الذين يروق لهم شد أكتافنا وكأنهم يذكروننا بضرورة مواصلة الاهتمام بالقضية الفلسطينية، التي لا يهتم بها أحد مثلنا، يجب شد أكتافهم كي تشمل نظراتهم كامل الأرض العربية ليروا أن العالم العربي لم يعد صاحب قضية واحدة بل إن الخلاف داخل تلك القضية الواحدة سواء بين أفرادها أو بالانقسام في مرئيات مختلفة حولها.. لم يعد كل شيء ففي العالم العربي أكثر من قضية واحدة.. هناك في العراق، وفي جنوب السودان، وداخل لبنان، وشرق منطقة الخليج.. مجموع من القضايا التي لا تقل خطورة عن القضية الفلسطينية التي بدت مؤخراً وكأنها أم الإنجاب لتلك القضايا بسبب الخلافات داخلها والاختلافات حولها.. في الماضي كنا نخشى سطو القوى الكبرى شرقاً موسكو وغرباً أمريكا وبعض أوروبا.. الآن ترهلت الخلافات فأنجبت مخاطرها الجديدة وأصبح الضعف العربي مغرياً لطموحات إيرانية وزعامات فردية كي تجعل من المجموع العربي خليطاً متنافر الخلافات ومؤهلاً لاستيطان الأطماع الشرق أوسطية.. لعل أصدق الشواهد ما نستطيع أن نستعرضه من أوضاع وانفعالات ثم انقسام شتت الجهد العربي منذ قمة بيروت وحتى تدمير غزة.. كيف استطاعت حرب غير مدروسة وغير متكافئة، عرفت بحرب تموز، بين حزب لا يملك جيش دولة وبين دولة وحشية الممارسات أن تجد من يبرزها على أنها حرب مقاومة.. مقاومة من أجل ماذا؟.. وما هي الأرض التي عملت على تحريرها؟.. وماذا حررت؟ وما حجم الخسائر مقارنة بين ما فقدته لبنان وما لم تفقده إسرائيل؟ ومع ذلك كان من المجازفة أن ينتقد ذلك التصرف، وخيّل للبعض أن من الوجاهة انتقاد من انتقد تلك الحرب.. العراق الواقع تحت تأثير تدخل الغير غارق في فوضى لا يستطيع مواجهتها وهو معزول عن عروبة موحدة.. ما يحدث في جنوب السودان الكل يتحاشى الاقتراب منه.. لم يغب عن ذاكرتنا ذلك الزمان القريب الذي تلاحقت فيه الاتهامات تسفّه مجهود مصر من أجل توحيد الموقف الفلسطيني ودور المملكة في إخراج العرب من تيه الشقاق.. هل أصبحت الصورة واضحة من أننا لم نعد أصحاب قضية واحدة اسمها القضية الفلسطينية فهناك كم من مواقع القضايا الساخنة ومسارب تهريب السلاح والمفجرين والمخدرات.. إذا تم إدراك ذلك جيداً تمت الرؤية بوضوح لعملقة رجل لم يبنِ مجده على سخونة الخصومات، وإنما بناه على عقلانية الوعي النافذ لمخاطر الواقع العربي الراهن.. الملك عبدالله بن عبدالعزيز الجاد دون ملل في مسار تكامل وجود الأمة الواحدة..