تبرز المشكلة الرئيسة التي يعاني منها السعوديون هي عدم انسجام مستوى دخلهم مع ما كان يحصل عليه الجيل السابق الذي كان يتمتع بميزة شراء مساكن زهيدة الثمن أثناء أول عهد الازدهار النفطي في السعودية. وتمر نسبة الدخل للشخص الواحد بفترة من الانخفاض منذ عقد من الزمن .. حيث تعمل ارتفاع معدلات التضخم على استهلاك معظم الدخل مما انعكس على تكاليف المنازل في المملكة. في استفتاء (الرياض) لهذا الأسبوع استطلعنا آراء 2829 زائر لموقع (الرياض الالكتروني) خلال يومين، عن القناة الاستثمارية المفضلة في السوق العقاري، وكان تملك المسكن وتملك الأرض الأكثر اختيارا، وكانت 37%، 34% على الترتيب، في حين أن 26% منهم لم يكن راغباً في الدخول في الاستثمار العقاري، وكان 3% منهم يرى أنه بإمكانه الاستفادة من صناديق الاستثمار العقاري (رغم ندرتها) حيث أن أجمالي الصناديق العقارية في السعودية 4 صناديق فقط، 3 منها تديرها مجموعة كسب المالية، والرابع يدار بواسطة مجموعة سامبا المالية. ولاشك أن ندرة قنوات الاستثمار العقاري للأفراد، هي التي جعلت المنتجات العقارية الكبرى حكراً على جهات أو عائلات أو حتى عدد قليل من الأفراد، وكانت المساهمات العقارية الناجحة والصادقة (سابقاً) تقوم بدورين في آن واحد: توفير التمويل، وتوسيع دائرة الأرباح لجميع المساهمين.. ولكن بعد إيقافها بسبب التجاوزات المعروفة، صارت أرباح هذه المنتجات حكراً لملاكها فقط... ويبقى أمل الكثير هو تملك أحد هاذين المنتجين (الأرض، المسكن) وهذا ما أثبته الاستطلاع المرفق. تحتاج المملكة العربية السعودية إلى 2.9 مليون وحدة سطنية خلال 20 سنة المقبلة، فيما يقدر من يملكون منازل ب 40 % (ستة ملايين)، فيما بقي 60% من المواطنين مستأجرين أو ساكنين مع آبائهم (ثمانية ملايين) مقارنة بعدد المواطنين الإجمالي والمقدر ب 14 مليون نسمة، بينما قدرت أعداد المساكن التي يجب إعادة بنائها في الفترة نفسها بنحو 1.1 مليون وحدة سكنية. وعلى الرغم من ضخامة السوق العقاري السعودي الذي يقدر حجمه ب 1.4 تريليون ريال وكثافة الطلب وغزارة التدفقات والفوائض النقدية فيه، إلا أنه يمر بمرحلة انحسار، ويرجع ذلك إلى بيروقراطية الروتين الرسمي وقدم الأنظمة والتشريعات التي لم تعد تواكب متطلبات الاستثمارات العقارية. وحقق القطاع العقاري السعودي نمواً في رأس المال الثابت تجاوزت نسبته 40 في المائة بين عامي 2000 و2005 وارتفع قطاع العقار والتشييد في الناتج المحلي الإجمالي السعودي من 41.7 مليار ريال في عام 2000 إلى أكثر من 54.5 مليار ريال العام الماضي. ويتم تداول ما يقرب من 200 مليار ريال سنوياً في السوق العقارية، إضافة إلى التطور الذي شهده القطاع العقاري خلال الأعوام الخمسة الماضية. وكانت الآمال قد زادت في السنوات الست الأخيرة مع ارتفاع أسعار النفط غير أنها تراجعت بعد انهيار سوق الأسهم العام 2006 والذي قضى على مدخرات عشرات الآلاف من الأشخاص ودفع الكثيرين إلى التخلي عن فكرة امتلاك منزل. والآن وبينما ينتظر المشترون والمستثمرون إقرار الحكومة لقانون جديد للإقراض العقاري يجري إعداده منذ زهاء عشر سنوات لا تزال الشكوك قائمة بشأن مدى فاعلية هذا القانون في توسيع نطاق ملكية المساكن بالمملكة.. على الأقل خلال الخمس سنوات المقبلة. وكانت الهيئة العامة للإسكان، قد قررت في اجتماع لها عقد مؤخراً، استكمال إجراءات تخصيص الأراضي اللازمة لمشاريع الإسكان، واستصدار صكوكها الشرعية، التي حُدد أن تكون ابتداء في المناطق الأكثر احتياجا. ويأتي سعي هيئة الإسكان باتجاه الانتهاء من ملف تخصيص الأراضي، تمهيدا لطرح مشاريعها السكنية للتنفيذ خلال المرحلة المقبلة، التي خصصت لذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة. وأعطت هيئة الإسكان الأولوية في عملها للمناطق الأكثر احتياجا للسكن، في الوقت الذي تتحدث فيه دراسات مسحية عن حاجة أكثر من 800 ألف سعودي للمسكن. من جهتها، أنهت الهيئة العامة للإسكان تصاميم بعض مواقع المشاريع السكنية، التي ستقام في كل من: منطقة جازان (إسكان أبو حجر1) في محافظة أحد المسارحة، ومنطقة الجوف (إسكان سكاكا1)، و(إسكان محافظة القريات)، ومحافظة الحدود الشمالية (إسكان محافظة طريف). وناقش المجلس التطورات التي شهدتها الهيئة منذ إنشائها، والوضع الراهن للأراضي المخصصة لمشاريع الإسكان، في الوقت الذي نوه المجلس بدعم صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية في تأمين احتياجات الهيئة من الأراضي لمشاريعها السكنية. وتطرح هيئة الإسكان مشاريعها تباعا في منطقة الحدود الشمالية (عرعر ورفحاء)، والمنطقة الشرقية (حفر الباطن)، فور استكمال إجراءات التخصيص من وزارة الشؤون البلدية والقروية، والفراغ من قبل كتابات العدل. وتعمل الهيئة العامة للإسكان في هذه الأثناء، بالتعاون مع بيوت خبرة، على رسم إستراتيجية للهيئة، وأخرى للإسكان، حيث ستحدد خلالهما المعالم والسمات الرئيسية للرؤية المستقبلية لقطاع الإسكان، وتحدَّد حاجة جميع فئات المجتمع للإسكان، وآليات الدعم والمساندة المطلوبة لكافة الفئات، خاصة فئات الدخل المحدود والمتوسط، كما ستشمل الاستراتيجيات والسياسات اللازمة لتعزيز وظيفة القطاع الخاص وتنويع قنوات التمويل. ويتوقع أن ينمو عدد السكان في السعودية بمتوسط معدل سنوي يبلغ 2.5%، وأن يصل إلى 25.66 مليون نسمة بنهاية عام 2009، بالإضافة إلى أنه من المتوقع أن ينخفض عدد أفراد الأسرة الواحدة من 5.5 إلى 5.2 شخص خلال الفترة ما بين عام 2005 و2009، الأمر الذي سيعكس زيادة في حجم الطلب العقاري. وتتوقع خطة التنمية القومية الثامنة أن الطلب على العقارات السكينة سيقف في المستقبل عند مليون وحدة خلال الفترة ما بين عام 2005 و2009، بمتوسط زيادة بلغت نسبته 200 ألف وحدة سكنية سنويا، الأمر الذي يتطلب مساحة بمقدار 280 مترا مربعا ومبلغ 500 مليار ريال من الاستثمارات لبناء مليون وحدة سكينة. ويرتبط قطاع الإسكان في السعودية بالاقتصاد الحر، حيث يترك للمواطنين حرية بناء المساكن والاستثمار في مجال الإسكان بحسب إمكانياتهم المادية وفقا لما تقتضيه الأنظمة والتعليمات الخاصة بالبناء. وربطت المملكة مفهوم التخطيط الإسكاني ضمن خطط التنمية الشاملة بالبعد الاجتماعي والاقتصادي من خلال وضع أهداف وسياسات إستراتيجية إسكانية واستيطانية بعيدة المدى فضلاً عن تبني أهداف متوسطة المدى شملت على برامج للإسكان والتمويل في كل خطة خمسية، واستطاعت المملكة من خلال تلك الخطط مواجهة الأزمة الإسكانية في منتصف السبعينات الميلادي وتحقيق التوازن بين العرض والطلب على المساكن بالاعتماد الأساسي للتمويل في البداية على القطاع العام ثم الانتقال التدريجي إلى القطاع الخاص مع استمرار الدعم الحكومي من خلال صندوق التنمية العقاري ولكن بشكل محدود. وانتهجت الدولة خلال الثمانينات سياسة إسكانية لتوطين المساكن للمواطنين من أربعة عناصر: توفير التجهيزات الأساسية، إنشاء مشاريع إسكانية، التوسع في منح الأراضي للمواطنين، إنشاء صناديق الإقراض حتى إن نشاط القطاع الحكومي بلغ إلي حد إنشاء أحياء ومدن سكنية جديدة تحت إشراف أجهزة الدولة متمثلة في: صندوق التنمية العقاري، ووزارة الأشغال العامة (سابقا)، والوزارات والمؤسسات الحكومية التي تؤمن السكن لمنسوبيها. وفي هذا الشأن، توقعت دراسة أن يكون هناك تناقصاً في أعداد المساكن الشعبية وزيادة الطلب على الشقق، مع زيادة الأعداد التراكمية للفلل، فضلاً عن انتشار أنواع حديثة من المساكن المستقلة خاصة نوع دوبليكس والمتلاصقة لتكلفتها المنخفضة. كما توقعت الدراسة التي أعدتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية في المملكة خلال ال 20 سنة المقبلة ب 2.9 مليون وحدة، وقدرت أعداد المساكن التي يجب إعادة بنائها في الفترة نفسها بنحو 1.1 مليون وحدة سكنية. وتعتبر السعودية من أكبر الدول في العالم من حيث النمو السكاني وأكبر عدد سكان بين دول مجلس التعاون الخليجي إذ أن 17 في المائة من إجمالي عدد السكان هم من الذكور غير السعوديين و8 في المائة من الإناث غير السعوديات. ويتركز أكبر عدد من السكان في الرياض (23 في المائة) ومكة المكرمة (24 في المائة) والمنطقة الشرقية (14 في المائة) بما يعادل (63 في المائة) من إجمالي عدد السكان. ويرجع انتشار التخطيط الإسكاني إلى ظهور الأزمات الإسكانية في مختلف أرجاء العالم وخاصة نقص الوحدات السكنية التي لا تتوفر للسكان والمحاولة لإيجاد البرامج والبدائل لزيادة المخزون وتحسين الأوضاع السكنية وخاصة لذوي الدخل المحدود والمنخفض، وكذلك إلى الحد من الارتفاعات الخيالية للتكاليف الإسكانية. ويشير تحليل العلاقة بين الزيادة في أعداد المساكن مقابل الزيادة في أعداد السكان في أغلب مناطق المملكة بين الفترتين (1992 و2000) إلى عدم حدوث توازن. نتج عن ذلك زيادة في متوسط أعداد أفراد الأسرة وبالتالي زيادة لمؤشر الازدحام. حيث ارتفع متوسط أفراد الأسرة بين الفترتين على مستوى المملكة من (5.85) إلي (6.08). فيما يشير تحليل النسب المئوية لترتيب أنواع المساكن المشغولة على مستوى المملكة لعام 92 إلى أن المنازل الشعبية احتلت النسبة الأعلى بين أنواع المباني السكنية في المملكة (32.7%)، تلتها الشقق(30.5%)، ثم الفيلل (16.4%)، ونوعيات الإسكان الأخرى (11.7%)، وأخيرا دور في فيلا أو منزل (8.7%). بينما في عام 2000 تراجعت نسبة المنازل الشعبية لتحتل المرتبة الثانية وتصبح الشقق في المرتبة الأولي بنسبة (32.7%) وهي نسبة المنازل الشعبية نفسها لعام 1421ه، ثم تلتها المنازل الشعبية (29.8%) وهي أقل بنسبة بسيطة جدا تعادل (0.7%) عن نسبة الشقق للفترة السابقة، ثم الفيلل (20.2%) التي احتلت المرتبة الثالثة نفسها ولكن بنسبة تغير أعلى (3.8%)، مع تقدم ترتيب دور في فيلا أو منزل على أخرى مقارنة للفترة السابقة لتصبح نسبتاهما على التوالي (9.1% و8.2%). وفي دراسة أعدتها هيئة تطوير الرياض، تؤكد أن العاصمة السعودية الرياض تحتاج خلال الأعوام العشرة المقبلة إلى 30 ألف وحدة سكنية سنوياً المتوافر منها لا يتعدى 15 ألف وحدة سكنية حاليا، ما أوجد فجوة في العدد المفترض للوحدات السكنية في العاصمة، بينما تحتاج مناطق المملكة الأخرى إلى 150 ألف وحدة سكنية سنويا. وكانت شركة حمد بن محمد بن سعيدان وشركاه للاستثمار العقاري قد طرحت ورقة عمل تتضمن رؤية حول واقع ومستقبل الإسكان في المملكة، والبيئة التشريعية والتنظيمية للخطة الخمسية الثانية، رأت فيها أن إدارة أزمة الإسكان السعودية الثانية قراراً وتمويلاً وخدمة لمختلف شرائح المجتمع بلا استثناء هي مسؤولية مشتركة بين القطاعين العام والخاص. وأوضحت الورقة ان القطاع العام (الحكومي) يحب أن يوحد جهوده الإسكانية تحت مظلة واحدة (هيئة إسكانية) يكون دورها الرئيسي يهدف ل»مسكن لكل مواطن» وتجميع التنظيمات والتشريعات الإسكانية الحكومية، وخصوصاً تنسيق العلاقة بين القطاعين العام والخاص بما يكفل تقصير مدة الإجراءات وبالتالي تخفيض التكلفة على الشريحة الأكبر من المجتمع.