ليس المهم من الذي نجح ومن الذي سقط في انتخابات منظمة التحرير الفلسطينية لكن الأهم من كل العناوين التي يرفع شعارها وينضوي تحت قياداتها الفلسطينيون هو حجم السؤال عن مصير القضية وسط كل هذه العناوين وأمام الانقسام القائم بين كل من فتح وحماس وهوية الخارطة السياسية التي تتحرك من خلالها القيادات الفلسطينية المتعددة المنظمات والاتجاهات. أيضاً ليس المهم أن يخلع فلسطيني شعار منظمة ويرتدي شعار أخرى، فهذه ممارسات تجاذبتها التيارات المختلفة منذ زمن بعيد. وكانت تجربة لم ينجح فيها أحد بقدر ما تعمقت خلافات أصحاب القضية الواحدة وتوزعت أدوار العداء لبعضها بصورة أكثر شراسة في هذه المرحلة من تاريخ القضية. وفي المؤتمر الأخير الذي دعت إليه فتح كان السيد فاروق قدومي قد تكفل بتفجير قنبلة سياسية حين قال:إن لديه وثائق تدين قيادات داخل المنظمة بقتل ياسر عرفات. ولا أعرف لماذا في هذا التوقيت بالذات ظهرت أوراق السيد قدومي الذي أعرف أنه كثيراً ما يتحدث عن الوثائق السرية.. فقد قال لي يوماً في إحدى الدول العربية ونحن في أحد فنادقها قبل 20 عاماً أنه يمتلك العديد من الوثائق ضد بعض الدول الإسلامية وذلك من موقعه كرئيس للدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية وحين طلبت منه رؤية واحدة منها وعدني بذلك ثم تخلى عن وعده في حين أنه كان قد بادر بالحديث عن الوثائق وطلب نشرها ولكنها "تبخرت" وهو ما أعطاني القناعة بأن وثيقة قتل عرفات الأخيرة لم تكن أكثر من محاولة لتفجير خلافات داخل المؤتمر الأخير الذي عقدته فتح ونتج عنه انتخابات عضوية المنظمة الجديدة القديمة في برنامجها ومنهجها والتي لن تغير شيئاً في الوضع القائم أمام منظمة مماثلة تقاسمها العداء والصراع الملتهب وأمام توزيع الأرض والسلطة وصناعة القرار المتناقض. وبالتالي فإن أي تغيير سواء داخل فتح أو داخل حماس يقتصر على الوجوه القديمة أو دخول أخرى جديدة لن يعمل على تحرير الأرض سلماً أو حرباً.. كما أنه لن يحظى بأي تفاعل دولي لمعالجة القضية الفلسطينية في ظل الانقسام.. وحرب المنظمات والشعارات. ولا أعرف كيف وعلى ماذا يراهن الفلسطينيون لطرح قضيتهم وهم في هذا الوضع الذي قدم خدمة لم تكن تحلم بها إسرائيل على مدى تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الذي تحول بفضل بعض قياداته إلى صراع فلسطيني فلسطيني! وصل إلى مستوى الحرب والسجون المتبادلة. وظهور آيدلوجيات مختلفة ومؤثرة في المجتمع الفلسطيني. إنه المشهد السياسي المؤلم الذي رسمته العديد من الزعامات الفلسطينية كخارطة طريق لتوارث الحقد وتصفية الحسابات. وتحويل القضية الأساسية إلى ثنائية تفصلها أسوار الخلافات التي تتجاوز في حجمها وخطورتها سور إسرائيل وأسلاكه الشائكة.