.. من يكتب عن حياة ذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقين) أو يسمع عنها ليس كمن يراها، فمعايشة ظروفهم على أرض الواقع في منازلهم وبين أسرهم هو أبلغ تعبير،كما يعاني الكثير منهم من نظرة المجتمع القاصرة وتفهم نوعية إعاقاتهم وصعوبة دمجهم، فكيف إذاً حالهم داخل إطار الحياة الزوجية لكثير من الشباب والفتيات الذين حرموا من حقهم الإنساني والشرعي في الزواج، لأنهم معاقون فقط ولم يجدوا التشجيع والدعم من قبل أهاليهم في بناء أسرة قادرة على الاندماج في المجتمع، ومنهم من قابل الواقع الأسري بالرغم من مواجهته الكثير من العقبات قبل الزواج وبعده. «الرياض» طرحت موضوع كيف يبني المعاق أو المعاقة حياتهم الزوجية؟ وهل زواج ذوي الاحتياجات الخاصة بعضهم من بعض يدفعهم إلى تكامل الحياة الزوجية والتغلب على الإعاقة؟ الإجابة في ثنايا هذا التحقيق. المعوقون في المجتمع من المعروف بأن المعاق هو كل من لديه قصور جسمي، أو نفسي، أو عقلي، أو خِلقي يمثل عقبة في سبيل قيامهم بواجباته في المجتمع) وفي إحصائية أخيرة (بلغت نسبة المعوقين 8% من أجمالي السكان السعوديين وأن من بين كل 1000فرد سليم يوجد بينهم 8 معوقين . وأوضحت نتائج المسح الديموجرافيا لعام2007 م التي أجراها مصلحة الأحصاءات العامة أن نسبة الإعاقة بين الرجال أكثر منها في النساء، كما وضحت الدراسة ما نسبته40% من المعوقين يوجد 9 بينهم صلة قرابة من الدرجة الأولى بين الآباء والأمهات وأن ما نسبته 7، 23% من المعوقين لا توجد بينهم صلة قرابة بين الآباء، كما أوضح المسح أن الإعاقة السمعية بين المعوقين بلغت 4، 25% وهي أعلى حالات الإعاقة الذين تربطهم صلة قرابة وبصفة عامة وبغض النظر عن نوع الإعاقة فإن 7، 43% من إعاقة السكان، وأوضحت النتائج أن ما يربو على نصف المعوقين 7، 51% أميون، و15% أكملوا المرحلة الابتدائية، و2،1 فقط أتموا المرحلة الجامعية تعزى إلى أسباب خلقية و8، 23% تعزى لأسباب مرضية و8، 8% تعزى للولادة وما نسبته 9، 4% إلى حوادث السير). أزواج من ذوي الاحتياجات الخاصة منصور36 سنة وزوجته سارة 30 سنة كلاهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، الزوج معاق بشلل رباعي والزوجة بشلل نصفي سفلي الزوجان مر على زواجهما عشرة أعوام أنجبا ابنة وحيدة هي فرح ولا تشكو من أي مشاكل صحية ولله الحمد، تعتبر هذه الأسرة أنموذجا صادقا عن حياة زوجين يعانيان من الإعاقة ويتملكهما نفس الاحتياجات والمتطلبات والاهتمام، ومع ذلك استطاعا أن يتحديا الإعاقة برضا الله وقدره. يقول منصور: بالتأكيد أن حياة الشخص المعاق تختلف عن الشخص السوي فكيف إذا كان متزوجا ولديه أسرة فالعبء هنا اكبر والمسؤولية أعظم، يبدأ مشوار بناء أسرته وهو ينظر إلى زوجته ويقول عملت في احدى الشركات الوطنية براتب 2400 ريال وكنت أقوم وقتها بعمل ثلاثة موظفين في وظيفة واحدة وأيضا كان مقر العمل يبعد أكثر من ساعة عن منزلي، كنت أمام تحدي أولها الإعاقة وآخرها أنني مسؤول عن أسرة لابد أن تعيش عيشة كريمة بدون الحاجة إلى الناس، واستمر الحال معي على هذا المناول ثلاث سنوات ولك أن تتخيلي معوقا بشلل رباعي يعمل في ثلاث وظائف في وظيفة واحدة بدون تذمر، عدا مشاكل السائق الذي يوصلني إلى العمل فزحمة الطريق، استفزازات من بعض الموظفين الأجانب الذين ينظرون إليك نظرة العاجز، كما أن ضغط العمل وبيئة العمل أثرت في وضعي النفسي إلى درجة إنني لم استطع أن أكمل العمل فتركته وتركت كافة مستحقاتي للشركة دون عودة. المرحلة الثانية في حياتي الزوجة هي السائق الأجنبي الذي اعتمد عليه في إيصالي للعمل، هذا السائق اخذ يستغل ضعفي وراتبه كان يرهق دخلي فتخلصت منه مما جعلني اعتمد على نفسي واشتري سيارة صغيرة جهزتها بأدوات بسيطة تساعدني على القيادة. ويواصل منصور حديثه المغلف بالأسى ويقول: نعم المجتمع لا يرحم المعاق أقلها الجار لو رآك إما أخذ يضحك عليك أو عاملك بأسلوب الشفقة فقط، يقول: تتخيلي أنني أقود السيارة لقضاء حاجياتي الضرورية بدون رخصة قيادة كل هذا لأجل لا احتاج إلى سائق يستغلني ادفع تكاليف رواتبه ترهقني، الآن أنا بدون عمل أعيش أنا وأسرتي بالستر والأيمان بقضاء الله. تأخذ زوجته سارة دفة الحديث وتقول من البداية كانت قناعتي ان أتزوج برجل معاق فهو أكثر من يتفهم مشاكلي مع الإعاقة وهو أيضا نفس الهدف، ولكن وجدت ان زواج المعاق من معاقة مشروع (فاشل) في حال لم تخدمهم الظروف، ولقد عانينا كثيرا في بناء هذه الأسرة وخاصة عندما زادت المسؤولية وأنجبت ابنتي الصغيرة التي يجب ان تعيش حياة كريمة في ظل أبوين يعانيان من قسوة الحياة فزوجي يحتاج إلى من يساعده في المنزل وأنا احتاج أيضا إلى المساعدة والاعتماد على العمالة المنزلية فيه استغلال واضح لظروفنا وزيادة المصاريف ونحن بلا دخل، مطالبة بمساعدة المعاقين على الزواج وتزويدهم بالأجهزة المساعدة والعمالة المنزلية لمساعدتهم. حكاية فتاة معاقة بسمة فتاة تبلغ 33 من عمرها، معاقة بشلل أطفال، وغير متزوجة، وتعمل في احدى الجمعيات، تقول أن واقع زواج المعاقة في المجتمع هو وقع اجتماعي صعب وأحيانا مؤلم وللأسف أن الكثير من الناس ينظرون إلى المعاقة نظرة قاصرة وتنحصر في عجزها الجسدي، كما أن أي معاقة هي في حكم العقيمة التي يستحيل أن تتزوج وتنجب الأطفال، للأسف أن هذا هو التفكير الموحد لأغلبية الناس، ويجب أن يعرف المجتمع بأن ليس كل المعاقات يعانين من العجز وأن أنواع الإعاقات تختلف من امرأة إلى أخرى. وتضيف بسمة: أنا أفضل زواج المعاقة من معاق، ولكن تختلف نوعية اعاقته عن إعاقتها حتى يستطيعوا أن يساعدوا أنفسهم، وأما إذا كانت نفس الإعاقة فستكون الحياة صعبة بينهما، كما يختلف مفهوم زواج المعاقة على حسب وعي كل أسرة فمنهم من يفضل عدم زواجها نهائياً بدون أن يؤخذ حتى رأيها في اختيار حياتها ومصيرها!! وهناك من ينكر أن عنده بنت معاقة؟ ومنهم من لا يعطي لها الحرية في اختيار ما تراها مناسبا لحالتها! والأهم أن تعطى فرصة للزواج وان لا يصادر حقها في الحياة لمجرد أنها معاقة. زوجة أصبحت معاقة وفاء شابة سعودية كانت تتمتع بالصحة والعافية أصيبت بالإعاقة نتيجة حادث تصادم ولم يمض على زواجها سوى ثلاثة أشهر. تقول وفاء تزوجت برجل كان بالنسبة لي هو الزوج المناسب، وعشنا أياما ملؤها السعادة ولكن شاءت الأقدار أن تعكس تلك الحياة في دقائق. وتضيف في يوم ما وأثناء خروجي مع زوجي من المنزل الذي كان يقع على شارع عام إذا بسيارة أخرى كانت قادمة يقودها شاب متهور (يفحط) تقترب منا وفي اقل من لحظات اصطدمت سيارته بنا مما أدى إلى حادث شنيع فقدت فيه إحدى قدمي التي بترت من الفخذ وأما زوجي فقد حدث له كسور متفرقة وأصبح يعاني من مشاكل صحية وأصبحت في يوم وليلة معاقة وانقلبت حياتنا الزوجية رجعت إلى بيت أهلي وهو يعيش في بيت أهله لأنني بعد أن أصبحت ظروفنا الصحية صعبة وتغيرت نظرة الناس من حولنا لتنقلب إلى شفقة ولم أتقبل مرحلة التأهيل والاستعانة بقدم صناعية بعد أن كنت أمشي على قدمي العامل النفسي أتعبني وأصبحت غير قادرة على تقبل الحياة الجديدة. أولياء أمور الفتيات يمتنعون عن تزويج بناتهم سليمان الوابلي رجل متقاعد تفرغ بعد عمله الحكومي للعمل في الخطبة والزواج وأسس له مكتب خدمات وموقعا الكترونيا ليعمل في هذا المجال، الوابلي استقطب مجموعة من الخاطبات المتعاونات معه في تزويج الشباب والفتيات مقابل مبلغ مادي متفق عليه مسبقا، يقول سليمان: لي 6 سنوات وأنا اعمل في تزويج الشباب ولله الحمد استطعت تزويج الكثير منهم وأما بالنسبة لتزويج ذوي الاحتياجات الخاصة من بعضهم إلى بعض فانه أيضا يدخل في إطار عملي في الخطبة لشباب من كافة الفئات في المجتمع ليشمل الراغبين في الزواج من ذوي الاحتياجات الخاصة من الجنسين، وذلك بتشجيعهم على الزواج وبناء الأسرة وخاصة إذا كان هناك ما يمنع الطرفين من إتمام الزواج، ومؤكداً على أن نجاح زواج المعوق من معوقة ممكن في حال اختار الرجل زوجته المعوقة بإعاقة مختلفة عن إعاقته حتى يستطيعا أن يكملا بعضهما ويستطيعا بناء الأسرة وإنجاب الأطفال وتربيتهم أو أن يتزوج رجل سليم من امرأة معاقة، والعكس ليس هناك ما يمنع وتختلف نسبة نجاح الزواج باختلاف نوع الإعاقة والاستعداد والتكوين الجسماني والعاطفي والنفسي. وأضاف: أن المشكلة التي تواجههم وقت الخطبة ان أولياء أمور الفتيات المعاقات هم من يقفون في وجه تزويج بناتهم بدافع العطف والشفقة غير المبررة، فالأب عندما يتقدم لابنته رجل سليم متزوج أو كبير في السن أو حتى شاب يعقد للخاطب ألف سؤال وسؤال، لماذا يريد أن يتزوج ابنته قد لا يحسن معشرها قد يهينها قد ينقص عليها حقوقها وغيرها من الأسئلة التي في النهاية تقف في طريق زواجها وبذلك يظلمها ويحرمها فرصة الزواج الذي منحه الله لها، أو يقوم بتقديم عريضة من الطلبات التي لا يستطيع الزوج أن يوفرها لها فينفر من الزواج بها والإعاقة لم تكن في يوم عائقا في طريق الزواج إلا لذوي التخلف العقلي الذين لا يدركون أو (المرفوع عنهم القلم) في العبادة والتكليف، كما أن هناك شباباً يعتقدون انهم إذا تزوجوا معوقات فإنهم قد تفضلوا عليهم وتكرم بالزواج، وهذا لا يجوز فالمرأة المعوقة إنسان وبشر، وحرم من إحدى النعم ولكنها مكرمة عند الله عز وجل (ولقد كرمنا بني آدم)، واختتم حديثه بقوله انه يجب على المؤسسات الاجتماعية والجمعيات المخصصة بالمعوقين أن تتبنى البرامج (زواج المعوقين) وان تهيئ لهم الفرص في إكمال نصف دينهم، كما يجب على القطاع الخاص أن يدعم هذه البرامج في مساعدة المعوقين من الجنسين الراغبين في الزواج وتقديم المساعدات المادية والمعنوية وتذليل الصعوبات في بناء أسر جديدة في المجتمع. لا يوجد نظام خاص لتزويج ذوي الاحتياجات الخاصة سعود سلامة الشراري مأذون أنكحة من منطقة القريات يقول ليس في نظم وزارة العدل طريقة مختلفة في زواج المعاقين أو سليمي الجسد، فالطريقة واحدة وتشمل الجميع ولا فرق بين عقد نكاح سليم أو معاق من ذوي الاحتياجات الخاصة سواء كان في كيفية العقد أو نوعية الأوراق والمعاملة، فعند عقد القران يجب حضور الزوج والزوجة والولي والشهود، ولكن في حال عقد قران المعوقين يعتمد مأذون الانكحة على اجتهاداته الشخصية كأن يطلب وقت عقد القران شهادة أشخاص قريبين من الزوجة المعاقة كالإخوان والأعمام والأخوال للتأكد من نوعية إعاقتها وتعتمد على ذمتهم في الشهادة وهم يتحملون مسؤوليتهم في عدم غش الزوج بإعاقة مغايرة لما هي حال الزوجة عليه، وبالنسبة للزوج يجب أن يخبر الفتاة الراغبة في الزواج سواء كان هي الأخرى معاقة أو سليمة بنوعية إعاقته والقبول بين الزوجين ورضاهما هو من أساسيات عقد القران، داعياً وزارة العدل بقوله: يجب أن تكون هناك العدل بطلب اللجنة الطبية في المستشفيات التي تقوم بالفحص قبل الزواج بالتعرف على نوعية إعاقات المقبلين على الزواج ونسبة انتقال الإعاقة إلى الأبناء، كما يجب أن تحدد الإعاقات الزوجية في عدم انتقال الأمراض الوراثية للأبناء. المواقع المتخصصة بالإعاقة خالد الغامدي مؤسس موقع متخصص زواج ذوي الاحتياجات الخاصة من الجنسين يقول أن موقعه لم يحقق التطلعات المأمولة، وذلك بسبب ضعف الدعم الإعلامي من قبل وسائل الإعلام المختلفة للتعريف به ودعمه ومن ثم قلة الرواد من الجهات المحتاجة لمثل هذا الموقع، مشيراً الى أن عدد الحالات التي استطاع الموقع الإسهام في تقريب الراغبين في الزواج تجاوز (200) حالة، حيث تم إعطاء الشباب الراغبين في الزواج أرقام أولياء أمور الراغبات في الزواج ولكن ما تم زواجهم فعليا منذ إنشاء الموقع قبل 4 سنوات حوالي (20) حالة زواج. الإنسانية قناة فضائية جديدة يبدأ في شهر سبتمبر المقبل بداية بث القناة الفضائية المتخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة (الإنسانية) وسينطلق بثها من الرياض، وتم تخصيص هذه القناة لمخاطبة هذه الفئة من المجتمع أو كل من له علاقة بهذه الفئة في المجتمع على اختلاف إعاقاتهم. وجاء اختيار مسمى الإنسانية من مسمى مملكة الإنسانية وهي قناة غير ربحية تتخذ شعار نحو مجتمع واحد وهي قناة توعية تقدم برامج متنوعة وتناقش قضايا ومشكلات المعوقين وتقدم البرامج الثقافية والرياضية والترفيهية والإخبارية. وتهدف القناة إلى تنمية روح المسؤولية الاجتماعية وإعلاء ثقافة التكافل الاجتماعي وروح الجماعة وتنمية روح الإبداع لدى هذه الشريحة واكتشاف المواهب ودعمها ورعايتها وإطلاق الطاقات الفكرية لديهم وتقديم أساليب علمية وتربوية حديثة ومتطورة في قواعد التعامل معهم في مختلف حالات الاعاقة.