال مداح بحضور عبدالرحمن خوندنة وأن يفرغ نفسه لموهبة التلحين لكي يلحن لغيره بصورة أكبر من تلحينه لصوته لكنه رغم هذا وذاك قدم محسون بصوته أعمالا ستظل خالدة في وجدان الناس. وقد لحن أعمالا لمحمد عبده لعل أبرز هذه الأعمال، «لا.. لا .. وربي» التي قام محمد عبده بتجديدها في حفلات أبها وهي من كلمات الشاعرة ثريا قابل التي كانت توأما لتجربة فوزي الفنية المدهشة.
مع صالح جلال وطلال مداح
جمعته مع صوت الأرض طلال مداح رحمهما الله أعمال فنية عديدة كانت عبارة عن تطريز شعبي بديع «في قماشة الفن الرائع لدى طلال ويأتي في مقدمة هذه الأعمال ما كتبه الشاعر الكبير صالح جلال الذي اقتسم مع فوزي كعكة النجاح ودخول بوابة تاريخ الأغنية وكان مشوارهما مزدوج النجاح.. من تلكم الأعمال «يللي جمالك» و «كلام البارحة اتغير وصار اليوم شيء ثاني».. وأغنية «لسه برضه جاي تعاتب جاي تقول الود هان» من كلمات نايف الغامدي.. وأغنية «لا تصدق» من كلمات المنتظر.. وأغنية «روح وفكر» من كلمات نايف حجازي.
مع ثريا قابل
أما مع ثريا قابل فقد كانت أجمل توأمة لفوزي مع طلال رحمهما الله كذلك مع ثريا قابل «من بعد مزح ولعب..أهو صار حبك صحيح» و «أديني عهد الهوى» .. ولعل من أهم وأشهر الثنائيات الفنية في عالم الأغنية السعودية تأتي توليفة فوزي محسون وثريا قابل.. ومن أجمل ما يجب أن يذكر عن توليفات نجوم الأغنية بالأمس تلك الأغنية الشهيرة «مين فينا ياهل ترى.. باع الهوى واشترى» والتي تغنى بها فوزي محسون من ألحان صديقه وتلميذه الموسيقار سراج عمر أن أربعة كتاب اشتركوا في كتابة نصها لكونها جاءت وليدة جلسات فنية مشتركة وهم سمو الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن وإبراهيم خفاجي وثريا قابل ويوسف رجب..فكتب كل منهم بيتا أو أكثر في جلسة تلحينها التي جاءت بالتزامن مع كتابتها. أما مشواره مع ثريا قابل وشاعريتها المغدقة في الشعبية والرومانسية والمفردة الحجازية فكان تأريخا بلا شك، ومن الأعمال التي لا يمكن نسيانها بين هذا الثنائي كانت «ينتظرك في قلبي الشوق، يقولوا عنك الله حنون على العشاق ما يكفيني أحبك التي غناها فوزي وطلال وجددها غناء فيما بعد محمد عمر، متعدي وعابر سبيل، حاول كدا وجرب، على فين واخذني يا حب، جاني الأسمر جاني، لا.. لا وربي، يامن في قلبي غلاه، احنا قدك وأكثر، ياللي الليالي مشوقة، بينتظرك في عيني شوق، حبيب ياحبيب ليش عني مغيب. قل لي لو كنت زعلان، على فين واخذني ياحب، لا تحايلني، حبيب يا حبيب، ليه عني تغيب، صحيح جيتوا جدة، ما يكفي أحبك، يا حبيبي ويا حياتي ويا عيوني، لك الرضا يا حبيبي، أخذ الجو عليا، الله على دي العيون خلتني عاشق ومفتنون، أ نا جاي للهوى مشتاق، مهما عني تغيب، ما عشقت
غيرك، حاول كدا وجرب وانسى على كيفك، ياللي تمكن هواك، أهو يقول لك مين طغاك عليا، يا من في قلبي غلاه،
أغنياته بصوته
قدم فوزي محسون بصوته أغنيات ظلت في الوجدان منها «عتبي عليك كله عشم» و «يا نايم الليل الطويل» و «حيارى» و «روح أحمد الله وبس»،
و «صفحتي في الحب بيضاء» و «ماشي اسمه مضى» و «من سنين» و «يوم اللقاء» و «مشاوير الهوى» و «شويه حب» و «سبحانه وقدروا عليك» و «يللي انت بكرة مسافر إلى ديار الحبيبة» و «متعدي وعابر سبيل» و «من فتن بيني وبينك» و «أبغى تذكار» و «يا متعدي» من كلمات صالح جلال.. وكان لفوزي محسون وطابعه الموسيقي الخاص «خاصية» في التعامل مع الشعراء الموهوبين من كتاب الأغنية الذين دخلوا هذا المجال من خلال موسيقاه وأصبحوا أسماء جيدة في هذا المضمار منهم الإعلامي الكبير عبدالعزيز شكري الذي يذكر اسمه عندما يكون الحديث عن الأغنية الحجازية ومقترنا بفوزي محسون رحمه الله، ولعل من أبرز ما نجح لهما كثلاثي مع محمد عبده «طولت بالي عليك»، وأغنية «ما تبغى تهدأ تروق» و «يا ليت بكرة الربوع» بصوت فوزي نفسه.
فوزي والتراث وبليغ حمدي
والراحل الكبير فوزي محسون رحمه الله عرفه المقربون منه أحد أهم الأصوات ذات الحس الفني المتدفق وهو يتعامل مع الأغنية اليمنية والألوان المصرية القديمة وأغنيات التراث المحلي منها «قال الجميعي و «بات ساجي الطرف» و «الهاشمي قال مرحبا» و «الليلة عريسنا جانا» و «أشارت بالمسا بدر التمامي» و «يا ساري الليل» و «الله يا عالم الضمائر»
و «عشقته» و «يا طير ماذا الصياح».. وهنا يجدر القول بأن الموسيقار الكبير الراحل بليغ حمدي استفاد من تحسين توظيف فوزي محسون للتراث في «عشقته» وذلك عندما بنى مقدمته الموسيقية في كلثوميته الخالدة «الحب كله» من هذا اللحن كان ذلك بعد زيارة الراحل الكبير بليغ حمدي للمملكة في الستينات الميلادية.
ذكرياتي معه
لي مع الراحل فوزي محسون الكثير من الذكريات كان أهمها أنني كنت صاحب آخر حوار صحافي ينشر معه قبل وفاته بأسابيع حيث كان يومها يعبر عن فرحه بانتهائه من لحن جديد كان في قمة الروعة، الأمر الذي يجعلك تشعر ببساطة فوزي الفنان الكبير وهو يسعد بعمل إبدعه هو كما لو أنه فنان قادم للساحة من جديد.. وكانت الأغنية هي «الله على دي العيون.. خلتني عاشق ومفتون» لثريا قابل وكان يومها لم يقم بتسجيلها بعد، ومن أجمل الأمسيات الفنية التي دعانا إليها النجم عبادي الجوهر في منزله بجدة وكانت بحضور الزملاء الأساتذة العمدة الراحل محمد صادق دياب وعلي الحسون والراحل جلال أبو زيد وعبدالعال السيد والفنان الشاب محمد ماجد وزملاء عديدين من الساحة الفنية.. وفي ذلك المساء تبادل عبادي والراحل فوزي محسون الغناء.. حيث عزف كل منهما الإيقاع للآخر في صور تتجلى فيها «الإيجابية في العلاقات الودية بين الفنانين أبناء الجو الفني الواحد».
في عيونهم
وفي صباح يوم 17/6/1408ه 5/2/1988م رحل الفنان الكبير فوزي محسون تاركا خلفه تراثا غنائيا ضخما ساهم من خلاله في إثراء ثقافة وفنون بلادنا كما خلف بعده ثلاثة أبناء هم إبراهيم وخالد وإيهاب وابنتين هما نادية ولميس.
وعندما جاءت الباحثة الأميريكية ليسا يوركو فيتش عميدة فنون التراث في الجامعة الأمريكية في الكويت في بحثها عن لون المجرور المأخوذة به ذهبت بها إلى طارق عبدالحكيم وتوحة ولطالما سألتني عن فوزي وألوان مجاريره «كم تمنيت لو لم يزل على قيد الحياة» يومها.
يقول الأديب الكبير محمد سعيد طيب عن الراحل فوزي محسون:
فوزي وفنه إرث عظيم في ميراث غنائنا الكبير، إرث يعتد به ويرتهن إليه المؤرخون عندما يعرج أحدهم إلى الحديث عن الأغنية السعودية الأصيلة.
ويقول الإذاعي خالد جاد من إذاعة جدة:
إن فن فوزي محسون يرفرف في وجداننا دائما وأنا بحكم عملي في الإذاعة أشعر أنني قريب منه بشكل كبير..
أما الإعلامية دلال ضياء المستشارة ومدير عام إذاعة جدة فتقول:
عندما قمنا في فترة ما بتصفية وتجديد أغنيات فنانينا الكبار وجدت أن فوزي هرم واحد وقمة فنية لا تتشابه مع أحد.
ويقول العمدة محمود بيطار: فوزي في غنائه أكثر من مطرب وأقرب من أخ يدغدغ مشاعرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.