يتنافس على رئاسة الوزارة الإسرائيلية أربعة أحزاب، أولها حزب كاديما الذي ترأسه وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، وثانيها حزب تجمع الليكود الذي يرأسه رئيس الوزارة الأسبق بنيامين نتنياهو، وثالثها حزب العمل الذي يرأسه وزير الدفاع أيهود باراك، ورابعها حزب إسرائيل بيتنا الذي يرأسه أفيجدور ليبرمان. احتدت المنافسة على رئاسة الوزارة الإسرائيلية بين حزب كاديما وبين حزب تجمع الليكود واتضح للحزبين الآخرين العمل وإسرائيل بيتنا أن لا أمل لهما في رئاسة الوزارة الجديدة، فبادر أيهود باراك إلى الإعلان بأن حزب العمل لن يشارك في الوزارة الائتلافية القادمة، وسيواصل ممارسته السياسية من مواقع المعارضة، وكذلك يشترط أفيجدور ليبرمان تغيير النظام الانتخابي للاشتراك في الحكومة الائتلافية القادمة مما يصعب على الفائز تشكيل الحكومة الجديدة على أساس الائتلاف بين الأحزاب المختلفة. نستطيع أن نقول بأن الانتخابات الإسرائيلية قد فشلت في حسم النزاع السياسي بين حزب تجمع الليكود اليميني المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو، وحزب كاديما المنتمي إلى يمين الوسط بزعامة تسيبي ليفني، مما زاد من غموض الموقف السياسي في داخل إسرائيل بصورة لا يمكن معها الجزم بمن سيقوم بتشكيل الوزارة الائتلافية الإسرائيلية القادمة خصوصاً وأن الأحزاب السياسية المختلفة تضع شروطاً مسبقة مقابل اشتراكها في الائتلاف الوزاري. أظهرت النتائج حصول حزب كاديما على 28 مقعداً من مقاعد الكنيست «البرلمان» المكونة من 120 مقعد، بفارق مقعد واحد عن حزب تجمع الليكود الذي حصل على 27 مقعداً فقط، وحصل حزب إسرائيل بيتنا العلماني المتطرف على 15 مقعداً محققاً بذلك أفضل النتائج الانتخابية في تاريخه، وحصل حزب العمل الذي ينتمي إلى اليسار الوسط على 13 مقعداً فقط، ويمثل ذلك أسوأ النتائج التي حققها حزب العمل في تاريخه السياسي. من ناحية أخرى حققت الأحزاب العربية المفاجأة بحصولها على 11 مقعداً من مقاعد الكنيست ولكنها ترفض الانضمام إلى تسيبي ليفني وحزب كاديما لتشكيل الائتلاف الوزاري، كما يرفض حزب كاديما التعاون مع هذه الأحزاب العربية على الرغم من أنه غير قادر أو مؤهل لتشكيل الحكومة الائتلافية لأن الفرصة متاحة بصورة أكبر لبنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة الإسرائيلية الائتلافية لأنه يحظو بدعم كامل من الأحزاب اليمينية في الكنيست التي حصلت على 65 مقعداً مقابل 55 مقعداً حصلت عليها أحزاب يسار الوسط. سارعت تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما إلى إعلان فوزها في الانتخابات التشريعية بعد أن اتضحت إرادة الشعب، ووجهت الدعوة إلى منافسها بنيامين نتنياهو لمشاركتها في تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بعد أن اتضح رأي الشعب، غير أن بنيامين نتنياهو أعرب عن ثقته بأنه سيشكل الحكومة الائتلافية الجديدة لأن رأي الشعب يقف إلى جانب حزب تجمع الليكود من خلال ما حصلت عليه الأحزاب اليمينية من مقاعد في الكنيست.. واعتبر أفيجدور ليبرمان أن احتلال حزب «إسرائيل بيتنا» المركز الثالث يجعل منه حجر الزاوية في تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة مؤكداً أنه يُفضل الانضمام إلى التيار اليميني الوطني، واشترط أن تكون من مهام هذه الحكومة الجديدة القضاء على حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة رافضاً أي تفاوض معها. بدأت مشاورات الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز مع قادة الأحزاب السياسية في إسرائيل لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة، وأعلنت المتحدثة باسم رئيس الدولة بأن هذه المشاورات ستبدأ مع حزبي كاديما وتجمع الليكود، ثم يتبعها مشاورات مع الأحزاب الأخرى، وعلى الرغم من أن الرئيس يلجأ دائماً إلى تكليف أقوى الأحزاب في الكنيست بتشكيل الحكومة حتى تحصل على ثقة البرلمان ولكن في هذه المرة تظل فرصة تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما محدودة للغاية في تشكيل الحكومة الجديدة، واحتمال نجاحها أقل بكثير من احتمال نجاح بنيامين نتنياهو زعيم حزب تجمع الليكود في تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة طرح في نفس الوقت حزب إسرائيل بيتنا الذي يتزعمه أفيجدور ليبرمان شروطاً مشددة حول قضية الدين والدولة من أجل الموافقة على الدخول في الائتلاف الوزاري، وأوضح هذه الشروط راديو صوت إسرائيل بمطلبين رئيسيين أولهما تغيير طريقة الحكم في إسرائيل الذي يتضمن النظام الانتخابي في إسرائيل، وثانيهما اعتماد إدخال إصلاح جوهري في قضية الزواج المدني بعيداً عن اعتناق الديانة اليهودية. من الواضح أن الاتجاه صوب اليمين بزعامة بنيامين نتنياهو سيقضي على كل الاتجاهات الرامية إلى مفاوضات السلام مع الفلسطينيين أو مع جيرانها العرب خصوصاً بعد الحرب التي قامت بها إسرائيل على قطاع غزة في الشهر الماضي ولاشك أن هذا الاتجاه اليميني سيعثر الوصول إلى السلام في منطقة الشرق الأوسط بصورة تلغي الجهود الدولية سواء في ثوبها الأوروبي أو في ثوبها الأمريكي لأن إسرائيل غير جادة في الوصول إلى السلام مع الفلسطينيين والعرب. في الحقيقة نحن لا نفرق بين قادة إسرائيل وأحزابها المختلفة لأنها جميعاً تلتقي وتتفق على ممارسة المزيد من العدوان والحروب في حق الشعب الفلسطيني وضد شعوب منطقة الشرق الأوسط، فلقد جربنا الحكم الإسرائيلي على مدار 17 عملية انتخابية ومن خلال 34 حكومة صهيونية منذ قيام إسرائيل في سنة 1948م وكان موقفها جميعاً القتل والتدمير وشن الحروب أو التفكير بحروب جديدة ضد الفلسطينيين والعرب، ومن الخطأ التفرقة بين قادة الأحزاب الإسرائيلية فكلهم إرهابيون ويسعون إلى تطوير الإرهاب حتى تقوم الدولة اليهودية الكبرى على كل أرض فلسطين مما يجعل القيادات الصهيونية بأحزابها المتطرفة تجدول أعمالها بما يحقق العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين والعرب.